تفاجأت الزرافات الطويلات عندما وُلدت زرافة غريبة. كانت هذه الزرافة ذات عنق قصير. وبما أن كلّ الزرافات لهن عنق طويل فقد كان هذا الأمر غريبا على الزرافات.
ذهبت الزرافة القصيرة "ظريفة" لكي تلعب مع صديقاتها الصغيرات، لكنهن رفضن اللعب معها.
ثم ذهبت لتأكل بعض أوراق الأشجار مع زرافات أخريات في المنطقة، لكنها لم تستطع الوصول إلى الأوراق الزاكية بسبب عنقها القصير وعندها ضحكت عليها الزرافات فشعرت بحزن شديد.
وعندما طلبت "ظريفة" الانضمام إلى الزرافات الكبيرات في رحلة البحث عن الطعام لأطفالهن الصغار قالت لها إحدى الزرافات: يا ظريفة اللطيفة، أنت لا تستطيعين، لأن عنقك قصير.
ثم ذهبت إلى أبيها وسألته:
لماذا يهرب مني الجميع ولا يوافقون على اللعب معي؟
فقال لها: هم الذين سوف يخسرون، وليس أنت يا عزيزتي.
سألته: لكن، ألست جميلة يا أبي؟
فقال لها والدها "زروف": بل أنت أجمل الأطفال يا زرافتي الصغيرة...
وذات يوم اشتدّ الحر، وشعرت جميع الزرافات بالعطش.
وبدأت الزرافات يبحثن عن الماء، فلم يجدن.
حاولت الزرافات أن تأكل بعض أوراق الأشجار بدلا من الماء، لكن الأوراق كانت صفراء يابسة.
جاعت الزرافات وعطشن وقررن السفر إلى الوعر المجاور للبحث عن الماء.
وقفت زعيمة الزرافات تفكر بحل لكي تنقذ الزرافات الأخريات.
تقدمت الزرافة ظريفة إلى الأمام فمنعها الزعيم من التقدم.
قالت له: دعني فربما أساعدكم.
فقال لها: أيتها الزرافة ظريفة، هذه نكتة لطيفة. صحيح انك امرأة ظريفة، لكن، كيف تنقذيننا وأنت أقصر الزرافات... فحزنت الزرافة ظريفة حزنا شديدا وكادت تبكي، لكنها لم تستطع بسبب الجفاف والحر الشديد.
بعد قليل شاهدت الزرافات من بعيد نبعًا فيه ماء يلمع وشاهدن فيه صورة السماء الزرقاء.
فسارت الزرافات على الأقدام باتجاه الماء لكي يشربن منه، وإلا فسوف يسقطن على الأرض من شدة التعب والعطش والجفاف.
وصدمت الزرافات عندما وجدن قبل النبع بقليل جسرا منخفضا.
حاولت الزرافات الكبيرات المرور من تحته، لكنهن لم يستطعن. فالزرافات صاحبات الأعناق الطويلة لا يستطعن الدخول من تحت الجسر المنخفض.
تقدمت الزرافة ظريفة ودخلت من تحت الجسر بسهولة، لأن عنقها الطويل لم يمنعها من الدخول.
وصلت الزرافة ظريفة إلى المياه النظيفة وأخذت دلوا كبيرا وملأته ماء ثم عادت إلى الزعيم وأعطته الماء.
الزعيم الذي كان حلقه جافا ولسانه أبيض من شدة العطش وجلده يكاد يسقط عنه من الجفاف سألها: الزرافة ظريفة، ألا تريدين أن تشربي أنت أوّلا...
أجابته: أنا أحضرت الماء لأهلي وأصدقائي وأحبائي.
حتى الذين لم يلعبوا معك؟
نعم.. كلهم أهلي وأحبابي...
اقتربت جميع الزرافات من الزرافة ظريفة وشكرنها لأنها أنقذت حياتهن.
نظرت الزرافة ظريفة إلى والدها زروف وغمزته بعينها ثم عادت إلى النبع وشربت حتى ارتوت.
وعندما عادوا إلى البيت صار الجميع يلعبون مع الزرافة ظريفة ولم ينتبهوا بان لها عنقًا قصيرًا.
لمزيد من قصص نادر أبو تامر يمكنكم الدخول إلى الموقع على العنوان:
nader.bettna.com
للمراسلة naderabutamer@gmail.com
بقلم نادر أبو تامر
الأثنين 26/5/2008