رئاسة الحكومة للحريري ... شرط التزكية السعودية



ميشال سليمان لـ«السفير»: الإنقاذ والبناء مهمة الجميع لا مهمة فرد * عـون يقـرّر التصويـت لـ«حامـل الأمانـة» ... ومسيحيو الموالاة بين رافـض ومؤيـد ومتردد *  
  
 

لليوم الثاني على التوالي، ظلّت الفرحة اللبنانية غامرة واستمر تدفق التهاني والتحيات من كل حدب وصوب، فيما الجميع يحاذر الاقتراب من الأسئلة الصعبة المتصلة بمرحلة ما بعد «إعلان نوايا الدوحة».
ولكن «المطابخ» لم تهدأ. في بيروت، كما في غيرها من العواصم المعنية، ولعل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ومن ثم جلسة أداء القسم الدستوري بعدها، مساء يوم الأحد المقبل، ستبيّن مجدداً، حجم التقاطعات الدولية والإقليمية التي صبّت عند القطريين، الذين بادروا الى ملء الفراغ الناتج من تعطل أدوار الآخرين، وفي الوقت نفسه، الاستفادة من قدرتهم على إيجاد تقاطعات بين متخاصمين، لا يستطيع أحد غيرهم، أن يؤمنها، بسبب مروحة علاقاتهم الواسعة والمتنوعة والمتوازنة والمتعددة الوجهات والطموحات.
ومن المتوقع أن تتحول جلسة الانتخاب وأداء القسم الى جلسة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية في لبنان، إذ سيشارك فيها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة (الذي سيلقي كلمة في الجلسة) ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بالإضافة الى رؤساء برلمانات عربية وأوروبية وإسلامية وعدد كبير من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، وخاصة المشاركة دولهم في «اليونيفيل»، بالإضافة الى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وأعضاء اللجنة الوزارية العربية، فيما يتجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لزيارة بيروت في الأسبوع المقبل من أجل تهنئة العماد سليمان بانتخابه ولقاء عدد من المسؤولين اللبنانيين.
وفيما كان المرشح التوافقي يأمل أن ينال من الأصوات ما يكرّس الإجماع الذي تبدى عربياً ودولياً ولبنانياً منذ شهور وما يزال، فإن المؤشرات الأولى، تبين أن «القوات اللبنانية» ستطلب من كتلتها النيابية (خمسة نواب) طرح مسألة التعديل الدستوري قبل الانتخاب، وهو الأمر الذي سيكون مكملاً للتحفظ الذي أبداه سمير جعجع على الاتفاق، على أن تقرر بعد ذلك موقفها من التصويت لسليمان أو بالورقة البيضاء.
ولم يحسم عدد من مسيحيي الموالاة موقفهم باستثناء النائب بطرس حرب الذي اعتبر طريقة الانتخاب نوعا من الهرطقة الدستورية، وقرر التصويت بورقة بيضاء، فيما حسم رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أمره وكتلته لجهة التصويت، وكذلك كتلة المستقبل وكتلة التكتل الطرابلسي، بالإضافة الى جميع كتل المعارضة.
وقال قائد الجيش العماد ميشال سليمان لـ«السفير» إنه يضع نصب عينيه مهمة صيانة لبنان وحفظه وأن يسهر على تطبيق الدستور من أجل العبور بالبلاد الى مرحلة الأمان في ظل ما نشهده حولنا من تحولات، تجعلنا أكثر مسؤولية من أي وقت مضى بأن نسعى الى عدم اللعب بأمن الوطن واستقراره السياسي والاقتصادي.
وقال سليمان إنه سيحاول لعب الدور الذي لطالما قام به منذ أن تبوأ مسؤولية قيادة المؤسسة العسكرية، وقال «أنا وحدي لا أستطيع إنقاذ البلد. هذه مهمة الجميع. مهمة المواطنين قبل السياسيين. أنا أرغب في أن يقتنع السياسيون بتوافر إرادة سياسية جامعة لتحقيق شراكة وطنية حقيقية، أو عقد سياسي جماعي لبناء وطن ودولة للجميع. فلا طرف وحده يمكنه بناء الوطن، بل الإرادة السياسية الجماعية تبني الوطن، وكذلك توافر النية الصادقة للعمل من أجل إنقاذ البلد».
وأكد سليمان أن الأمن ليس بالعضلات، بل بالإرادة السياسية المشتركة، وعلينا أن نحصّن أنفسنا أمنيا وسياسيا بالوحدة الداخلية حتى نتكيف مع المتغيرات الإقليمية، فإن كانت إيجابية حيال لبنان نواكبها مجتمعين، وإن كانت سلبية نواجهها مجتمعين أو نسعى الى تحييد بلدنا قدر الإمكان.
وتلقى العماد سليمان، أمس، اتصالات هاتفية لتهنئته، كان أبرزها من رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي أبلغه كل دعمه له وأن جميع أعضاء تكتل التغيير والإصلاح سيشاركون في انتخابه، وقال له «إن الأمانة أصبحت بين يديك» (يذكر أن عون سيستقبل اليوم القائمة بأعمال الولايات المتحدة الأميركية ميشال سيسون).
وعلمت «السفير» أن قائد الجيش توافق مع الرئيس بري، على أن يكون يوم الاثنين المقبل، «يوم إجازة» بسبب عيد التحرير من جهة، ومن جهة ثانية لاستقبال الضيوف العرب والأجانب في القصر الجمهوري، وكذلك الشخصيات والوفود التي ستهنئ رئيس الجمهورية، على أن يبدأ رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديد يوم الثلاثاء المقبل، وينهيها في يوم واحد، على أن يبدأ رئيس الحكومة المكلف استشارات التأليف، يوم الأربعاء المقبل.
وفي موضوع الحقائب والأسماء، تردد أن هذه العملية لن تأخذ وقتا طويلا، خاصة أن الجانب القطري أخذ على عاتقه مع اللجنة العربية والجامعة العربية الإشراف عليها ومواكبتها من بيروت، في ظل منحى لإعادة الاعتبار للجنة قانون الانتخاب حتى تتولى مهمة تذليل العقبات المشتركة وصولا الى تكليفها بعملية صياغة مسودة البيان الوزاري.

 

من هو رئيس الحكومة الذي سيكلف؟

حتى الآن، لم يصدر الدخان الأبيض من العاصمة السعودية المعنية الى حد كبير بحسم هذا الأمر، علماً بأن النائب سعد الحريري انتقل أمس الأول، من الدوحة مباشرة الى السعودية للقاء عدد من المسؤولين السعوديين، على أن يعود الى بيروت في غضون الساعات المقبلة.
وفيما تحفظت أوساط قريبة من الحريري على الإجابة عن أية أسئلة متعلقة بتسمية رئيس الحكومة المقبل، فإن أوساط رئيس الحكومة فؤاد السنيورة نقلت عنه قوله انه تعب كثيرا ويريد أن يرتاح، وأن جل همه تطبيق ما تم الاتفاق عليه.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية متابعة للملف اللبناني لـ«السفير» إن مسألة رئيس الحكومة لم تحسم حتى الآن في الدوائر المعنية، وعلى الأرجح، فإنها ستبت خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة، في ظل أرجحية معقودة حتى الآن للنائب الحريري، إلا إذا برزت معطيات تصب في غير هذا الاتجاه.
وقالت المصادر نفسها إن هناك فكرة متداولة على نطاق ضيق حتى الآن لجهة تشكيل حكومة ثلاثينية تضم جميع أقطاب الحوار، من دون كسر قاعدة النسب، الأمر الذي يحوّل الحكومة الجديدة الى هيئة حوار وطني برعاية رئيس الجمهورية ورئاسته، غير أنها أشارت الى أن شرط قيام حكومة من هذا النوع هو أن تكون بالضرورة برئاسة النائب سعد الحريري.
وفي موضوع البيان الوزاري، قالت أوساط مقربة من قائد الجيش إنه سيرتكز على روحية اتفاق الدوحة، وأن المهمة التي يجب أن يضطلع بها الجميع في المرحلة المقبلة هي اللملمة، وشددت على أن رئيس الجمهورية سيأخذ على عاتقه مهمة إدارة الحوار اللبناني في القصر الجمهوري، على أن يتم تثبيت ما تم الإجماع عليه ووضع آلية لتنفيذه، تمهيدا للانتقال الى جدول أعمال جديد يأخذ في الاعتبار القضايا الخلافية بين اللبنانيين.
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«السفير» إنه بعد انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة، سيبادر الى وضع آلية نيابية لتطبيق البند المتعلق بالقانون الانتخابي، كما تم التوافق عليه في الدوحة، وأشار الى أن اللجان النيابية ستنطلق قريبا في نقاش المشروع الانتخابي، على أن تنجز مهمتها في توليد القانون في أقرب وقت ممكن.
وعلم أن هناك توجهاً على هامش اتفاق الدوحة للأخذ بالبنود الإصلاحية التي تضمنها مشروع الهيئة الوطنية للقانون الانتخابي برئاسة فؤاد بطرس، ومنها موضوع تنظيم الإعلان والإنفاق الانتخابي، بالإضافة الى خفض سن الاقتراع الى 18 سنة و«الكوتا» النسائية الخ...
الجدير ذكره أن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، سيطل يوم الاثنين المقبل بدلا من الأحد حيث تقرر تأجيل الاحتفال بالذكرى الثامنة لعيد التحرير بسبب تزامنه مع جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في مجلس النواب.
ومن المتوقع أن يضمن السيد نصر الله خطابه موقفاً من القضايا المطروحة، وخاصة تداعيات الأحداث الأخيرة.

الجمعة 23/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع