عزمني "ابو رافع" على فنجان قهوة الصباح وعلى فطور "ملوكي" على حد تعبيره. ومن معرفتي القديمة به ادركت ان في نفسه كلاما ويريد الدردشة معي، استقبلني ببشاشة وبالقول "حماتك بتحبك، تفضل على الميسور"، وعلى طبق القش رتبت ام رافع صحون الفطور – صحن زعتر بزيت الزيتون وصحن زيتون اخضر مرصوص وصحن لبنة مزقلطة وصحن فلفل شطة مطحون مع زيت زيتون وجاط كبير مملوء بالفول المهموس والمدمس وفحل بصل حراقي، قلت لأبي رافع، "يا قاروط العزا، من يأكل على الفطور فلفل شطة "ذنب القط" اللي بهري المصارين على الفطور"!! قال، هذا الفلفل كله منافع، يفتح الشهية على الاكل ويفتح الدماغ ويطلق اللسان على الحكي، وله منافع اخرى!! وعلى فنجان القهوة بادرته بالحديث قائلا، ما رأيك في جولة بوش، الا ينطبق عليه المثل "تيتي تيتي مثل ما رحتي اجيتي" ولم يحقق أي انجاز يخدم مصلحة شعبنا الفلسطيني! قال، امس بعد صلاة الظهر في الجامع رحت ما اعلق في طوشة مع بعض المشايخ، احد المشايخ استفزني قائلا ما رأيك يا قاروط الا ترفع حماس الرأس بموقفها الوطني!! فقلت له، القاروط ليس غبيا، ولا شعبنا بالغبي، بجره الى تحديد موقف من سؤال تضليلي يخلط اوراق الصراع، فمحك الوطنية هو الموقف الذي يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال الاسرائيلي وسنده الامريكي ومن اجل تحرره واستقلاله الوطني، ومصلحة كفاح الشعب الفلسطيني في وحدته المتمسكة بثوابت حقوقه الوطنية لا بطعن قلب هذه الوحدة بسكين تمزيق هذه الوحدة كما فعلت حماس بانقلابها على الشرعية الفلسطينية في قطاع غزة. وانقسم المصلون من مشايخ الى قسمين، احدهما يدعم الشيخ الاصولي وآخر يدعمني، واحتد النقاش حتى تحول الحوار الى ما يشبه طوشة عمومية، وبصراحة يا عزيزي لم أنم ليلة الامس ركبتني الهواجس، اردت ان اصرخ في منامي القاروط ليس غبيا لا يا بجم العقول المغلقة. منذ ان اعلن جنرال المجازر والاستيطان عن باعادة الانتشار في قطاع غزة وسحب قواته وقطعان المستوطنين من القطاع اعيش في دوامة من القلق والهواجس بخصوص مصير شعبنا، ويلاحقني ويطاردني السؤال حتى يومنا هذا، ألم يكن قرار شارون اعادة الانتشار في غزة جزءا عضويا من المخطط التآمري لمحور الشر الاسرائيلي – الامريكي لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة على جميع الاراضي المحتلة منذ السبعة والستين وعاصمتها القدس الشرقية، وان عملية الانسحاب كانت المقدمة لدس السم الامريكي في دسم الحقوق الوطنية الفلسطينة المقدمة لاعلان بوش عن اقامة دولة فلسطينية بجانب اسرائيل!! الهاجس الذي يطاردني أليس المقصود من رؤية بوش المنسقة مع الاحتلال الاسرائيلي اقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة وبعض المواقع في الضفة الغربية الى جانب امبراطورية الابرتهايد الاسرائيلية التي تشمل اضافة الى اسرائيل الغالبية الساحقة من اراضي الضفة الغربية، أليس النشاط الاسرائيلي في مسابقة الزمن بتسريع وتيرة الاستيطان لتهويد القدس الشرقية وامتداد اذرع الاخطبوط الاستيطاني وبناء جدار الضم والعزل العنصري، اليس كل هذا يدفع باتجاه جريمة تعميق جرح النكبة الفلسطينية وتحضير المناخ لانفجار انتفاضة فلسطينية ثالثة؟ ما رأيك في هذا الموضوع، قلت، اولا انا لا اعتبر ان القاروط غبي، وانا لست من قبيلة البجم، هواجسك يا صديقي في محلها ولا ننتظر غير الاذى والجرائم واغتصاب الحقوق الشرعية من محور الشر الاسرائيلي – الامريكي. السؤال الذي يجب ومن المفروض ان يطرح على البساط الفلسطيني وعلى جميع انصار حقوقه الوطنية هو ما العمل لافشال مؤامرة محور الشر وانجاز الحق الوطني الفلسطيني بالحرية والاستقلال الوطني، ورسالة الحق الفلسطيني المغتصب، رسالة دماء الالوف المؤلفة من شهداء وجرحى النضال التحرري، رسالة حوالي خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في شتات المعاناة وفي مخيمات اللجوء القسرية، رسالة تسعة ملايين فلسطيني يعانون مآسي المعاناة والاضطهاد والاحتلال في مختلف اماكن تواجد هذا الشعب، رسالة كل هؤلاء تطالب باعادة لحمة الوحدة الوطنية الفلسطينية المتمسكة بثوابت الحقوق الوطنية، فبدون انجاز هذا الحق لا امن ولا استقرار ولا سلام في المنطقة. يسلموا ايديك يا ام رافع على المدمس، شفناكوا بخير يا قاروط العزا.