السفير - باهر كمال - بروكسل : عقد وزراء الزراعة في الاتحاد الأوروبي أمس الاول اجتماعا طارئا في بروكسل، لمناقشة الزيادة الحادة في أسعار الأغذية والمنتجات الزراعية وكيفية التخفيف من وطأتها. واتفق الوزراء على إدراج الحاجة إلى النظر في معالجة قضية الغلاء على قائمة التعديلات المزمع إدخالها على «برنامج السياسة الزراعية المشتركة» للكتلة الأوروبية، والتي تعرضها اليوم مفوضة الزراعة ماريان فيشر على البرلمان الأوروبي للبدء في مناقشتها. ويبدو أن التعديلات المقترحة على السياسة الزراعية المشتركة تتضمن أساسا إلغاء حصص إنتاج الحليب، ورفع القواعد المفروضة على إراحة الأرض. إذ تريد المفوضية تحرير ما بين أربعة إلى خمسة ملايين هكتار من الأراضي، وإعادتها إلى الزراعة. كما تريد زيادة حصص مشتقات الحليب، التي وضعت في العام 1984 للحد من الإنتاج في تلك الفترة، «تدريجياً»، قبل إلغائها النهائي في العام .2015 وكان قد تقرر زيادة هذه الحصص بنسبة 2 في المئة هذا العام. والمعروف أن السياسة الزراعية الأوروبية تعتمد حاليا على تقييد الإنتاج لتفادي تراكمه دون بيعه، لاسيما أن الاتحاد الأوروبي يخصص ميزانية عالية لدعم المزارعين للمحافظة على مستوى الأسعار التنافسية لمنتجاتهم في الأسواق العالمية. وكانت المفوضية الأوروبية اقترحت العام الماضي إدخال سلسلة من التعديلات، تمس الدعم المالي المقدم للمزارعين، لكن فرنسا وألمانيا وعددا من دول وسط وشرقي أوروبا الأعضاء في الاتحاد، عارضت بشدة وقف الدعم أو إعادة تحجيمه، لاسيما في ما يخص كبار المزارعين. ويذكر أن الاتحاد الأوروبي يدعم مزارعيه بما يعادل 50 مليار دولار سنويا، ويوفر لهم حدا أدنى لأسعار منتجاتهم، ويفرض رسوما جمركية على عدد من المنتجات الزراعية المرخص استيرادها. ويمثل هذا المبلغ نحو 45 في المئة من ميزانية برنامج السياسة الزراعية المشتركة. كما من المتوقع أن تثير التعديلات المقترحة على برنامج السياسة الزراعية المشتركة جدلا حادا بين الدول الأعضاء، لتسيطر على أولويات الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي، التي تبدأ في الأول من تموز المقبل. ففيما تدافع فرنسا عن مصالح مزارعيها، وهم المستفيدون الأكبر من دعم القطاع الزراعي، تعترض بريطانيا على محاولات تمييع التعديلات الرامية إلى إعادة النظر في مخصصات الاتحاد لدعم المزارعين. ورددت صحف بريطانية أن وزير المالية البريطاني اليستير دارلينغ طالب مؤخرا بإلغاء الدعم المالي المباشر وغيره من العناصر في السياسة الزراعية المشتركة، التي وُضعت بغية المحافظة على أسعار المنتجات الزراعية الأوروبية دون أسعار الأسواق العالمية. كل ذلك يحدث، في وقت تعلو فيه أصوات الخبراء محذّرين من أن الدعم الذي تقدمه أوروبا وواشنطن لقطاعهما الزراعي، والذي يقدر بنحو مليار دولار يومياً، يتسبب في خفض إنتاج الغذاء في العالم وارتفاع أسعاره. في المقابل علت أصوات في ألمانيا تعارض وقف الدعم أو تقليصه. ومن ناحية، وفي وجه الآراء التي تبرر ارتفاع الأسعار بزيادة الطلب خاصة من القوى الاقتصادية الناشئة كالصين، قالت زعيمة الحزب الأخضر الألماني رينات كوياست أن دعم الاتحاد الأوروبي لقطاعه الزراعي يتحمّل جزءاً من المسؤولية في قلة الإنتاج الغذائي، ونادت بوقفه وبإلغاء قروض التصدير المقدمة للقطاع الزراعي. وجزمت بأنه لولا أن الاتحاد الأوروبي قد خفض أسعار منتجاته الزراعية بفعل الدعم، لكان صغار المزارعين في البلدان النامية سينتجون ما يحتاجونه من طعام. لكن من ناحية أخرى، اعتبر مدير المنظمة غير الحكومية الألمانية «فوود ووتش»، ثيلو بود لوكالة «انترناشيونال برس سيرفيسز»، أن مزارعي البلدان النامية يعجزون عن منافسة المنتجات الزراعية التي تدعمها أوروبا، ما يقضي، خاصة، على صغار المزارعين فيها وإنتاجهم. فإذا كان الأمر كذلك، لماذا تشكو أوروبا من ارتفاع أسعار الغذاء والمنتجات الزراعية؟!