لا تقولوا سيأتي يوم، اجلبوا هذا اليوم



*سنوات دولة إسرائيل الـ60 التي مرّت هي 60 سنة من الفرص المهدورة، والنضالات لأجل السلام، والدمقراطية، والمساواة*

تأسيس دولة إسرائيل قبل 60 عامًا، ونكبة الشعب الفلسطيني، التي حوّلت جزءًا أساسيًّا من هذا الشعب إلى لاجئين- هما وجهان للتاريخ لا ينفصلان، ذلك التاريخ الذي كان من الممكن أن يكون مختلفًا، لو أقيمت في العام 1948 ذاته الدولة الفلسطينية المستقلة.
الشيوعيون اليهود والعرب، الذي ناضلوا بشروط صعبة جدًا وبشكل شبه سري ضد الانتداب البريطاني ومن أجل استقلال البلاد، أيّدوا قرار الهيئة العامة للأمم المتحدة الصادر في تاريخ 29 تشرين الثاني من العام 1947، والذي ينص على إقامة دولتين على أرض فلسطين الانتدابية. منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، يواصل الحزب الشيوعي الاسرائيلي دعمه غير المتغير لحق كل شعب من شعبي البلاد، اليهودي والعربي الفلسطيني، بتقرير المصير. منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، يواصل الحزب الشيوعي نضاله من أجل تحقيق سلام إسرائيلي- فلسطيني عادل وثابت، يستند إلى إقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وعلى حل قضية اللاجئين وفق قرارات الأمم المتحدة. سوف يستكمل استقلال اسرائيل عندما تُقام فلسطين المستقلة إلى جانبها.
القيادة الصهيونية في فترة الانتداب وحكومات إسرائيل في أعقاب ذلك منعت إقامة فلسطين المستقلة إلى جانب إسرائيل. في العام 1948، وفي حرب حزيران عام 1967، عملت على تطبيق المبدأ الشوفيني القائل بـ"الحد الأقصى من الأرض والحد الأدنى من العرب". خلال الحرب عام 1948، دمّر الجيش الاسرائيلي 450 قرية وطرد مئات آلاف الفلسطينيين من بيوتهم. خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي الـ41، ذلك الاحتلال الذي بدأ في العام 1967، لم يكف الجيش الإسرائيلي عن زرع الدمار وعن قطع حياة آلاف الفلسطينيين.
الرفض المبدئي والعملي لتطبيق قرارات هيئات الأمم المتحدة، بالانسحاب من كل الأراضي التي احتلت في العام 1967، وبتفكيك كل المستوطنات وبتحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني العادل، هو السبب الأساسي لانعدام السلام والأمن ولمواصلة سفك الدماء.
الامبريالية البريطانية قبل 60 عامًا والامبريالية الأمريكية اليوم، هي مقدّمة الدعم الاساسية لسياسة الاحتلال والضم التي تنتهجها حكومة اسرائيل. وفي المقابل تنمي الامبريالية الرجعية العربية، التي عارضت في السابق قرار التقسيم، واليوم، خدمة للسياسة العدوانية الأمريكية، تطور وتبني علاقات علنية وسريّة مع إسرائيل الرسمية، على الرغم من استمرار احتلال وقمع الشعب الفلسطيني وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية.
إنّ استمرار الاحتلال المرفق بالسياسة النيولبرالية المتطرفة، حوّل إسرائيل إلى دولة نظامها كولونيالي في الأراضي الفلسطينية. إلا أنّ لدى اسرائيل، في أرضها هي، نوع من انواع الكولونيالية الداخلية، تنعكس في التقاطب الاقتصادي- الاجتماعي المتطرف، المرفق بظوهر خطيرة من العنصرية والتمييز ضد المواطنين العرب.
إنّ ما يميّز الرأسمالية الاسرائيلية هو المعيار الكبير من عسكرة الاقتصاد والمجتمع، والاندماج المتزايد بعولمة الشركات الكبرى، والدمقراطية المتآكلة. منذ 30 عامًا، فإنّ الهيمنة السياسية في إسرائيل موجودة بالأساس بيد اليمين، بينما يتنازل اليسار الصهيوني عن برنامج الاجتماعي الدمقراطي ويلتحق بغالبيته باليمين المدعو بالمركز.
ولكن أيضًا في الشروط المعقّدة للواقع الاسرائيلي، فإنّ السنوات الستين الاخيرة كانت سنوات نضالات اجتماعية ودمقراطية هامّة، من نضالات العمال، والنضال ضد الحروب والاحتلال ومن أجل السلام العادل، والنضال ضد التمييز ضد النساء ومن أجل حماية البيئة. في تاريخ اسرائيل الاجتماعي سجّل البحارة وعمال مصنع آتا والمعلمات والممرضات والطلاب الجامعيون والمحاضرون وعمال الموانئ والسلطات المحلية وآخرون تاريخًا من النضال العنيد. المظاهرات الجماهيرية أرغمت عدّة حكومات على الاهتمام بإرادة الجماهير وعلى إقامة لجان تحقيق رسمية. الجماهير العربية، إلى جانب القوى الدمقراطية اليهودية، قادت معركة جماهيرية ضد الحكم العسكري، وضد مصادرة الأراضي وضد هدم البيوت، وضد نزع الشرعية عن المواطنين العرب وضد مخططات الترانسفير، وضد العنصري ومن أجل المساواة القومية والمدنيّة للجماهير العربية.
كان الحزب الشيوعي وسيبقى جزءًا لا يتجزأ ومحرّضًا في النضالات الطبقية، والاجتماعية، والدمقراطية، والبيئية. ويقترح الحزب على العمال، الذين هم الأغلبية الساحقة من الشعبين، رؤيا وطريقًا عمليًّا للحياة في سلام وأمن، ومساواة ودمقراطية، ورفاه اقتصادي وعدل اجتماعي.

تمار غوجانسكي
الجمعة 16/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع