رفاقي الأعزاء،
رغبتي بشكركم على جهودكم المباركة بإنجاح الجولة إلى قرية مسكة المهجرة، هي ما دفعتني إلى البدء بكتابة هذه الرسالة.
لكن لا، لن أشكركم!
تعلمت الحذر من كلمات المجاملة في النشاط السياسي، وبالخصوص من كلمة "شكرا" إذ فيها القدرة الخطرة على التفريق ما بين الشريك الحقيقي الذي يؤدي واجبه (ولا شكر له على ذلك) وبين المتعاطف الذي يسدي جميلا بعمله.
في مسكة تذكرت مقولة ثورية أحبها جدا: إن أتيت للتضامن معي، عد إلى بيتك، أما جئتني شريكا في نضال مشترك، فلنذهب معا..
فرحت في مسكة، لأنني لم أصطدم بمتضامنين مرهفي الحس، إنما بشركاء في نضال عنيد واحد: عرب ويهود، شبان وأقل شبابا، متدينون وشيوعيون، أتوا للتعرف على القصة الحقيقية للنكبة.
نكبة أم استقلال؟ جدل يتدهور دوما إلى تراشق للتهم، بل إلى جدل طرشان. ولكن في مسكة كانت هنالك جرأة كافية لتجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة محاسبة الذات.
محاسبة للذات؟ لا ليس صحيحا!
هذه المقولة سيئة ومسيئة: الانتقاد الذي سجله المربي عبد المنان شبيطة، أحد لاجئي القرية، ضد الرجعية العربية وأدائها ليس لونا من ألوان حساب الذات، إذ لا يربطه شيء بهذه الرجعية. الأمر ذاته صحيح بالنسبة للمؤرخ تدي كاتس. فهل يمكن اعتبار مناهضته للحركة الصهيونية ومؤامرتها بتنفيذ تطهير عرقي للعرب من البلاد شكلا من أشكال محاسبة الذات؟ وما له وللصهيونية؟ يا الله، كم كانت تلك المقولة قادرة على اهانة المتحدثين في مسكة.
أهي نكبة أم استقلال؟ لا مكان جدي لنزاع من هذا القبيل، لخّص النائب دوف حنين، الذي يشارك بزيارة القرية سنويا.
إنها نكبة الشعبين اللذين يدفعان ثمنا باهظا منذ عشرات السنوات جراء الصراع الزائد. إحياء ذكرى النكبة هام، انظر بالتاريخ والرموز، للاعتراف بالآخر وألمه ومن هنا لننتقل معا إلى المرحلة التالية: كيف نترجم عدم شعورنا بالراحة- على أقل تعبير- إلى عمل سياسي ونناضل معا من أجل حل عادل للصراع: الانسحاب حتى حدود الـ 67 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحل مشكلة اللاجئين وفق قرارات الأمم المتحدة وضمان المساواة المدنية والقومية للأقلية العربية في إسرائيل.
ليس ما ذكر مصلحة عربية فحسب، إنما مصلحة لليهود أيضا. عفوا، هذه أيضا جملة سيئة ومسيئة، وكأن هنالك مصلحة حقيقية لشعب معين تأتي على حساب الشعب المجاور!
- رفاقي الأعزاء، في جمعية "زوخروت" وفرع الحزب الشيوعي في تل أبيب،
مشاركتكم سهّلت على مهمة إقناع أبناء أخواتي الصغار بأن "ليس كل اليهود أعداء وأشرارا" وفي هذا تحصين لهم من داء العنصرية.. بفضل هذا أقول رغم كل شيء: شكرا!
أمجد شبيطة
الأربعاء 14/5/2008