لا يختلف اثنان ان اسرائيل الرسمية المشحونة حتى النخاع بالعنصرية العرقية وبسياسة الاستعلاء القومي الشوفينية وبحق القوة العسكرية العدوانية تشغل مكانا متقدما، في الصف الامامي من الانظمة الناشطة في استيراد وتصدير "براءات" و"اختراعات" و"اكتشافات علمية نظرية وعملية" في مجال التجارب الاجرامية ضد الانسانية والبشرية وضد الشعوب المغلوبة على امرها وتعاني الامرّين تحت وطأة جرائم طغاة الاحتلال.
لقد لفت الانتباه نشر خبر تناقلته وسائل الاعلام مساء امس الاول الاحد، ومدلوله ان الاحتلال الامريكي "يستكمل بناء جدار امني" في مدينة "الصدر" في العراق المحتل!! وحسب ادعاء الجنرال ميلانو مساعد قائد قوات الاحتلال الامريكي في بغداد "ان الجدار مساهم في تقليص اعمال العنف في العاصمة واتاح معاودة الانشطة الاقتصادية"!! وبناء جدران الضم والعزل العنصري تحت يافطة حماية امن المحتلين ومواجهة المقاومة الوطنية المشتعلة ضد المحتلين تحت يافطة مواجهة العنف والارهاب هي في الواقع طبعة اصلية للمحتل الاسرائيلي حق الامتياز باخراجها الى الوجود. ففي اطار تحالف محور الشر الاستراتيجي العدواني الامريكي – الاسرائيلي يستفيد ويتعلم كل طرف من تجارب طرف حليفه الفنون المخترعة في مجال قهر ارادة الشعوب المستضعفة والمحتلة وسبل مواجهة المقاومة للمحتلين. فقبل الحرب العدوانية الاستراتيجية الامريكية الاولى والثانية على العراق واحتلاله تدرب جيش الغزاة الامريكيين على كيفية مواجهة المقاومة في حرب الشوارع وفي الزقاقات وبين الاحياء السكانية والزواريب الضيقة في نابلس وطولكرم وجنين مستفيدا من خبرة المحتلين الاسرائيليين في مواجهة شعب الانتفاضة الفلسطينية، كما تعلم الامريكان من خادمهم وشريكهم الاسرائيلي في الجرائم ضد البشرية كيفية استخدام المدنيين الفلسطينيين من نساء وشيوخ واطفال كدروع بشرية في مواجهة المقاومين الفلسطينيين. وجرائم الحرب التي ارتكبها المحتل الامريكي وجنده ضد الشعب العراقي، ضد المدنيين واحيائهم السكنية والتي ادت الى قتل اكثر من مليون ونصف المليون عراقي وجرح اكثر من مليونين وتشريد اكثر من اربعة ملايين عراقي الى اللجوء القسري داخل وخارج العراق يعكس حقيقة ان النكبة العراقية نسخة جديدة من النكبة الفلسطينية التي يتحمل المسؤولية عنها التحالف الثلاثي الدنس – الامبريالية والصهيونية وبتواطؤ الانظمة الرجعية العربية المدجنة في حظيرة الولاء للامبريالية، وخاصة الامريكية.
واسرائيل الرسمية لا تنشط فقط في تصدير خبرتها في الجرائم الى حلفائها، بل تنشط كذلك في استيراد نماذج اجرامية تندرج في اطار جرائم الحرب ضد الانسانية من مصادر خارجية. فبناء جدار الضم والعزل العنصري الذي يبنيه المحتل الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية المحتلة ليس اكثر من منتج نظام الابرتهايد ابان النظام العنصري في جنوب افريقيا، كما ان حصار قطاع غزة اقتصاديا وتجويعيا وارتكاب المجازر ضد المدنيين والتهديد بالمحرقة النازية تعيد الى الاذهان معسكرات الاعتقال الجماعية والابادة الجماعية لعائلات بأكملها وممارسة سياسة الارض المحروقة، افظع الجرائم ضد البشر والشجر والحجر في المناطق المحتلة، كل ذلك يعيد الى الاذهان الممارسات النازية والفاشية ضد الشعوب في البلدان المحتلة وبضمنها ضد اليهود ايضا.
ولكن ما نود تأكيده ان لا الجدران العراقية الامنية ولا جدران الفصل العنصري ولا المجازر والجرائم ضد الانسانية التي يرتكبها المحتلون الامريكيون والاسرائيليون في العراق المحتل والمناطق الفلسطينية المحتلة تستطيع انقاذ المحتلين من مصيرهم المحتوم الى مزبلة التاريخ وارتفاع علم الحرية والاستقلال في بغداد والقدس الشرقية.
الثلاثاء 13/5/2008