جبهة عيلوط تحيي ذكرى مجزرة القرية بحفل مهيب حضره المئات



*بركة: مجزرة صفورية وقعت في إطار مخطط لطرد الفلسطينيين من كل المنطقة بعد اقتلاع قرية صفورية المجاورة ومنع أية مجموعة في العودة إليها كونها المركز السكاني الأكبر في المنطقة*  محاضرة قيمة للدكتور مصطفى كبها * شاهدان يرويان الحكاية *


شارك المئات من أبناء قرية عيلوط، مساء الأربعاء، في الأمسية الخاصة التي أقامتها جبهة عيلوط الديمقراطية، لإحياء الذكرى الستين للمجزرة الرهيبة التي نفذتها السلطات في القرية وراح ضحيتها 40 شهيدا في جولتين.
وقد عقدت الأمسية تحت شعار "لن ننسى ولن نصفح... لن نغفر ولن نسمح"، وافتتحت بالوقوف دقيقة صمت اجلالا لذكرى الشهداء، وشهداء الشعب الفلسطيني، ثم قرأ الأستاذ الشيخ حلمي حمد آيات من القرآن الكريم، وافتتح الأمسية الاستاذ خالد ابو راس، مؤكدا على ضرورة الحفاظ على الذاكرة، ورفع مستوى الوعي الوطني لدى الأجيال الناشئة، وقال إن هذه الذكرى تدعونا إلى التسامي فوق العائلية البغيضة: فرصاص القائد العسكري نسيم أردى رجالاً من جميع عائلات عيلوط ودون استثناء، تحسين واقع القرية الثقافي على مستوى فهم الذات والهوية الجماعية.

 

ثم ألقى الحاج خالد صالح طه، ابو الوليد، الذي عايش المجزرة، كلمة، استعرض فيها أحداث تلك المجزرة، التي أعقبت تهجير صفورية في منتصف شهر تموز (يوليو) من العام 1948، على يد فرقة من وحدة "غولاني" في الجيش الإسرائيلي.
وقال ابو الوليد، إن المجزرة جرت على دفعتين، الأولى كانت حين تم جميع 13 شابا من ابناء القرية وتم أخذهم إلى الكروم المجاورة في منطقة جبل العين، وهناك أطلق العسكر عليهم النار وسقطوا شهداء، وبعد ذلك، أوقف الجنود إحدى نساء القرية، وهي على جوادها في الطريق إلى الناصرة فأطلقوا عليها النار لتسقط هي الاخرى شهيدة.
وبعد ذلك بعدة أيام تم تجميع أهل البلد لتقع المجزرة الكبيرة في الزيتون، إذ تم أخذ 26 شابا، إلى الكروم، وهناك سقطوا شهداء برصاص الجنود، وختم كلمته مُشيداًً ببقاء وصمود عيلوط الأسطوري بعد الخسارة الفادحة التي لحقت بهم.  

 

وتحدث الحاج علي صبري أبو راس أبو صبري عن مرارة تلك الأوقات وعاش تجربة التهجير (أو الهجيج) ووصلت به قدماه إلى بنت جبيل في لبنان مع أخيه وأبناء قريته، ومنهم المرحوم صالح الحمد الذي نزح إلى سوريا في 48، وفي أثناء النزوح أنشد على جبال الرامة: لأطلع على راس الجبل واشرف على الوادي، وأقول يا مرحبا نسّم هوا بلادي.
وحكى الحاج أبو صبري حكايته منذ المقاومة التي شارك فيها، ثم حكاية الخوري يوسف ودوره في إيواء أهل عيلوط في دير أبو اليتامى (السالزيان) في الناصرة. وانتهاءً بإصرار الخوري يوسف على إعادة السكان لبيوتهم إلى أن نجح بذلك.

 

وكانت الكلمة للنائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، إبن قرية صفورية المجاورة، فقال إن المجزرة في قرية عيلوط لم تقع صدفة، بل جاءت ضمن مخطط مسبق، في هذه المنطقة، كجزء من المخطط العام الذي شمل كافة أنحاء فلسطين، بهدف طرد شعبنا الفلسطيني من وطنه، بموجب المقولة الصهيونية، أكثر ما يمكن من أرض، واقل ما يمكن من ناس (فلسطينيين).

 

وقال بركة، إن كون مجزرة عيلوط بعد أيام من اقتلاع قرية صفورية المجاورة، إنما يؤكد أن الهدف ثم إخلاء كل المنطقة من أهلها، ولكن إذا نجحوا في اقتلاع صفورية، فإنهم فشلوا في عيلوط، وهذا ما جرى في العديد من قرانا وبلداتنا، واحياء الذكرى اليوم هو عنصر هام في حفظ التاريخ والرواية ونقلها للأجيال القادمة.

 

وتابع بركة مشيرا إلى أن سياسة الاقتلاع لم تتوقف للحظة منذ ستين عاما، فبعد العام 1948، قلقت السلطات من بقاء 150 ألف فلسطيني من أبناء الوطن في وطنهم، وعملت كل شيء من أجل أن تستأنف عمليات الطرد والتهجير، ومجزرة كفر قاسم التي وقعت بتزامن مع العدوان الثلاثي على مصر، كانت تهدف إلى ترهيب أقل القرية والمنطقة كلها، ودفع الأهالي على الهرب نحو الضفة الغربية، إلا أن المخطط فشل، رغم ان المجزرة حصدت أرواح 49 شهيدا وشهيدة.

 

ودعا بركة في كلمته إلى المشاركة الواسعة في النشاطات المشتركة لاحياء الذكرى الستين للنكبة، وقال، إن وجودنا هنا اليوم، وكأجيال عايشت النكبة، وأجيال نشأت بعدها، إنما يؤكد على نجاح نضال البقاء والصمود الذي لم يتوقف للحظة منذ أيام النكبة، ونحن الشاهد الحي على النكبة وعلى الصمود، وعلى بطولة شعبنا، ومهمتنا ان نحافظ على إنجازات شعبنا، وأن نضمن صيانة الأجيال الناشئة والقادمة في الحفاظ على هذه الإنجازات.

 

 محاضرة قيمة للدكتور مصطفى كبها

ثم ألقى المؤرّخ الدكتور مصطفى كبها، المحاضر في التاريخ والإعلام في الجامعة المفتوحة، محاضرة قيمة عن معنى النكبة الفلسطينية من ناحية تدمير 450 قرية و6 حواضر، وإيقاف التمدّن فيها، والمجازر والتهجير، وتطرّق إلى مجزرة عيلوط ودعا إلى حفظ الذاكرة من الضياع، وتوثيق التاريخ المحلي من خلال حفظ الشهادات الحية، وتدوينها عبر جميع الوسائل الممكنة من نشر الكتب، وعقد الندوات وإقامة المؤسسات التي تهتم بهذه المجالات.

 

يذكر أن الدكتور مصطفى كبها هو المشرف على مشروع الرواية التاريخية في  مركز مدى الكرمل، وحاز على جائزة أكرم زعيتر الأولى لحفظ الذاكرة الفلسطينية من مؤسسة الأسوار.

 

وألقى الشيخ عبد السلام مناصرة كلمة بهذه المناسبة مستذكراً بما حصل في قريته المهجّرة- إندور وكيف أخرج منها أهلها عام 48، وذكّر الحضور بأهمية المشاركة الفعالة في مسيرة الوعي والثقافة عند الجيل القادم.

 

وكان رئيس مجلس عيلوط المحلي إبراهيم أبو راس- أبو عاهد بالضيوف والحضور، مذكراً بمساحة عيلوط قبل 48 حوالي 27,500 دونم وقد صودر معظم أراضيها التي كانت مصدر الرزق  الوحيد في ذلك الوقت ولم يبق منها إلا 3330 دونما اليوم.  كما أفاد أن قرية عيلوط عاش فيها قبل النكبة حوالي 950 نسمة وجاءت المجزرة لتقضي على ثلث رجال عيلوط، فيما هُجّر الثلث الثاني إلى لبنان وسوريا والأردن، ليبقى الثلث فقط (وهم سكان عيلوط اليوم 6400 نسمة).

 

وفي ختام الأمسية وزّعت على المشاركين لوحة تذكارية بأسماء شهداء مجزرة عيلوط عام 48، أما الشهداء فهم، أحمد محمد إبراهيم أبو راس، علي حماد عبود، إسماعيل محمود زطمة، عوض علي أبو راس، جميل محمد صلاح عبود، فايز القب (حمدان)، حسن محمود الشيخ إسماعيل، قاسم مزاريب أبو شنينة، حسن محمد درويش، محمد عيسى ياسين، خالد دبوري، محمد حسن عبود أبو خضر، ذيب علي مصطفى أبو راس، محمد يوسف أبو راس، ذيبة محمد حمد، محمد سليم شحادة، سعيد صالح عبود، مصطفى سليم أبو تنها، سعيد فلاح أبو راس، مصطفى احمد شحادة العدلة، سليم إسماعيل شحادة، مرعي حسن محمود الشيخ إسماعيل، سليم محمد إبراهيم أبو راس، محمد عبد العلي عودة الله، سليم محمد أبو موسى، محمد إبراهيم محمود الصالح (العمود)، سليمان حسن الصفية، محمد مصطفى العيسى، صالح سليم شحادة، محمود سليم علي أبو عياش، صالح محمد سليماني، مفلح إبراهيم سليماني، صالح سعيد أبو راس، مفلح حسن شيخ إسماعيل، صبري علي أبو راس، نايف حسين سلطي، طه محمد أبو عياش، نجيب حسن عبود، علي عودة عبود، نمر إبراهيم سليماني.

الجمعة 9/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع