* عبد المنان شبيطة: مسكة عاشت حياة هانئة وشرِّدت في ظل الأنباء عن دير ياسين وبتخويف من "جيش الإنقاذ" * تيدي كاتس: تهجير مسكة جزء من مخطط صهيوني مبيت لتطهير البلاد عرقيا ونهائيا من العرب! * د. دوف حنين: نكبة فلسطين، نكبة لليهود أيضا.. !* يانتهاء البرنامج: الإنطلاق إلى مسيرة صفورية *
شهدت قرية مسكة المهجرة، صباح أمس الخميس، وإحياء للذكرى الـ 60 للنكبة، مسيرة العودة التقليدية إلى أرض القرية، وكان قد شارك في الزيارة ما يقارب المئتي شخص، من أبناء القرية والمهتمين، وقد برز في هذه المرة بالذات الحضور المكثف للقوى التقدمية اليهودية التي أتت بفضل التنسيق من جمعية "زوخروت- تذكرن" الهادفة الي تعريف المجتمع الإسرائيلي بالنكبة وحقيقة جرائم العام 1948، إضافة إلى مشاركة عدد من كوادر فرع الحزب الشيوعي في تل أبيب.
برز بين الحضور د. دوف حنين، عضو الكنيست من الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة والمؤرخ د. تيدي كاتس، موثق مجزرة الطنطورة، وإيتان بورشتاين، مؤسس ومدير جمعية "زوخؤوت- تذكرن" وعدد من اليهود المتدينين أعضاء حركة "يهود سطمار"، كما شارك بشكل خاص عدد من أبناء مدينتي اللد والرملة على رأسهم، المناضل عيسى ضبيط.
وأقيم على أرض القرية إجتماع لاستذكار حقائق ما تم في العام 1948، وتولى إدارته كل من عصمت شبيطة، عن لجنة مهجري مسكة وعمر إغبارية عن جمعية "زوخروت- تذكرن".
كانت الكلمة الأولى للمربي عبد المنان شبيطة، الذي هجِّر من القرية طفلا في العاشرة، وقدم شرحا عن القرية وظروف الحياة فيها كما وصف ما تعرض له أبناء القرية من حرب نفسية بالذات من طرف "جيش الإنقاذ" بهدف إخراجهم "لأسبوع أو أسبوعين على الأكثر"!
ومن ثم تحدث المؤرخ التقدمي، تيدي كاتس، موثق مجزرة الطنطورة والذي عانى من ملاحقة أكاديمية وتحريض أهوج بسبب أبحاثه حول حقيقة النكبة وتحدث كاتس عن النوايا المبيتة لدى قيادة الحركة الصهيونية، وبن غوريون على وجه الخصوص لـ"تطهير البلاد عرقيا" من المواطنين العرب وفق برنامج مدروس وليس كما يدعى بأن المواطنين العرب "هربوا أو هاجروا طوعا".
واستعرضت تامي شنايدر، عضوة جمعية "زوخروت- تذكرن" النشاطات التي تقوم بها هذه الجمعية لإطلاع المجتمع الإسرائيلي برمته على حقيقة ما جرى في العام 1948، وأكدت على أهميى هذه النشاطات وعلى تزايد التجاوب معها عاما بعد عام.
وأما الكلمة الأخيرة فكانت للنائب دوف حنين، الذي قال "جئنا اليوم لنستذكر الحقائق المؤلمة والهامة حول نكبة الشعب الفلسطيني.. نقول بأن هذا الأمر هام لأن الإعتراف بالآخر وألمه أمر مفصلي للتقدم نحو التسوية والحياة المشتركة. ما حدث في العام 1948 هو أولا نكبة للشعب الفلسطيني، لكنه ليس نكبة الفلسطينيين وحدهم إنما أيضا نكبة حلت باليهود الذين ترتكب باسمهم يوميا منذ عشرات السنين جرائم لا مبرر لها، جرائم يضطرون هم أيضا إلى دفع ثمنها."
وإستمرارا لمداخلتي عبد المنان شبيطة وتيدي كاتس وإبرازهما لدور الرجعية العربية والحركة الصهيونية تحدث د. حنين أيضلا عن دور الإمبريالية العالمية وخاصة الإنتداب البريطاني ومسؤوليته عن النكبة.
هذا وقام كل من عيسى ضبيط والحاجة صفية شبيطة بنصب يافطة تحمل إسم القرية، كما قام الحضور بجولة في أرض القرية وبزيارة من تبقى من مسجدها. وانتقل معظم الحضور بانتهاء البرنامج للمشاركة في مسيرة العودة القطرية إلى قرية صفورية المهجرة.
* مسكة في سطور:
تقع قرية مسكة المهجرة في السهل الساحلي لأرض فلسطين التاريخية، وهنالك قصص مختلفة حول نشأتها وتسميتها، ويقال بأن القرية دعيت بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة (مسكة) من مضاعة القحطانية التي نزلت هذا المكان في صدر الاسلام، إلا أن علاقة هذه القبيلة بالقرية غير مثبتة، واستنادا الى الجغرافي العربي ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) كانت مسكة مشهورة بفاكهتها ولاسيما تفاح الحسن اليازوري، الذي توفي في سنة 1058 وقد مر القائد الفرنسي كليبر وجنوده بالقرية وهم في طريقهم إلى عكا في أثناء الحملة النابليونية سنة 1799.
وكانت قرية مسكة تقع على بعد 15 كيلومترا جنوب غربي مدينة طولكرم، لذا فقد أعدت دوما من قضائها، وتحدها شمالا مدينة الطيرة، وقرية كفر سابا المهجرة جنوبا وقرية الحرم (سيدنا علي) المهجرة من الغرب، وترتفع عن سطح البحر بحوالي 50 مترا.
بلغت مساحة أرض القرية 8076 دونما اضافة الى 5882 دونما، هي ما عرف بـ"غابة مسكة"، وأما عدد سكانها فقد بلغ في العام 1922 حوالي 440 نسمة بينما ارتفع في العام 45 الى 880 نسمة، وفي العام 48 الى 1021 نسمة.
وشردت القرية في 18.4.1948، عقب تهديد سكانها بتفيذ مجزرة مشابهة لمجزرة دير ياسين وشن حرب نفسية رهيبة ضدهم، وخرج آخر شيخين منها في 20.4.48، وقد تشتت أبناء القرية في كافة أصقاع الأرض، وأما هي فقد سلمت إلى إسرائيل، ضمن اتفاقية رودس الموقعة في العام 1950، ومنذ ذلك الحين انقطعت علاقة أبنائها الفعلية بها، إلا من ظلوا في مدينة الطيرة المجاورة، والتي ظلت صامدة وضمت هي أيضا إلى إسرائيل في اتفاقية رودس إياها.
جريمة السلطات الإسرائيلية لم تنته في العام 1948، ففي العام 1951، وبعد عامين على "الإستقلال" قامت جرافات "واحة الدمقراطية الإسرائيلية" ودون أي مبرر مباشر، بتجريف القرية عن بكرة أبيها وتسوية منازلها وقبورها على حد سواء، علما أن عدد منازل القرية في حينها وصل إلى 197 منزلا، ولم يبق من آثار القرية، إلا المسجد والبئر وأما المدرسة، فقد هدمت صيف 2006، بمحاولة سلطوية لمنع أبناء القرية من التردد عليها وإحياء ذكراها وذكرى نكبتها.
وبعد النكبة وهدم القرية فقد أستغلت معظم أرضها لزراعة الحمضيات، لصالح شركة "مهادرين" الإسرائيلية، كما توسعت على أرضها مستوطنتا سدي فاربورغ ومشميرت، بينما تظل بعيدة عن متناول أبنائها المهجرين والذين بلغ عددهم وعدد ذريتهم في الإحصائية الأخيرة عام 1998، نحو 6269 نسمة.
الجمعة 9/5/2008