منذ الازل وانا اسكن مخيلتي ارسم فيها ذاتي واتلقف طموحاتي ... اصطاد احلامي ثم اخرج الى الدنيا محطّمة لا قوة لي ولا رغبة لي في الصراع ....
حبات زيتون تصير زيتا يقبل وجنتي امي كل صباح وعند المساء ننسى ماذا كان العشاء .... وحمامة تجمع بعض حبات القمح ثم تعيدها الى قارعة الطريق حيث لاحياة ترجى ولا امل ينتظر ... من علّمني الكتابة ؟! من دفع بي الى الهاوية ؟! كل التساؤلات تطرح نفسها امام حضوري ....واجابة واحدة تدور في مخيلتي الشقية .... امي وقطعة خبز مكسورة الطعم مسلوبة الطحين وابي ونقطة ماء تركتها الايام لغيمة قد تمر فوق حينا ... ومجموعة اطفال، البكاء طعامهم والشقاء فراشهم ، وانا منذ الازل لا اجيد النوم فوق جسدي وروحي تسافر في الافق ، وأسأل " لماذا تركتها تغادرني لماذا لم امنعها من مجرد القاء نظرة وداع على جسد رسم الزمان خيوطه القاسية فوقه ... والملامح من لون الحنطة وطعم الليمون .............
من علّمني القراءة وانا لا اجيد الكلام واصبحت من عباده المستعبدين المقهورين ؟! من علمني الكتابة وانا افتقد للاحساس فصرت على شريعته ادين ؟! من علمني الابجدية وانا على همجيتي هذه فلم اقاوم لعنة التاريخ وضحكت للقهر ظنا مني انه الفرح؟! من علمني الحضارة وانا ارتدي ثوب القدم والعري من يخرج فخلطت اوراق الحلال بالحرام ؟!
كل ليلة اخرج من سطور احلامي اغادرها لابحث عن ارض ازرعها فيها فلا اجد امامي غير البحر امامي القي همومي فيه ليعيدها لي عند الفجر امواجا تتحطم فوق صخور الشاطئ التائه مثلي منذ الازل ... لماذا الآن اقرر الرحيل والبحر لا يزال قادرا على ابتلاع كوابيسي وهمومي واحلامي البالية واعادتها عند الفجر ؟! لماذا الآن اقرر الرحيل والموت بات خلفي حلما ينام ويصحو عند اقدام التلال البعيدة ؟!
امي الشقية من رحمها خرجت فهل عدت الى وطني الام ؟! وابي ماذا صنع بحق السماء لينقذ اعشاش الصغار ويلقى ما لاقى من شقاء ؟!واخوتي اولاد الشقاء ما الذي اتى بهم لارض السعادة في غير ميعاد ؟! حتى السعادة تحتاج الى ميعاد ....
لا تكذبي ايتها الفراشة فيكون مصيرك السقوط في موقد النار ... لا تطيري فوق النار فتحرقي كل لحظات السعادة .... فوق الازهار اسبحي في بحر من الرقص الغجري ........ لا تتوقفي عن الطيران فالموت نهاية حتمية لكل الرقصات ،الهمجية وغير الهمجية ...
لا تحزني ايتها الحمامة فالهديل اجمل الاصوات واكثرها عذوبة فمتى يخيم الغناء على العلاقة التي تربطك بالسلام .؟! ايتها النقية ... ايتها الصافية ...
لا تجرِ ايتها المياه فوق جسد النهر المذبوح بالاحلام العذرية والاحلام الوحشية .... فقطرات الماء تحرق كل احلام العذارى وتحطم ساعات الليل الصامتة
.... وانت امي ... ايتها المرأة الغجرية متى تعودين الي ؟! متى المس شعرك القادم مع خيوط الفجر الاحمر ؟! امي يا امرأة لم تعرف غير الشقاء ولم يلمس خدها غير التعب متى ترحمين توسلاتي وتغلبين الشوق الذي اليك يدفعني بعبثية تغيظ ابي وتقتل اخوتي ...ولأن في بلادي الموت أرحم سأظل أرسل لك كلماتي الوحشية ودموعي المذبوحة بسكين الامل واقاوم الصمت الذي اليك يتسرب عبر رائحة القهوة وطعم الخبز الاسمر ..
(عيلبون)
نجاد نصر فواز*
الأربعاء 7/5/2008