** نتعامل مع تحليل ظواهر اجتماعية، نعطي بدائل وطرحها لتحسين حالة المجتمع العربي ** نحن العنوان لبحث وتحليل ظواهر في المجالات التعليمية والتربوية والصحة والرفاه الاجتماعي وغيرها **
كثيرا ما نسمع، عن أبحاث كبيرة واستطلاعات مثيرة داخل مجتمعنا العربي في البلاد، ويكون وراءها معهد "مسار- للأبحاث الاجتماعية".. في تقارير سابقة، أجرينا لقاء مع د. خالد أبو عصبة- مدير معهد مسار، وألقى الضوء على هذا المعهد، وفي هذا التقرير، نلتقي مع أميرة قراقرة- إبراهيم، مسؤولة الأبحاث الصحية، ومديرة فرع الشمال في عرابة.. من هي أميرة؟ ماذا يقدم "مسار- عرابة"؟ وأمور أخرى يهتم به المعهد..
** عشرات المستطلعين والمستطلعات
تقول أميرة: أفتتح هذا الفرع الشمالي لمسار قبل سنة ونصف السنة، مباشرة بعد حرب تموز، وأنا أعمل في "مسار" بوظيفة كاملة، منذ سنتين ونصف، بداية عملت من خلال الفرع الرئيسي في جت المثلث، لكن لصعوبة السفر ولزيادة العاملين من الشمال تقرر افتتاح فرع في الشمال بالرغم من أن نطاق العمل يشمل كل البلاد. نهدف في الآونة الأخيرة إلى توسيع المكتب واستيعاب باحثين جدد في منطقة الشمال. جزء من أبحاثنا بحاجة إلى استيعاب مستمر لمستطلعين ومستطلعات لإجراء مقابلات واستطلاعات رأي وغير ذلك. تعمل معي في "مسار- عرابة" مركزة المشاريع ثروت نصار، ويقع تحت مسؤوليتها المباشرة تركيز مشروع "مسيرة" لتحسين مكانة المعاقين في المجتمع العربي.
** حدّيثنا عن نفسك وكيف وصلت إلى هذا المنصب؟
- بعد إنهائي الصف الثاني عشر مباشرة غادرت قريتي عرابة لتعلم مهنة التمريض، خلال فترة التعليم سكنت في حيفا لمدة 4 أعوام ومن ثم رجعت إلى عرابة حيث باشرت العمل تحت إشراف د. حاتم كناعنة في عيادته الخاصة وكذلك في مركز "الرازي" لتأهيل الأطفال، وكان أول مركز من نوعه يقام في الوسط العربي، حيث يعطي خدمات علاج بالتشغيل والنطق وتشخيص للعسر التعلمي. عملت في الرازي مدة (4) سنوات حيث أشغلت منصب المديرة التنفيذية للمركز، خلالها تعرفت على د. خالد أبو عصبة، عندما كان يعمل باحثا كبيرا في معهد "بروكديل" للأبحاث، حيث ركزت مشروع "تطوير نموذج تنسيق بين مؤسسات تعطي خدمات للأولاد ذوي الاحتياجات الخاصة". أثناء عملي في تركيز المشروع أدركت أني أميل الى مجال العمل الجماهيري فرجعت لأدرس في جامعة حيفا موضوع العمل الاجتماعي الجماهيري. خلال التعليم أنهيت العمل في "الرازي"، حيث افتتح معهد "مسار" عام 2002، وبدأت العمل على تركيز مشاريع وأبحاث. وبعد إنهائي التعليم مباشرة عملت في جمعية "سيكوي" لدعم المساواة المدنية في حيفا بالإضافة لعملي في مسار لمدة سنة ونصف بعدها انتقلت للعمل بوظيفة كاملة في مسار منذ بداية سنة 2006. تعليمي الأكاديمي الأول في موضوع التمريض والثاني في موضوع العمل الاجتماعي الجماهيري والثالث -حيث أنهي في هذه الأيام اللقب الثاني في موضوع التنمية الصحية- أهلني وأكسبني القدرات المطلوبة لأعمل كمركزة أبحاث خصوصا في مجال الصحة.
أعتقد أنني إنسانة محظوظة حيث التقيت بعدة أشخاص كانوا داعمين لي ومساندين في مراحل عديدة بحياتي لذلك استطعت الوصول لهذا المنصب.
** ما هي طبيعة عملك في المعهد؟
- عملي في معهد "مسار" فريد في نوعه.. أعتقد انه لا يوجد شبيه لهذا المعهد فهو معهد أبحاث اجتماعية تطبيقية، ونحن العنوان للمؤسسات الكبيرة لبحث أي شيء عن المجتمع العربي في المجالات: التعليمية، التربوية، الصحة، الرفاه الاجتماعي، تحليل ظواهر اجتماعية وما إلى ذلك.. أنا أركز العمل في فرع الشمال ومسؤولة خصوصا عن الأبحاث في مجال الدراسات والمشاريع الصحية لكن كما أسلفت سابقا تأهيلي الأكاديمي وخبرتي في العمل مع الباحث د. خالد أبو عصبة أهلني لأن أعمل في شتى مجالات الأبحاث مثلا في مجال الرفاه الاجتماعي، الشبيبة، النساء، التعليم وغير ذلك. هناك دائما تجديد في مجالات العمل والمعرفة، أتعرف دائما على أشخاص جدد، في أبحاثنا نفيد مجتمعنا حيث نطرح البدائل لتحسين الظواهر الاجتماعية التي نبحثها لذلك نقول ان معهد مسار هو معهد أبحاث تطبيقية. مجال العمل في مسار هو واسع ونحن الآن معروفون على مستوى الدولة. مؤخرا وقعنا اتفاقيات مع عدة مؤسسات كبيرة وعملنا لحساب مؤسسات كبيرة أخرى مثل جامعة حيفا، مؤسسة التأمين الوطني، جوينت- إسرائيل، جمعية بطيرم لحماية الأطفال، المركز اليهودي- العربي في جامعة حيفا والمركز اليهودي- العربي للتطوير الاقتصادي في هرتسليا ومركز دراسات المجتمع البدوي في جامعة بن غوريون، وغيرهما من المؤسسات. نعمل على مستوى الدولة كلها، وعالميا حتى، وهذا يزيد من اكتفائي الذاتي وتقدمي في العمل.
خلال عملي أيضا أشارك في أيام دراسية ومؤتمرات أو نقاشات من خلال الإذاعة حيث يتم عرض النتائج التي نحصل عليها لجمهور المهنيين المدعو لمثل هذه الأيام الدراسية، فمثلا اليوم الخامس من أيار الحالي سأشارك في مؤتمر "الشبيبة العربية بين الآمال والمخاطر" والذي سيعقد في جامعة تل أبيب حيث سأقدم محاضرة حول معضلة التسرب الظاهر والخفي عند الطلاب العرب. وقبل أيام اشتركت في مقابلة إذاعية في راديو إسرائيل حول قانون التبليغ للشرطة عن حوادث العنف تجاه الأطفال، حيث ينص القانون أن على كل بالغ يعرف أو يشهد حادثة عنف تجاه الأطفال أن يبلغ الشرطة بالأمر، لكن شخصيا عندي تحفظ نوعا ما من هذا الموضوع، فبالرغم من خطورة هذه الظاهرة وبالرغم من إيماني أن من يتعامل بعنف مع الأطفال عليه مواجهة العقاب، باعتقادي أن هذا القانون غير مناسب للمجتمع العربي، فعادة ما يكون هذا الجار هو قريبا لعائلة الشخص المعنف، فسيصعب عليه التبليغ، كذلك العنف عند مجتمعنا يدخل في باب التربية، لذلك اعتقد أن هؤلاء الأهالي هم بحاجة إلى علاج أسري لتعليمهم كيفية تربية الطفل والتعامل معهم بالشكل الصحيح.
** هل توجد ابحاث خاصة عملت بها؟
- مبدئيا عملي ليس فرديا إنما جماعيا حيث لا أقوم بالبحث وحدي، إنما يشاركني دائما د. خالد ولكن المسؤولية المباشرة تقع بالأساس على عاتقي وعادة ما أكون مسؤولة عن عمل آخرين مثل مركزي الأبحاث في الحقل أو مستطلعين ومستطلعات وغيرهم. في بداية مشواري ركزت بعض المشاريع والأبحاث، لكن عند تفرغي للعمل فقط في مسار بدأت ببحث تقييمي لبرنامج تعليمي معترف به من وزارة التعليم، بعنوان "مواطنة مشتركة"، حيث توجهت إلينا مؤسسة "مجالات- مرحافيم"، لتقييم هذا البرنامج التعليمي. كما قمت بتركيز بحث عالمي، يتبع لجمعية الصحة العالمية W-H-O، حول السلوكيات الصحية عند أبناء الشبيبة العرب في البلاد، هدفه اجراء مسح للظواهر الاجتماعية والسلوكيات الصحية لأبناء الشبيبة مثل المستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد، وظاهرة التدخين وشرب الكحول والعنف وغير ذلك.. مؤخرا ركزت بحثا حول مواقف الأهالي العرب لأطفال دون سن الـ 15 بالنسبة لموضوع أمان الأطفال في البيت والشارع.. وبحث حول العوامل التي تعيق خروج النساء العربيات للعمل.. وبحث مواقف العائلات العربية البدوية في النقب تجاه التعليم الأكاديمي للفتيات البدويات.. كما عملت على بحث مواقف المجتمع العربي تجاه الشرطة في البلاد. ومن خلال مشروع مع "بروكديل" عملت على ملاءمة تربوية ثقافية للنصوص التي تكتب وتوجه للمجتمع العربي من قبل المؤسسات الصحية المختلفة مثل صناديق المرضى وجمعية مكافحة السرطان وغيرها. حيث قرأت النصوص وأعطيت ملاحظات عليها واقترحت بدائل تناسب تربويا وثقافيا المجتمع العربي. وغيرها من الأبحاث والمشاريع والتي لا مجال هنا لذكرها جميعا.
** ماذا يعجبك في هذا العمل؟
- في عملي أتلقى الكثير من الدعم من مديري الدكتور خالد أبو عصبة وأتحمل مسؤوليات كبيرة ولدي صلاحيات كبيرة أيضا، انا راضية جدا ولدي اكتفاء ذاتي من طبيعة العمل ومن المعاملة كذلك الانكشاف لعالم الأكاديميين والباحثين الكبار على مستوى عال، أمر يثريني ويثيرني جدا وهذا ما قوى من شخصيتي وعزز من ثقتي بنفسي ومن تصوري الذاتي، حيث استطعت أن أقف أمام جمهور وإعطاء محاضرات وأنا في جيل صغير نسبيا.
**كيف يتم التنسيق بين عملك وبيتك؟
- أعمل بوظيفة كاملة لكنْ لدي يوما راحة في الأسبوع استغلهما للعمل بالبيت حيث تزوجت حديثا وانتقلت للعيش في قرية كابول، أحاول عدم إهمال واجباتي كربة بيت وكزوجة. زوجي يساعدني كثيرا ويدعمني ويهتم بدفعي إلى الأمام بالمقابل أدعمه وأسانده فهو أيضا تعلم موضوع الهندسة المدنية ويود إكمال تعليمه للقب الثالث. كثيرا ما أستشيره لكن عادة ما اتخذ قراراتي وحدي، وعدم التدخل هنا يأتي من باب الدعم.
أحلم بالاستقرار، بمعنى السلام الداخلي والرضا عن النفس والأمان من ناحية معيشية ومادية وعاطفية..
في ساعات الفراغ اقرأ، أذهب لمشاهدة مسرح، أحب جلسات المقاهي والمطاعم واستمتع بزيارتها من حين لآخر..
** أعطينا نبذة صغيرة عن عائلتك؟
- تربيت في بيئة داعمة للعلم ولتعليم الفتيات خاصة، فوالدي مدير مدرسة ابتدائية في عرابة حاصل على اللقب الثاني وبدأ بالدراسة للحصول على اللقب الثالث لكن انشغاله بأمور الحياة وتعليمنا منع منه إكمال الدراسة. والدتي ربة منزل لكن عدم تعلمها كان دافعا قويا لديها لتحثنا على التعلم والحصول على شهادات عليا. لست الوحيدة التي تعلمت إنما لي أخت معلمة تربية بدنية وأخرى محامية، لدي أخوان حاصلان على شهادات مهنية. جميعهم متزوجون ولديهم أولاد. بالنسبة لنا أبي كان دائما القدوة لنا، حيث بدأ بدراسته ونحن كبار عندنا كنت أدرس في الثانوية.
تقرير: ميسون أسدي*
الثلاثاء 6/5/2008