صمت الفراشات



هنالك روايات تقرأها و لا تذكر منها شيئا، ولا حتى اسمها. أما رواية ليلى العثمان هذه – والتي صدرت عن دار الآداب – بيروت 2007 فقد علق في ذهني منها حدثان . الأول هو عندما تزوج احد أغنياء الكويت بطلة الرواية، و كان هذا زواجه الرابع مع فارق سن كبير و فارق اجتماعي واقتصادي اكبر. و في الليلة الأولى عجز هذا الزوج القيام بواجبه ... استدعى عبدا له فاغتصبها أمام ناظريه.
وكان هذا الحدث الأول عبارة عن صدمة، أولا لبطلة الرواية و الثانية للقارئ أو القارئة. أيمكن أن يحدث هذا في القرن الواحد و العشرين ؟ هل تصمت مغتصبته ؟
على فكرة ، تهدي ليلى العثمان روايتها هذه "إلى كل الفراشات الصامتات المحصورات ككلمات بين قوسين" والى الكاتبة هدى بركات صديقة قلبها.
تدور أحداث الرواية حول العلاقة الزوجية الشاذة هذه . وما لا يحققه هذا الزوج العجوز بالقوة يحققه بمزيد من القوة... بالكرباج و بالعزل و الحرمان و بمضاجعة إحدى الخادمات الخليلات المرتزقات أمام زوجته الصبية الناهد وعلى فراش الزوجية .. حتى "يروّضها" كما تروّض الحيوانات البرية، و حتى يكسرها ويهشم عنفوانها ويقتل الإنسان فيها. لكن "هيهات لرقاب أن تداس ترفض أن تداس" كما قال الحكيم السوري الطبيب الذي قتل في عيادته. لا يحضرني اسمه الان لزحمة الأسماء الرافضة و الرافضين. فعفوكم وعفوكن لكن .. لان هذا العقل يجب أن يرتاح.. ولا يرتاح .. ولا يرتاح الدماغ إلا إذا رشح و هرب بعض المعلومات. العقل البشري الذي يعمل باستمرار، عليه أن يتمتع بنعمة النسيان.
ما علينا! كما كان يقول أخي و صديقي عيسى لوباني .. ما علينا ! تنتهز بطلتنا الفرصة و تهرب من القصر لبيت أهلها المتواضع . يحرج أبوها أمام هذا الزوج العجوز ولي نعمته .. الذي يرغي و يزبد و يهدد و يتوعد .. فعلمت الزوجة الشابة المصرة على الطلاق فيما بعد انه مات بالسكتة القلبية.. وتصبح أرملة غنية .. تصبح سيدة القصر بحق و حقيق . ثم تعلم أن المرحوم زوجها كتب وصية اعتق بموجبها ذلك العبد...
هذه الزوجة الشابة لا تحقد عليه .. كان عبدا مأمورا ، لكن المفاجئة تأتي .. بعد أن تقربه منها و تساهم في ترحيم نفسيته المستعبدة وتقرر الزواج منه على الرغم من معارضة أهلها.
هذا العبد القديم.. الذي أصبح حرا.. يرفض أن يتزوجها. يتركها ويختفي .. وذلك كان الحدث الثاني الذي علق بذهني .. ومن الصعب أن أنساه.. هل أن العبودية قضية نفسية ؟
صباح الخير ليلى العثمان .. أيتها الكويتية العربية الرائدة الحرة.

وليد الفاهوم
الثلاثاء 6/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع