ماذا لو قرر فريق في المعارضة، وتحديدا «حزب الله»، وأكثر تحديدا، زعيمه السيد حسن نصر الله، أن يدلي بمواقف تجاه المملكة العربية السعودية وقيادتها، شبيهة بتلك التي يدلي بها النائب سعد الحريري ووليد جنبلاط وفريق 14 آذار تجاه إيران وقيادتها، ألم تكن لتقوم قيامة المملكة وبالتالي يعاد إشهار «البعبع المذهبي» بوجه المعارضة وتحديدا «حزب الله»؟
لبنان - السفير: فجأة ومن دون سابق إنذار أسقط الملف الأمني في أتون «الاشتباك السياسي».
حتى النائب وليد جنبلاط نفسه، الذي كان من أكثر المنادين بتحييد الأمن وعدم اللعب به، فجأة قرر الدخول الى المربع الذي يمكن أن يرتد اللعب فيه ليس عليه ولا على فريق الموالاة او المعارضة، بل على مجمل الوضع الأمني في البلاد.
لماذا قرر جنبلاط أن يضع يده في مكان غير مقنع بالمعنى الأمني وأن يستدرج ما استدرج من مواقف وتوترات سياسية، وهو المدرك أكثر من غيره بحكم «جيرته» لـ«حزب الله» ولمطار رفيق الحريري الدولي، أن الحزب لديه رصيده من الحضور السياسي والشعبي وحتى الأمني حول المطار، بما لا يجعله أسير «كاميرا» مخبأة في «كونتينر» في أرض تمتلك كل المواصفات القانونية ملكية ومؤسسة ومراقبة أمنية الخ...
لماذا قرر وليد جنبلاط، أن يأخذ البلد الى «معركة هامشية»، لكنها يمكن أن تتحول الى قنبلة موقوتة، في مواجهة حسابات لا يستطيع أحد أن يدركها، حتى أن من يزعمون أنهم يقرأون وليد جنبلاط جيدا، أدركوا أنهم أصبحوا مضللين عندما اطمئنوا الى حرير قراءتهم لمواقفه الأخيرة التي حاول كثيرون أن يبنوا عليها جبالا عالية وعالية من الأوهام السياسية؟
لماذا قرر وليد جنبلاط أن يفتح «معركة المطار» وهو الذي يدرك مسبقا أنها معركة خاسرة، خاصة أن أي انجرار محتمل سواء للحكومة والقضاء والجيش الى المكان الذي أريد لهم أن يستدرجوا إليه، يمكن أن يرتد على الأجهزة الأمنية، حيث يملك خصوم السلطة السياسية من الملفات والوقائع سواء أكانت حقيقية أم مفبركة ما يجعلهم يهزّون مصداقية ما تبقى من المؤسسات الأمنية في البلاد، فأين تكمن مصلحة لبنان واللبنانيين في ما يحصل؟
لماذا قرر وليد جنبلاط، ولم يكن قد مضى على ما أسمي «إشاراته الإيجابية» أكثر من أيام قليلة، أن يقوم باستدارة كاملة، تزامنت مع بعض التصريحات الإقليمية حول التدويل وغير التدويل، ولماذا قرر فريق الموالاة أن «يركز» نيران تصريحاته على إيران على وجه التحديد، وهل طلبت بعض الجهات الإقليمية من الإيرانيين أمرا محددا ولم يأت الجواب على ما كانوا يشتهونه، فكان جوابها على اللاجواب، حملة وصلت بالنائب جنبلاط الى حد المطالبة بقطع العلاقات مع إيران وطرد سفيرها من لبنان؟
ماذا لو قرر فريق في المعارضة، وتحديدا «حزب الله»، وأكثر تحديدا، زعيمه السيد حسن نصر الله، أن يدلي بمواقف تجاه المملكة العربية السعودية وقيادتها، شبيهة بتلك التي يدلي بها النائب سعد الحريري ووليد جنبلاط وفريق 14 آذار تجاه إيران وقيادتها، ألم تكن لتقوم قيامة المملكة وبالتالي يعاد إشهار «البعبع المذهبي» بوجه المعارضة وتحديدا «حزب الله»؟
لمصلحة من ما جرى في اليومين الماضيين في لبنان؟ لمصلحة من تسريب وثائق يفترض أنها سرية وعبارة عن مراسلات داخلية بين وزارة الدفاع ومديرية المخابرات في الجيش اللبناني، ومن يستطيع أن يحاسب الوزير المسؤول عن هذه «التسريبة» ولماذا إقحام مديرية المخابرات، بعد أن تم تحييد قائد الجيش العماد ميشال سليمان، وهل يحق لوزير الدفاع مخاطبة مديرية المخابرات مباشرة من دون المرور عبر قيادة الجيش، وإذا تمت المخاطبة عبر الأصول أو من دونها، هل يحق لجهة رسمية أن تسرب وثيقة سرية رسمية وتنشرها في وسائل الإعلام قبل إطلاع الجهات المعنية عليها سواء العسكرية أو القضائية؟
وإذا كان وليد جنبلاط ينصب كمينا سياسيا في مكان ما لـ«حزب الله»، هل يدرك الآخرون لعبة الاستدراج التي يؤخذون إليها، وماذا سيكون موقف السلطة السياسية (الحكومة) التي ستجتمع اليوم، وهل ستعتبر ما قاله جنبلاط حكما مبرما غير قابل للنقض، وهل يمكن أن تبني عليه سياسا وأمنيا وإذا حصل ذلك هل يمكن لأحد أن يفترض مسبقا ردة فعل المعارضة وخاصة الرئيس نبيه بري الذي يملك حساسية خاصة تجاه من يقتربون من موضوع التوازنات في إدارات الدولة ولا سيما الأمنية منها؟
وإذا كان التسريب سياسيا بامتياز ولأسباب وحسابات سياسية، فهل سيسلك القضاء مسالكه القانونية التي تجعله منزّها عن التجاذبات السياسية ولا تجعله يسقط في فخ التسييس أم أنه سيقدم مادة إضافية للمعارضة حتى تطلق النار سياسيا عليه، كما يحصل في موضوع الضباط الأربعة؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر، ماذا إذا بادر أحد نواب المعارضة الى اعتبار شريط الفيديو لأحداث دوحة عرمون بكل ما تضمنه من وقائع «إخبارا قضائيا» يجب أن يتحرك القضاء على أساسه، تماما كما يحاول البعض تكبير حادثة السعديات؟
وإذا كان النائب جنبلاط، ومعه بعض فريق الأكثرية، يريد أن يحشر قائد الجيش العماد ميشال سليمان في عقر داره، عبر الاستهداف غير المباشر لمديرية المخابرات، هل هناك قابلية للانزلاق لدى قيادة الجيش أم أنها ستكون بمستوى الحكمة التي تحلت بها في محطات عدة؟
السؤال نفسه، ينطبق على وزير الداخلية حسن السبع، الذي استطاع خلال فترة عمله في وزارة الداخلية أن يقدم نموذجا مختلفا عن «الوزير الوكيل»، وظلّ حريصا على تحييد الأمن ومؤسسات الوزارة عن التجاذبات السياسية ولقي منطقه تجاوبا من قبل المعارضة، في الأمور الصغيرة منها أو الكبيرة، فهل يراد له أن يسقط في الكمين الافتراضي الذي سينصب له اليوم في مجلس الأمن المركزي أم أنه سيتصرف على أساس المسؤولية التي طالما تحلى بها وماذا سيكون موقفه من الملف الأمني في جلسة مجلس الوزراء؟ وهل سيغطي الضابط المستهدف مباشرة (وفيق شقير) أم يغطي عملية إهدار دمه من قبل النائب جنبلاط؟
أما موضوع شبكة الاتصالات، فإنه موضوع سياسي وأمني بامتياز. أن تكون هناك شبكة هاتفية مستقلة لأي حزب لبناني، فهذا أمر ينافي القانون، ولكن...
يعرف القاصي والداني أن أحد عناوين صمود وانتصار المقاومة اللبنانية في «حرب تموز» هو عدم قدرة العدو الإسرائيلي على خرق شبكة اتصالاتها، ولو أمكن للإسرائيلي على مدى ثلاثة وثلاثين يوما أن ينال من هذه الشبكة، فإنه كان ليتحكم بالكثير من مسارات الحرب، وهو أمر تحدثت عنه بشكل واضح «لجنة فينوغراد»، فلماذا هذا الإصرار على استهداف شبكة اتصالات، لم تجتز بعض أجزاء الشطر الغربي من العاصمة، ولماذا محاولة إثارة الوضع المسيحي بوجه ميشال عون تحت عنوان بلوغ الشبكة مناطق جبيل وكسروان وربما يقال غدا أنها وصلت الى مراكز «التيار الحر» في معراب وبشري؟
لماذا هذا الإصرار على كشف موضوع أمني بامتياز، صارت الدولة كلها تملك تفاصيله المحددة، جغرافيا وتقنيا، الى حد أنها أقنعت قبل فترة وزير الدفاع الياس المر، الذي قال في أحد الاجتماعات اذا كان الهدف حماية المقاومة فأنا اسحب ملاحظاتي وسرعان ما لحق به «من يرفع سلّم هذا الملف بالطول والعرض»، حتى وصل الأمر بأحد المراجع الكبيرة في الدولة الى طرح المعادلة الآتية على «حزب الله»: «يا أخي والله قصة الشبكة منطنش عليها، ولكن لماذا لا تعطوننا الاعتصام في وسط العاصمة (رفعه) مقابلها؟».
في كل الأحوال، سيكون اليوم، الاثنين، يوما طويلا وحساسا بالمعنى السياسي والأمني، خاصة أن بعض الدلائل لا تطمئن ومنها مبادرة القضاء الى استدعاء بعض الضباط، علما أنه كان بمقدور الأجهزة المعنية أن تترك الأمر يسلك مسارات يرسمها لها القانون بدقة متناهية من دون الاضطرار الى الرضوخ للتسييس المعلن أو التسريب الذي يحاكم عليه القانون، وعند ذلك توضع الأمور على السكة الصحيحة.
ولعل ما يجعل الأمور أكثر مدعاة للقلق هو النجاح المنقطع النظير للنائب جنبلاط في استدراج العاصمة مجددا الى مناخ الفتنة المتنقلة التي شهدنا ليل أمس بعض فصولها في منطقتي الجناح (بئر حسن) حيث وقع إشكال بين عناصر من المعارضة والموالاة بلغ حد إحراق بعض المنازل... وكذلك في كورنيش المزرعة حيث تجددت اشتباكات الحجارة والهتافات بين مناصرين من المعارضة والموالاة، وسقط عدد من الجرحى، بينما كان الجيش اللبناني يعمل جاهدا طيلة الليل على تطويق هذا الإشكال وذاك بالإضافة إلى إشكالات أخرى لم يعلن عنها، وتعطيل ما يمكن أن يكون أدهى وأخطر بكثير؟
الحكومة تقر تصحيح الأجور اليوم!
من جهة ثانية، ينتظر أن تقر الحكومة تصحيح الأجور في الجلسة التي تعقدها عصر اليوم، في موازاة التحضير العمالي لتنفيذ الإضراب الذي دعت إليه قيادة الاتحاد العمالي العام.
ويعقد المجلس التنفيذي للاتحاد جلسة قبل ظهر اليوم، لتقييم التحضيرات المناطقية للإضراب المقرر تنفيذه بعد غد الأربعاء، ووضع الخطوات التنفيذية، كون المجلس مفوضا بذلك من قبل المؤتمر النقابي، على أن يليه مؤتمر صحافي لرئيس الاتحاد غسان غصن، يعلن فيه الخطوات التي يتم الاتفاق عليها.
وأكد غصن لـ«السفير» أن الاتحاد العمالي ماض في الإضراب، لأنه لا يريد أن يعطى العامل «شوفة خاطر»، اما اذا حصل تصحيح فعلي للأجور وفق ما يطالب به الاتحاد، أي رفع الحد الأدنى إلى 960 ألف ليرة، عندها يكون إعلان الإضراب قد حقق أهدافه من دون التنفيذ.
وقالت مصادر المشاركين في الاجتماع الذي عقد أمس الأول في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة لـ«السفير» إن مختلف الهيئات الاقتصادية أبدت آراءها في ما خص تصحيح الأجور المتعلق بالحد الأدنى فقط ورفضت تدخل الحكومة في الزيادة على الشطور، فيما لفت احد الحاضرين انتباه الرئيس السنيورة الى أن الحكومة كانت تتدخل سابقا في كل الشطور، وطلبت العودة الى المراسيم السابقة.
وفيما غاب عن الاجتماع المذكور رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن الذي أكد مكتب رئيس الحكومة دعوته الى الاجتماع كما أكدها بعض رؤساء الهيئات الاقتصادية، نفى غصن أن تكون وجهت إليه دعوة للحضور.
وذكرت هذه المصادر انه جرى خلال الاجتماع التداول بأرقام تراوحت بين زيادة الحد الأدنى 150 ألف ليرة، تتبعها 50 ألف ليرة زيادة على بدل النقل، على أن تكون الزيادة للشطور بين 200 ألف ليرة و250 ألفاً. إلا أن الاجتماع لم يحسم الأرقام على الرغم من إصرار النقابيين الحاضرين على زيادة 200 ألف ليرة للحد الأدنى و250 ألف ليرة للشطور.
وعلم ان المجتمعين لمسوا الرغبة لدى الحكومة في تعزيز التقديمات الاجتماعية، وفي مقدمتها رفع تقديمات التعويضات العائلية من أجل تحرير الأجر من بعض الأعباء.
الأثنين 5/5/2008