كلمة <<الاتحاد>>
أزفت من الزفت!

سألوا الشاعر الشاغوري المعروف، الاديب حنا ابراهيم، عن الحالة في بلده البعنة في ظل سياسة التمييز القومي السلطوية، فأجاب "كل شيء في بلدنا زفت الا الشوارع غير مزفتة". تذكرت هذه المقولة وانا اطالع التقارير العديدة التي تنهال علينا مثل زخ المطر وتنشر بمناسبة طي صفحة سنة نودعها وسنة نستقبل بزوغ فجرها. فجميع هذه التقارير تتحدث معطياتها ان الاوضاع في اسرائيل وفي مختلف المجالات تتدهور وتسير من زفت الى أزفت من الزفت في ظل سياسة حكومة الكوارث اليمينية الممارسة سياسيًا واقتصاديًا اجتماعيًا وبيئيًا. فقبل اربعة ايام نشر التقرير السنوي "لمجلس سلامة الطفل" الذي كشفت معطياته ان السياسة الرسمية السلطوية المنتهجة  مجرمة بحق الاطفال اليهود والعرب في البلاد، واكثر اجرامًا بحق الاطفال العرب. فحوالي 30% من اطفال اسرائيل فقراء ويعانون من حياة تحت خط الفقر واكثر من نصف الاطفال العرب يطالهم الفقر بانيابه المفترسة. وامس الاول نشر مركز "أدفا" تقريره السنوي بمعطياته الصارخة عن تعمق واتساع فجوة الفوارق الاجتماعية بين الاغنياء والفقراء في ظل دفيئة نظام التمييز الطبقي والاجتماعي والقومي. فمعدل دخل عائلة غنية من سكان العشر الاعلى في سلم المداخيل شهريًا اكبر بـ 14 مرة من المعدل الشهري لمدخول عائلة فقيرة من سكان العشر الاخير والادنى في سلم المداخيل. وان معدل دخل اليهودي الغربي (الاشكنازي) يبلغ ضعفي معدل دخل العربي. وان تحول اسرائيل من "دولة الرفاه الاجتماعي" وتخصيص الميزانيات الحكومية لدعم الصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي الى دولة انتاج الفقر والفقراء بعد القضاء  تدريجيًا على دولة الرفاه قد عمق وزاد من حدة التقاطب الاجتماعي وأفرز على رصيف التطور اكثر من مليون ونصف مليون فقير في اسرائيل في العام الذي نودعه. وكان لهذا التحول اثره الصارخ في تعميق واتساع هوة عدم المساواة بين الاغنياء والفقراء وبين العرب واليهود وحتى اليهود الغربيين والشرقيين في مجالات التحصيل العلمي بمختلف مراحله وفي مجال استهلاك الخدمات الصحية وغيرها (ا قرأ عن الموضوع في صفحة سبعة).

وامس، الاثنين، نشرت منظمة "الانسان والطبيعة والحكم" تقريرها السنوي عن "الفقر البيئي" الذي يدين السياسة الرسمية الحكومية من جراء التدهور الخطير الحاصل في موضوع جودة البيئة. معطيات صارخة عن تلوث مياه الشفة وعن الهواء الملوث بمواد سرطانية تنطلق من مصانع ومصالح الرأسماليين والشركات الاحتكارية دون رقيب او حسيب كما يجب، عن تدمير وتقليص المناطق الخضراء، وغيرها.
فمعطيات هذه التقارير وغيرها تعكس الحقيقة المأساوية والمرة ان السياسة التي تمارسها حكومة اليمين الشارونية ليست فقط مجرمة بحق الشعب الفلسطيني التي تحتل اراضي دولته وترتكب الجرائم والمجازر بحق ابنائه وتهدم احتمالات الامن والاستقرار والسلام في المنطقة، بل هي مجرمة ايضًا بحق الاوساط الجماهيرية والاجتماعية الواسعة من المواطنين الذين تقذفهم سياستها الممارسة فريسة انياب الفقر والفاقة والمجاعة والحاجة. وهي مجرمة بحق صحة الانسان بتلويث محيطه البيئي. ولهذا فإن مصلحة الاوساط الواسعة جدًا من الجماهير اليهودية والعربية، المتضررة اجتماعيًا ومعيشيًا وبيئيًا من سياسة التمييز والقهر الاجتماعي والقومي والبيئي السلطوية تستدعي وحدتها الكفاحية تصعيد نضالها لاسقاط حكومة الكوارث اليمينية.

("الاتحــــــــــــــــــاد")


الثلاثاء 30/12/2003


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع