جولة فاشلة كسابقاتها



في بداية جولتها المكوكية الجديدة إلى المنطقة، أطلقت وزيرة الخارجية الأمريكية تصريحا مزدوجا ومتناقضا.

عباس وأولمرت يلتقيان اليوم في ظل فشل جولة رايس

حيفا – مكتب "الاتحاد" ووكالات الأنباء - مددت وزيرة الخارجية الأميركية مشاوراتها في القدس بسبب فشلها في الحصول على أي التزام من إسرائيل حول إزالة الحواجز العسكرية بالضفة الغربية أو الاستيطان.
وكان مقررا أن تعقد كوندوليزا رايس مساء أمس لقاء مع الصحفيين الذين يرافقونها في جولتها لكنها ألغته لمواصلة مشاوراتها، بحسب ما أعلنت الخارجية الأميركية.
لكن الوزيرة أعربت خلال مؤتمر صحفي مع نظيرتها الإسرائيلية تسيبي ليفني بالقدس عن تفاؤلها بإمكان توصل الإسرائيليين والفلسطينيين إلى اتفاق سلام قبل نهاية ولاية الرئيس جورج بوش عام 2009، مبدية إعجابها "بالجدية والعمق اللذين تتسم بهما المفاوضات".
ودافعت رايس عن "سرية" المفاوضات مستبعدة بذلك إمكان نشر وثيقة تتضمن التقدم الذي أحرز، وقالت إنها بحثت مع نظيرتها الإسرائيلية سبل تخفيف الإجراءات التي تعيق حياة الفلسطينيين بالضفة مشيرة إلى أنها أجرت مناقشات جيدة مع ليفني ومع رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك.
من جهتها رفضت الوزيرة الإسرائيلية الانتقادات الموجّهة لحكومتها بسبب مواصلة الاستيطان بالضفة والقدس، وأكدت عدم وجود أي أنشطة استيطانية جديدة.
وقالت ليفني إن إسرائيل أوقفت مصادرة الأراضي الفلسطينية من أجل بناء المستوطنات أو توسيعها، مشيرة إلى أنها تدرك أن بعض الأنشطة الاستيطانية السابقة أثارت إحباطا وربما استياء لدى الجانب الفلسطيني وولّدت شعوراً بأنّ لدى حكومتها أجندة سرية بهذا الشأن.
كما شددت على عدم وجود مثل هذه الأجندة، من دون أن تلتزم علنا بوضع حد لسياسة الاستيطان كما تطالب اللجنة الرباعية بذلك.
وأصرت ليفني على أن المستوطنات لن تشكل عقبة أمام التوصل إلى اتفاق سلام، وعلى أن حكومتها تفي بالتزاماتها وفقا لخطة "خارطة الطريق" للسلام.
وكانت رايس التقت قبل ذلك في رام الله الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأكدت أن التوصل لاتفاق سلام بالشرق الأوسط قبل حلول عام 2009 مازال ممكنا رغم تشكك الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بواقعية هذا الهدف.
وقالت الوزيرة الأميركية إن الرئيس بوش "يؤمن بقوة أن الوقت قد حان لإنشاء دولة فلسطينية وستواصل بلادها الإيمان أن هذا الهدف قابل للتحقيق". وأقرت في الوقت نفسه أن الاستيطان الإسرائيلي مشكلة تلبد أجواء الثقة بين الجانبين.
من جهته وصف عباس الجهود الأميركية بالمفاوضات الجارية بين الإسرائيليين والفلسطينيين بأنها جدية، وجدد التأكيد على التزام السلطة بالمفاوضات وعملية السلام مع إسرائيل قائلا إنه سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي الاثنين بهذا الإطار.
وأضاف أن الاجتماعات ستركز على قضايا الوضع النهائي وقضايا الحياة اليومية للفلسطينيين، مشيرا إلى أن هناك مفاوضات يومية مع الطرف الإسرائيلي للتوصل لاتفاق سلام قبل نهاية العام 2008.
ودعا عباس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى التراجع عن السيطرة على غزة، مشيرا إلى أنه مستعد للانتخابات التشريعية في حال إجرائها.

فقد أعلنت كوندوليزا رايس أن هدف زيارتها المركزي يتمحور حول "إعطاء دفعة جديدة" لعملية التفاوض الإسرائيلية – الفلسطينية، ولكنها أضافت أنها لا تحمل في جعبتها أي مبادرة امريكية جديدة او اية خطة جديدة ناجعة لدفع العملية السياسية المراوحة في مستنقع الجرائم الإسرائيلية الممارسة؟ فإذا كانت رايس لا تحمل معها أي مقترحات جديدة تساعد على حلحلة الجمود القائم على ساحة التفاوض بسبب التعنّت الإسرائيلي والرفض الاسرائيلي لمتطلبات العملية السياسية والجرائم الاسرائيلية التي تغتال أي امل للتسوية السياسية، فهذا يعني ان موقفها في هذه الجولة لن يختلف عن مواقف الإدارة الأمريكية المعروفة.
وإذا كان الهدف من الزيارة ممارسة مكابس الضغط على السلطة الفلسطينية والرئيس الفلسطيني محمود عباس لقبول إملاءات وإجراءات الموقف الإسرائيلي الكولونيالي، فلن يكون مصير هذه الزيارة سوى الفشل الذريع كمصير سابقاتها. فهذه هي الجولة الرابعة لرايس الى المنطقة خلال اقل من شهر ونصف. وخلال كل هذه الزيارات والمحادثات مع الطرفين، الاسرائيلي والفلسطيني، التي كانت ترافقها محاولات زرع الوهم الامريكي ان الطريق تعبد باتجاه حل يقود الى دولتين، اسرائيل وفلسطين، كان الوضع على ارض الواقع مناقضا للوهم التضليلي الذي تسوقه اذرع الدعاية الامريكية ومن يدور في فلك خدمة استراتيجيتها في المنطقة. كان الواقع يؤكد ان المحتل الاسرائيلي يواصل مسابقة الزمن لفرض وقائع كولونيالية على الارض الفلسطينية المحتلة، يواصل عملية الاستيطان والتهويد في القدس الشرقية المحتلة وضواحيها، يواصل بناء جدار الضم والفصل العنصري كحدود سياسية لاسرائيل تضمن ضم حوالي نصف مساحة اراضي الضفة الغربية بما فيها كتل الاستيطان الكبرى لاسرائيل. وعملية التهويد هذه تنسجم مع اتفاق محور الشر الاسرائيلي – الامريكي بضم القدس الشرقية وكتل الاستيطان في اية تسوية نهائية الى اسرائيل. وتضغط الادارة الامريكية ورايس على الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية على قبول "مبادئ تسوية" مع اسرائيل تكون نهائية، اقامة كيان فلسطيني بدون القدس وكتل الاستيطان وبدون حق العودة للفلسطينيين مقابل رفع بعض مكابس المعاناة عن الشعب الفلسطيني، ازالة حواجز المعاناة، رفع الحصار تدريجيا عن قطاع غزة، فتح باب العمل في اسرائيل للفلسطينيين والاعتراف بكيان فلسطيني ممزق الاوصال اشبه بمستعمرة مربوطة بحبال التبعية لاسرائيل. وزيارة رايس جاءت لتهيئة المناخ والظروف على اساس القاعدة المذكورة لزيارة رئيسها بوش في منتصف الشهر الحالي. ولكن مثل هذا الموقف الامريكي وفي الذكرى السنوية الـ 60 للنكبة مصيره الفشل ومزبلة التاريخ.


(الاتحاد)

الأثنين 5/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع