الحقيقة التاريخية لا تهمهم



في العدد الاخير لصحيفة "يديعوت حيفا" طالعنا امنون لين اياه المسمم بالعنصرية الصهيونية المقيتة، والذي يبدو ان هذه الصحيفة تعتبره مرجعية لها في القضايا العربية، بتصريح ممجوج تكرره الابواق الصهيونية منذ النكبة وحتى يومنا هذا مفاده، ان العرب الفلسطينيين لم يهجّروا من وطنهم على ايدي العصابات الصهيونية بل هم رحلوا طوعا.
جاء تصريحه هذا للصحيفة الحيفاوية تعقيبا على احياء حيفا لذكرى النكبة. هذه النكبة التي جلبتها الصهيونية على شعبنا العربي الفلسطيني بدعم من الامبريالية البريطانية والامريكية فيما بعد، وتواطؤ الانظمة العربية العميلة.
الحقيقة التاريخية لا تهم ابواق الصهيونية فهم متخصصون في صناعة التاريخ المزيف وتسويقه كحقيقة في خدمة اهدافهم ومآربهم السياسية.
هذه الابواق لا تريد تزييف التاريخ من اجل التزييف فقط، بل هدفها منه تبرئة الحركة الصهيونية من الجرائم المعادية للانسانية التي اقترفتها بحق الشعب العربي الفلسطيني، والتخلص من مسؤولية خلق القضية الفلسطينية ومن مسؤولية حلها.
هذا اللين يريد ان يقول لنا ان اللاجئين هم المذنبون في مشكلتهم وان حكومة اسرائيل لا دخل لها بها، لانها حسب ادعائه لم تنتجها.
الحقيقة التاريخية تؤكد قطعا ان النكبة وقضية اللاجئين الفلسطينيين هي نتاج فظائع الحركة الصهيونية كما اسلفنا، ولا ذنب للضحية- لشعبنا- في مأساته. وفقط عقلية عنصرية متعالية قذرة تصر على لوم الضحية وتحميلها مسؤولية النكبة بعد ستين عاما.
إلا انني لن اخوض في هذه المعالجة القصيرة في الجدل التاريخي على الرغم من اهميته الكبرى، لكنني سأفترض جدلا ان كذبة "خروج اللاجئين طوعا" من وطنهم للشتات هي الحقيقة. واتساءل هل الخروج طوعا من الوطن يفقد المواطن حق العودة الى وطنه؟! تصوروا ان كل مسافر من وطنه لغرض ما، يفقد حقه في العودة اليه. وتصوروا أية مصائب ستحل على عالمنا اذا ساد هذا "المنطق" الاعوج. وماذا سيحدث مثلا لمواطني اسرائيل اذا ساد هذا "المنطق" فيها .ان هذا "المنطق" يخلو من المنطق فهو منطق الغاب وقوانينه ولا يمت الى الانسانية وقوانينها بأي صلة.
ان تهجير اللاجئين العرب الفلسطينيين جرى في زمن حرب ولا ينكر ذلك احد. والقانون الدولي يعطي حق العودة للوطن للذين هجروا وشردوا او هاجروا طوعا من وطنهم في وقت الحرب. ولهذا لم يكن صدفه صدور قرار دولي رقم 194 يقر بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى وطنهم.
في الحرب العدوانية الأخيرة على لبنان هاجرت غالبية سكان شمال اسرائيل طوعا،  جراء الحرب الى جنوب البلاد والى الخارج. فبموجب منطق لين وامثاله فان هؤلاء الهاربين طوعا خوفا من الحرب فقدوا حق العودة للشمال. فهل هذا مقبول على لين واشكاله؟ ان منطق حق العودة الذي سرى على سكان شمال اسرائيل الفارين من الحرب، عليه ان يسري على اللاجئين الفلسطينيين في كل مراحل الصراع. فالوطن يتسع للجميع وفي مقدمتهم "اهل هذا الوطن الذين لا وطن لهم سواه". ولا مفر من حقهم الشرعي في العودة الذي من دونه لا يمكن الوصول الى سلام ثابت بين الشعبين.

جول جمال
الجمعة 2/5/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع