*100 عام على مقالة لينين "الماركسية والنزعة التحريفية"*
في نيسان 1908 نشر فلاديمير ايليتش لينين مقاله عن "الماركسية والنزعة التحريفية"، والذي يلخص عمليا فترة خمسين عاما من الصراع الذي شنته اوساط مختلفه ضد المفهوم الثوري للعالم، والذي بلوره كارل ماركس. وها نحن الآن، ورغم مرور مائة عام منذ كتابة المقالة، فان استنتاجات كثيرة منها بقيت مناسبة وملائمة لايامنا ولنضالنا في اسرائيل.
ان الاحكام القاطعة التي جرى اطلاقها في فترة لينين بشأن "نهاية الماركسية"، ما زالت تملأ عالم الاكاديميا والسياسة في ايامنا هذه. وكما توقع لينين، فإن مثل هذا الهجوم يتصاعد ويشتد مع ازدياد حدة التناقضات الطبقية- الاجتماعية للرأسمالية نفسها.
لقد اسمعت الادعاءات في فترة لينين ايضا، كأن الشركات الكبرى (الكارتيلات والتروستات، كما اطلق عليها في حينه) تغير اشكال اداء الرأسمالية، وانه بفضل زخم وقوة هذه الشركات، فان بمقدورها ان تمنع حدوث ازمات اقتصادية.
ان صحة تقديرات لينين التي تبدو اليوم واضحة، تماما مثلما كانت واضحة قبل مائة عام تؤكد: "... ولكن الازمات ظلّت جزءا لا يتجزأ، جزءا حتميًا، من النظام الرأسمالي. فإن الكارتيلات والتروستات، بتوحيدها الانتاج، كانت تزيد في الوقت نفسه، وامام انظار الجميع، من حدة التناقضات الطبقية الى درجة لم يعرف لها مثيل من قبل".
*ما هي النزعة التحريفية؟*
ان احد الاستنتاجات الاساسية، التي يذكرها لينين في مقالته، هو ان الصراع ضد الماركسية، وخاصة ضد جوهرها الثوري، يجري في ايامه ايضا، في اطار الماركسية نفسها، او بلغة لينين نفسه: "كنزعة تحريفية في ميدان الماركسية العام".
ان مصطلح النزعة التحريفية، والذي يعالجه لينين في مقالته، يتطرق للتيار الاشتراكي اليميني، والذي قاده ادوارد برنشتاين، وهو اشتراكي- دمقراطي الماني (1850- 1932). وقد دعا برنشتاين الى اعادة النظر بالماركسية وادخال مجموعة من التعديلات الجوهرية عليها، والتي تحولها من نظرية نقدية- ثورية، الى نظرية هدفها التعرض الى نواقص الرأسمالية وتناقضاتها، دون أن تعرض لها بديلا، لذلك فانها لا تتعرض لمسألة، كيف يمكن تغيير المجتمع بشكل ثوري.
وقد لخص برنشتاين نظريته في قوله المجنح المعروف: "الهدف النهائي ليس بشيء، الحركة هي كل شيء". وعن مقولة برنشتاين هذه كتب لينين: "ان كلمة برنشتاين المجنحة هذه، تعبر عن طبيعة النزعة التحريفية بشكل أفضل من عدد كبير من الشروحات المستفيضة. ان يحدد المرء سلوكه تبعا لكل حالة ووضع، ان يتكيف تبعا لاحداث الساعة، لتغيرات الامور السياسية الطفيفة، ان ينسى مصالح البروليتاريا الجذرية والميزات الجوهرية لمجمل النظام الرأسمالي ولكل التطور الرأسمالي، ان يضحي بهذه المصالح الجذرية من اجل منافع وقتية فعلية اومفترضة: تلك هي خطوط السياسة التحريفية. ومن جوهر هذه السياسة بالذات، ينجم هذا الامر الجلي وهو ان اشكالها قد تتغير الى ما لا حد له، وان كل مسألة "جديدة" نوعا ما، وكل تغير في الاحداث غير منتظر او غير متوقع نوعا ما- ولو أدى هذا التغير الى تعديل الخط الاساسي للتطور، لدرجة ضئيلة جدا ولأقصر فترة من الوقت، سيولدان، حتما وابدا، هذه الانواع او تلك من النزعة التحريفية".
ان النزعة التحريفية، كما يشرح لاحقا لينين، تعود وتظهر في كل درجة من مراحل التطور اللارأسمالية وبدون علاقة لخصوصية تطور الرأسمالية في هذا الاطار القومي او ذاك، لأن لهذه النزعة خلفية طبقية: فالنزعة التحريفية تعبر عن وضع الفئات الوسطى واحتجاجها، وهي التي تعاني من الاستغلال من قبل رأس المال الكبير (البنوك والشركات الكبيرة) من جهة. وهو ما يقود الى افقارها؛ ومن جهة ثانية- فإن هذه الفئات الوسطى ما زالت كسياسة رسمية تعتقد بقدرتها على تدبر امورها في داخل الرأسمالية والتي تعتبر في نظرهم "كاحسن شيء في العالم"، وهم لا يرون انفسهم جزءا من الطبقة العاملة.
*ما هي اشكال التعبير عن النزعة التحريفية اليوم؟*
ان المفهوم العام للعالم الذي بلوره برنشتاين، كقوة نقيضة للنظرية الثورية، استعملت وما زالت تستعمل حتى يومنا هذا، كقاعدة فكرية استندت اليها الاحزاب الاشتراكية-الدمقراطية، مثل الحزب الاشتراكي- الدمقراطي الالماني (spd) وحزب العمال في بريطانيا، وفي اسرائيل- حزب العمل (في تقلباته الاشتراكية الدمقراطية- مباي) ومبام (والتي تفككت حاليا).
على مدار القرن العشرين، وصلت احزاب تتبنى نظرية برنشتاين الى سدة الحكم في العديد من الدول في اوروبا وخارجها. وفي اسرائيل، كان حزب العمل (مباي) حزب السلطة الرئيسي لفترة 30 عاما (1948- 1977).
في الفتره التي خاضت فيها الاشتراكية- الدمقراطية الاصلاحية المواجهة مع خيار النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي، اقدمت احزاب الاشتراكية- الدمقراطية، بشكل او بآخر، على رعاية دولة الرفاه في اطار النظام الرأسمالي. ولكن ايضا عندما كانت هذه الاحزاب في سدة الحكم وعندما عرضت نفسها كاحزاب اشتراكية، فانها لم تعمل في اية حاله على تطبيق الانتقال الثوري الى الاشتراكية.
منذ الثمانينيات من القرن العشرين، وبموازاة تبلور السيطرة الكونية لعولمة الشركات الكبرى وتفكك الاتحاد السوفييتي- فان احزاب الاشتراكية- الدمقراطية، هي الاخرى تبنت نظريات نيوليبرالية وتركت حتى الشيء القليل الذي ميزها عن الاحزاب الليبرالية البرجوازية. والمثال الأبرز على ذلك "الطريق الثالثة" التي ابدعها انتوني جيدنس، والتي تبناها طوني بلير كسياسة رسمية، في فترة توليه رئاسة الحكومة البريطانية منتدبًا عن حزب العمال.
*ما هو الشكل الذي تظهرفيه النزعة التحريفية في اسرائيل، اليوم!*
احد الاتجاهات الرئيسية، والذي تقترحه النزعة التحريفية في اسرائيل، هو اعطاء السبق لمسألة التمييز قبل مسألة الاستغلال الطبقي.
هؤلاء الذين يدعّمون هذه النظرية يشيرون الى الفجوات المتزايدة بين اليهود والعرب (في نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر، ونسبة البطالة، وضائقة السكن، ووضع جهاز التعليم، والبنية التحتية وغيرها)، هذا من جهة، ويشيرون من الجهة الاخرى الى الفجوة العميقة الآخذة في الاتساع في المواقف السياسية بين الجمهور العربي والجمهور اليهودي العاديين، ويستنتجون من هذا، انه وبرغم اننا نعيش في مجتمع طبقي، فان التناقض الرئيسي هو تناقض قومي. ان لهذا الاستنتاج، بالطبيعة، اسقاطات سياسية كسياسة رسمية عملية، مثل، السعي لبناء قائمة عربية- شاملة في انتخابات الكنيست، او الاقتراح لتشكيل قائمة عربية- شاملة في الانتخابات القريبة لبلدية تل ابيب- يافا.
ان التمييز والظلم، والعنصرية والاضطهاد- هي ظواهر اجتماعية لها ابعاد سياسية بالغة. في مؤتمرنا الـ25 عدنا وأكدنا، ان الحزب الشيوعي الاسرائيلي قام بدور تاريخي مميز في صقل الجماهير الفلسطينية في اسرائيل كقوة دمقراطية، لها دورها الهام في المعركة ضد الاحتلال ومن اجل السلام والدفاع عن الدمقراطية وضد العنصرية، ومن اجل المساواة والتطور الاجتماعي. لقد كان الحزب الشيوعي هو اول من عرف الجماهير العربيه كـ"اقلية قومية تناضل من اجل انتزاع حقوقها القومية والمدنية في اسرائيل ولاحترام الحقوق القومية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني. ان المؤتمر الـ25 كرس اضافة الى ذلك فصلا خاصا من اجل المعركة على مساواة المرأة وحقوقها، والتي تعاني من التمييز في كل المجالات.
الحركه الاصلاحية وهي النزعة التحريفية تتخذ أيضًا موقفا مناهضا ضد التمييز، ولكنها وفي نفس السياق وفي الوقت ذاته تقوم بتفريغ التمييز من مضمونه الطبقي والاساسي، وبهذا تنجح نتيجة لذلك في ازاحة النضال الطبقي الى موقع كأنه ثانوي على جدول اعمالها.
في الواقع الاسرائيلي (والدولي العالمي)، لن يظهر اي استغلال رأسمالي بمظهره المباشر "الخالص" و"النظيف". في تطبيقه للممارسة العملية، فان الاستغلال الطبقي الرأسمالي يستخدم بشكل مباشر او بشكل غير مباشر (بواسطة الدولة) انظمة متنوعة من الاضطهاد والتمييز، لكي يحقق العديد من الاهداف، الهامة التي تخدم رأس المال وفي طليعتها يحقق ضمان ارباح اكبر منها لنفسه ارباح طائله اكثر، وكنتيجة لدفع اجور متدنية اكثر من الاجور المتعارف عليها، بدل المتعارف عليها لمجموعات من العمال: العرب، والنساء، والعمال الاجانب مهاجري العمل، وابناء الشبيبة ومحدودي الحركة، وللمشوهين وغيرهم، ومن خلال تقسيم طبقة العاملين الأجيرين وتفكيكها قسم طبقة العمال بالاجرة حسب الاوساط على اساس الجنس، والقومية، والطائفية، والجيل، والميول الجنسية وغيرها، وذلك لاخفاء الاستغلال الطبقي، والاستغلال العمل الاجير، تحت طبقات في درجات من التمييز.
والآن فالاضطهاد والتمييز جليان للعين المجردة، وفي حالات معينة يظهر بشكل جلي، التمييز العميق ومتعدد الاوجه الذي يلحق بالفلسطينيين، مواطني الدولة، في القانون، والقضاء، وفي حق ملكية الاراضي، وفي السكن، وفي العمل، وفي التعليم، وفي الميزانيات، وفي شروط الحياة، وفي الخدمات العامة وغيرها، وهي أمور أكثر وضوحًا للعيان من استغلال العاملين (العرب واليهود)، لكونهم اجيرين، عند اصحاب رؤوس الاموال والمشغلين. كما ان، التمييز ضد النساء، على أوجهه المختلفه- التمييز في الاجور، في التقدم في العمل، في التمثيل السياسي، في المكانة الشخصية، في المكانة داخل العائلة، هي ظاهرة مكشوفة بشكل كبير امام أعين الجمهور العام، اكثر من الاستغلال الطبقي، المخبّأ بشكل جيد تحت الصورة المتخيلة عن المعتقد المبني على "صفقة حلال وعادلة بين المشغلين والعمال".
ولكن حين تصب الرأسمالية جهودها الكبيرة وجل اهتمامها للابقاء على نظام اجتماعي- سياسي يقوم على التمييز والاضطهاد، لكل الاسباب التي ذكرت اعلاه وغيرها، فإن رأس المال يعمل على اخفاء حقيقة كونه المحرك الحقيقي، الذي يقف من وراء التمييز والاضطهاد، ويعمل على الظهور امام الرأي العام كعامل يعمل، وكأنه، ضد الاضطهاد والتمييز ومن اجل ما يسمونه "المساواه بالفرص". وفي هذا السياق، تعمل المؤسسة الاسرائيلية على تقديم تشجيع خاص في الاكاديميا والاعلام والمؤسسة السياسية على الاشتغال في موضوع الاضطهاد والتمييز بابعاده المختلفة، من خلال تجاهل التعامل في موضوع الاستغلال الطبقي وفي ماهية وجوهر النظام الرأسمالي نفسه.
وتشكل هذه الرؤى التحريفية نظريات الحركة الاصلاحية هذه هي ايضا قاعدة فكرية تنشأ على اساسها تنظيمات يسارية مختلفة، والتي تضع قضايا التمييز والاضطهاد قبل وفوق المواضيع الطبقية، ان مثل هذه التنظيمات والتي لا تعرض، باستثناء الننقدها المبرر و(المشروع) للواقع الرأسمالي، فانها لا تعرض، ولا اي بديل اجتماعي جوهري، ولا اية رؤيا اشتراكية. والمقصود في حالتنا من تنظيمات مثل "القوس الدمقراطي الشرقي" ومجموعة ترابط (هتحبروت)، واللتين تقترحان بديلا فكريا- سياسيا يساريا لرؤى ومواقف الحزب الشيوعي الاسرائيلي الطبقية.
صحيح انه من الصعب والمعقد ادارة نضالات طبقيه في اسرائيل 2008. كذلك فان من الدارج الانغماس في في الموضة والحديث عن التمييز والاضطهاد ولكنه من غير الدارج الحديث عن الاستغلال الطبقي، ولكن وعندما يتحول الحديث عن الامور الطبقية- الاجتماعية الى ضريبة كلامية، في الوقت الذي يجري فيه تقسيم المجتمع على قاعدة قومية وليس طبقية، كمقياس رئيسي (مثلا كما في وثيقة "الرؤية المستقبلية")- يحدث الانزلاق (عن ادراك او بدونه) نحو مواقف اصلاحية ليبرالية ويتم إهمال المواقف الطبقية.
*الخلاصة*
ان وجهة النظر الطبقية الثورية هي الوحيدة المنيعة في اطار اليسار، التي تشكل ممانعة والقادرة على الصمود في وجه الضغوط واغراءات المجتمع البرجوازي. أثبتت التجربة التاريخية، ان الحزب الشيوعي الاسرائيلي، نجح في ظروف قاسية وقاهرة ومعقدة ان يحافظ على الرؤية الطبقية في كل المسائل بما فيها في القضية القومية، وهو حزب موجود وفاعل بدون توقف منذ 90 عاما بين شعبي هذه البلاد. وبالمقابل، فان احزابا وتنظيمات قامت على قاعدة قومية- ليبرالية او على قاعدة اشتراكية- دمقراطية اصلاحية تحريفية اختفت مع الوقت، او انها التحقت بأوساط ليبرالية وتنازلت حتى عن بعض الملامح الشكلية اليسارية.
على مدار سنوات فترة وجود الحزب الشيوعي، وايضا في المؤتمر الاخير، الـ25 مؤخرا، اعاد حزبنا التأكيد، على أنّ هناك أهميّة بالغة لنشغال الحزب في المعركة ضد سياسة النواحي والاسقاطات الناتجه عن التمييز، والاضطهاد والاقصاء واسقاطات ذلك على اوضاع وظروف حياة مجموعات اجتماعية مظلومة، وعلى النظام الدمقراطي بذاتة، وعلى النظام السياسي.
وفي نفس الوقت يؤكد الحزب الشيوعي الاسرائيلي في وثائقه، ان هذا الانشغال بمقدوره ان يقود الى حلول حقيقية تضع حدا للاضطهاد وللتمييز، فقط في اطار الرؤية الشاملة للنضال ضد الرأسمالية ومن اجل بديل اجتماعي راديكالي واشتراكي مؤهل لاجتثاث الاستغلال الطبقي من الجذور.
ان النقد الماركسي للنزعة التحريفية ولوجهة النظر الاصلاحية في هذا الموضوع تشير الى انه لا يمكن القضاء على التمييز في إطار الأحزاب الإصلاحية البرجوازية، ومن يوجّه سهام حربه ضد التمييز، دون التطلع إلى المسببات الجذرية لهذا التمييز وهي الصراع الطبقي، يضع نفسه في خانة الخطاب البرجوازي الليبرالي. ان اولئك الذين ينبرون للتصدي لاضطهاد مجموعة معينة بمعزل عن تحليل الجذور الطبقيه للاضطهاد، فانهم يبقون في اطار هذا الخطاب، والذي يفسر اسباب الاضطهاد بكون النساء- نساء، وكون الشرقيين- شرقيين، وكون العرب- عربا. وعندما يقع هؤلاء أسرى هذه الطريقة من التفكير، عندها بالامكان عرض اية زيادة في عدد النساء (او العرب، او الشرقيين) في صفوف النخبة الاقتصادية، او الاكاديمية، او الجيش او مؤسسات السلطة (كنيست، حكومة، بلديات) كنجاح للنضال وكتقليص للاضطهاد على اساس الانتماء الجنسي، او القومي او الطائفي. ولكن وفي الواقع عمليا فان، زيادة تمثيل النساء والعرب في الكنيست او وصول عرب ونساء للعمل في ادارات البنوك لم يحل ولن يحل المشكلة الاساسية لاضطهاد العرب والنساء ولم ولن يمنع اية زيادة وتعمق لحالات الفقر في صفوف العرب والنساء.
لقد اكد الحزب الشيوعي في مؤتمره الـ25، ان "التغيير الثوري الجذري الذي سيقود للمساواة التامة، القومية والمدنية في اسرائيل، لن يأتي من دون الجماهير العربية وفي مواجهتها، ولكنه، في الوقت ذاته لن يتحقق عن طريق الجماهير العربية وحدها. من هنا الاستنتاج، بان نضالا دمقراطيا يهوديا- عربيا مشتركا يضع في جانب واحد من المتراس كل الذين لديهم مصلحة في العدالة الاجتماعية والقومية، يهودا وعربا، وفي الجهة الاخرى منه، كل الذين لديهم مصلحة في الحفاظ على النظام الاجتماعي القائم، والذي يمكن من تعميق الاستغلال الطبقي والقومي".
ليس هناك اي احتمال، في ظروف نظام رأسمالي، مثل النظام القائم في اسرائيل، ان يتبلور نظام من المساواة الحقيقية بين النساء والرجال، وبين العرب واليهود، وبين ذوي الاصول الشرقية والاصول الغربية، وبين العمال الاجانب والمواطنين القدامى، وغيره وغيره، وحسب ما يعلمنا اياه لينين في مقاله "الماركسية والنزعة التحريفية "، فمهما كانت مع كل الجهود التي يجري توظيفها في هذه المواضيع تستثمر في المواضيع، والمهمة بحد ذاتها، كقضايا التمييز والاضطهاد، وحتى وان تحققت انجازات جزئية في بعض المجالات او غيرها، فما دام النظام البرجوازي قائمًا (حتى وان كان على شكل دمقراطية برجوازية) فان الفجوات الاجتماعية والقومية والطائفية ستتسع، ولن تتحقق المساواة الحقيقية.
ان النضالات ضد اشكال الاضطهاد والتمييز هي مدرسة مهمة من النضال الاجتماعي الدمقراطي. فهذه النضالات تجند قطاعات واسعة للدفاع عن حقوقها بواسطة نضالات عينية ضرورية. ولكن بمعزل الابتعاد عن النضال الرئيسي ضد نظام الاستغلال ومن اجل بديل اشتراكي- فان هذه ستبقى عاجزة عن احداث التغيير الجذري للواقع هذه النضالات لا حول لها في تغيير الواقع من اساسه نحو مجتمع مبني على المساواة الحقيقية والعدالة الاجتماعية.
(ترجمة: غالب سيف)
تمار غوجانسكي*
الجمعة 2/5/2008