عن دار الورزازي للنشر صدر للكاتب المغربي عبد السلام المودني كتابه الجديد َسم بدون كولسترول، وفد صنفه بـَ النصوص السردية َ، وهي حضور لحالات وأزمنة هاربة وداخلة، حضور لمواقع متداخلة ومتنافرة، حيث اختار الكاتب الحضور كبوابة لمتنه السردي، وتسمية تنضوي تحتها كل النصوص، التي اختار عنونتها بالتتالي.َفي حضرة موتيَ َفي حضرة جسديَ َفي حضرة ليلتيَ َقي حضرة برزخيَ َفي حضرة مولديَ َقي حضرة مدينتيَ َفي حضرة ثمالتهاَ َثم َفي حضرة كوابيسيَ، والحضور هنا قسري يوجه الذات إلى حتفها ويرغمها على الانحناءو.....فالبطل في هذا المتن المسترسل شخصية تنفذ الأوامر وتنظر إلى الواقع-ليس أي واقع لكنه واقع بعينه، واقع تختل فيه الموازين وتتغير مواقع الأمور- بعين ناقدة لكنها متحملة وراضخة، والمكان في النصوص هو وطن بيع فيه كل شيء بالتفويض إلى شخص بعينه، شخص استولى على خيرات البلد، وانزاح أهلها إلى الشمال للبحث عن فرص شغل تسد رمق الحاجة، وفي الزاوية المحاذية للبقاء داخل الوطن زوجة تبيع جسدها بالتقسيط وتجعل بيت مقدسها عبورا لكل ذات متسكعة لتضمن قوتها، هذا في حضرة الذات البطل وفي حضورها، الذات الساخطة على كل شيء والمتحملة لكل ذل وذلك ضمانا للاستمرار، يقول الكاتب على لسان الأب الذي يقدم وصاياه لابنه البار ص19.َ
كن زوجا طيعا حبيبي. لا تغضب زوجتك، واحرص على رعايتها في غيبتها كما في الحضور ، غض الطرف عن مغامراتها ونزواتها العابرات، لابأس إن نامت مع هذا أو ذاك، المرأة تكره الروتين، حاول حبيبي أن تفاجئها دوما بالجديد، أشعل قلبها وامنحها كل ليلة جرعة سعادة زائدة.....أنثر على مائدتها حين عودتها من عملها منهكة ما لذ مما علمتك صنعه من أطباق ومشروبات، ابناؤك هم الرابط المقدس الذي يبقي على امرأتك جوارك.َ
إنها ملحمة هزلية لواقع يجر خيبته إلى الصراخ ...واقع يتغذى بالصمت والتحمل ويؤجل الثورة إلى نضج معالم الانفجار ..وتفتح النصوص نوافذ الإغاثة في النهاية بثورة البطل وتغاضيه الطرف عن تتبع أثر الثملين ليبيع لهم الورد، ويثور عن بيع الأرض بالدرهم الواحد ويطالب بعودة ساكنة الوطن المهجور من الشمال إلى اراضيهم لاستغلال خيراتهم وتطويرها، كما يثور على مدير الشركة التي يعمل فيها ويواجه نجاحه مرارا في انتخابات مزورة وقذرة، بعدها تعود ملامح السكينة إلى الوجه المنفور، وإلى الواقع الهزلي الذي يزكم أهله مرارا بقذارته. هكذا تنتهي الرواية بعودة البطل إلى بيته أسدا، بعودته قويا معافى من مرض الرضوخ والتحمل الماجن لدقائق الموت البطيء، وذلك بعد الطرد التعسفي الذي تعرض له من طرف زوجته التي اكتشف خيانتها مع اخر على سريره، وهي عودة ميمونة إلى الصواب وإلى منابع الأصول التي أسرها الواقع في من يعسش فيه.
ايطاليا
بقلم زينب سعيد المحاميد
الأربعاء 30/4/2008