كلمة رثاء في الصديق الراحل المربّي خالد زعبي



 فُجعت كالكثيرين من أصدقاء ومحبّي المرحوم خالد زعبي "أبو صائب". كان موته سريعا فلم يمهلنا لوداعه الوداع الأخير، حتى ولم يُشعر اقرباءه  وأصدقاءه بالمرض الذي كان يعاني منه في الفترة الأخيرة من حياته. كان جبارا في مصارعته للمرض، متحملاً ألمه وحده، ناظرا إلى حياة الانسان بعين ثاقبة ومتقبلاً المرض كما كان يتقبل الأحداث المفرحة.

 

 سأذكر هنا بعض النواحي التي لمستها في شخصية المرحوم كصديق قديم. "أبو صائب"،  الانسان فيه تتجلى الصفات الانسانية، فهو الصديق الوفيّ، الصديق الذي يصادق حبا في الصداقة وليس لغاية ما، وهو المتسامح الذي يتعالى عن الطائفية البغيضة، أصدقاؤه من مختلف الطوائف والجنسيات، كان يشارك الآخرين في أفراحهم وأتراحهم دون تمييز. إنه المربّي المخلص في عمله، الدؤوب على البحث ليوصل المعلومات الدقيقة إلى طلابه الذين أحبّوه كثيرا. إنه المثقف بكل ما تعني الكلمة من معانٍ، فهو واسع الاطلاع في المواضيع المختلفة، لم يفوّت لحظة واحدة من حياته دون الاستزادة في العلم، وقد استمرعلى ذلك بعد خروجه للتقاعد. وكم كان يفتخر بالشباب المتعلمين المثقفين والجامعيين الذين بجدّهم وكدّهم ينجحون في حياتهم وكأنّهم أولاده. كيف لا وهو من أوائل الشباب الجامعيين العرب في هذه الديار. اضافة الى ذلك، كان "ابو صائب" يتصف بالتواضع وحسن الحديث والاصغاء، وروح الفكاهة والمداعبة.

 

 كان المرحوم صاحب مبادئ لا يتخلّى عنها مهما كانت الظروف، فإيمانه بمبادئه راسخ لا يتزعزع. الاستقامة وعدم التزلف وعدم المحاباة من صفاته. يجاهر برأيه دون تزمّت ويناقش بطريقة علمية ويكره الجهل. "أبو صائب" الأب الذي أحب عائلته وأراد أن يترك في هذه الدنيا الأثر الطيب، فبالإضافة الى صفاته الحسنة دأب على تعليم وتثقيف أولاده، كان يريد أن يراهم قدوة صالحة لخدمة المجتمع كما كان هو. وقد تحقق له ذلك، فقدّم للمجتمع الابناء المثقفين الجامعيين واهتمّ بتربيتهم التربية الصالحة وها هم : عريب، صائب، وائل وشريف يسيرون على درب والدهم . وهذا ما يعزينا برحيل والدهم العزيز علينا جميعا.

 

 وأخيرا وليس آخرا، أعذرني يا أبا صائب إن لم أذكر كل ما أعرفه عنك من خصال حميدة وميزات سامية. فأنت الشخصية الوطنية التي لها حضورها في كل مناسبة وطنية، وأنت المعتز بجذورك القروية التي كنت تفتخر بها. سكنت الناصرة وأحببت أهلها وأحبوك وشاركت في حياتها الاجتماعية والثقافية والسياسية. ولم تكن لتنسى هموم مجتمعك متمنيا له كل خير وتقدم، ساعيا بكل طاقتك لخدمته ورفع شأنه. سنشعر بغيابك عنا وسوف نفتقدك ولكنك ستبقى دائما معنا.  ذكراك الطيبة لن تفارقنا وتعزيتنا بعائلتك الكريمة، رفيقة دربك، أم صائب وأولادك وإرثك الطيب ... فليرحمك الله ويسكنك فسيح جنّاته. وقبل أن أعزّي عائلتك ومحبّيك برحيلك المفاجئ أعزّي نفسي. ذكر الصدّيق يدوم الى الابد، وإنا لله وإنا إليه راجعون.


(الناصرة)  

عواد إلياس*
الثلاثاء 29/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع