فلسطين تدخل أستراليا من بوّابات مرسيل خليفة، محمود درويش وسميح القاسم



خاص بالإتحاد والجبهة - ألف وخمسمائة شخص من جميع الأعراق والأجناس، غالبيتهم من العرب، وقفوا مصفقين لبضعة دقائق، لدى دخول الفنان مرسيل خليفة، مسرح أهمّ صرح فنّي أسترالي وأحد أشهر معالم أستراليا المعاصرة، "سيدني أوبرا هاوس".

 

في بدء المهرجان الفني،  مساء الخميس في 24/4/2008، عزف عود مرسيل خليفة وفرقته المكونة من وَلَديه بشار(بيانو) وشادي (إيقاع) وبيتر هربت (تشيلو)، مقطوعات من مؤلفه الموسيقي الجديد "تقاسيم"، الذي زاوج فيه بين العود والآلة الموسيقية الغربية، جامعاً بشكل حاذق بين الموسيقى العربية الكلاسيكية الحديثة مع الفلامنكو والجاز والفولوكلور التقليدي، لتدخل الآذان والأفئدة المتنوّعة المذاق، دون أن تضيع أنغام الموسيقى العربيّة المتميزة الصاعدة من أوتار عوده الرهيفة.


 
بعدها غنّى مرسيل، بتوزيع جديد مجموعة من أهم أغانيه المعروفة، بدأها بأغنية "يا حادي العيس" للشاعر اللبناني شوقي بزيغ. وما إن بدأ أغنية "أمي" للشاعر محمود درويش، حتى تصاعد صفير وتصفيق الحضور من جميع أنحاء القاعة وبدت للعيان دموع الجمهور بارقة في العيون على اختلاف مشاربها. لكنه لم يتوقف هنا، بل ألحقها بدرويشيات "نحب الحياة" و"للحب" بالغاً ذروة عطائه في أغنية "جواز" على خلفيّة حوار متجانس طويل بين العود والبيانو والكونترباص والإيقاع، لم تكد تنتهي حتى أنفجرت عاصفة من تصفيق الجمهور وقوفاً، والتي لم تهدأ إلا مع بدء أغنية "منتصب القامة أمشي" للشاعر سميح القاسم، حيث استبدل الجمهور تصفيقه بغناء متواصل مع خليفة.

 

ولم يشأ الفنان مرسيل خليفة أن ينهي مهرجانه الفني، دون الطلب من العضو السابق في فرقة الميادين والمقيم في مدينة سيدني، الفنان طوني وهبة، أن يشارك في إحياء المهرجان، فصعد الفنان وهبة وغنى الأغنية المشهورة بإسمه "أنا يا رفاق من الجنوب" للشاعر حسن عبدالله. فكان أداؤه رائعاً وتجاوب الجمهور أروع. وكانت "أغنية" "يا بحرية" للشهيد معروف سعد مسك ختام المهرجان، وهي التي غناها عملياً الجمهور، بتدخل قليل من خليفة وحوار حماسي صاخب بين "التشيلو" و"الكونترباص" والعود والبيانو.

 

كانت علامات الإستمتاع والدهشة والحماس، طوال الوقت، بادية على وجوه الحضور من غيرالناطقين بالعربيّة، بما لا يقل عن الجمهور الناطق بها، حتى أنك كنت تسمعهم يرددون مع باقي الجمهور، عبارات "أمي" و"أنا أمشي" و"هيلا هيلا".

 

لقد سبق للفنان مرسيل خليفة زيارة أستراليا عدة مرات، لكن اللافت في زيارته الأخيرة أنها كانت بدعوة غير عربية وجهتها إليه مؤسسة "الأوبرا هاوس" ضمن برنامجها الموسيقي "هاميسفير". أما الميزتان الأخرتان لاحتفال سيدني أوبرا هاوس فكانت في العدد الكبير من الحضور غير العرب والتغطية الإعلامية غير المسبوقة للزيارة التي ستختتم باحتفال مشابه في مدينة ملبورن.

 

لقد وصف الإعلام الأسترالي الفنان مرسيل خليفة ب "بوب ديلان" الشرق الأوسط والداعم لقضايا الشعب الفلسطيني. فكتبت صحيفة "سيدني مورننغ هيرالد" الأوسع إنتشاراً في أستراليا: " يشار إلى عازف العود مرسيل خليفة، أحياناً، على أنه ’بوب ديلان‘ الشرق الأوسط. ربما كان ذلك لأنه معروف بمؤلفاته الموسيقية العاطفية ومعتقداته المتحمسة لدعم فلسطين، حرية التعبير وإدانة المتطرفين الدينيين. إنه يُبَجّل في العالم العربي بوصفه ملحناً ومغنياً وسيداً لآلة العود القديمة".

 

كما وصفته إذاعة ال"أي.بي.سي" الحكومية بالقول: "يعتبر مرسيل خليفة الذي يعرّف عنه باعتزاز بأنه ’بوب ديلان‘ الشرق الأوسط، فناناً ثورياً في العالم أجمع. إن موقفه المناهض للحرب، تأييده لحقوق اللاجئين الفلسطينيين وإدائه في أماكن القصف والمناطق التي مزقتها الحروب قد جلب له المتاعب كما التعاطف – حاز على جائزة فنان اليونيسكو عام 2005 ".

 

وأضافت: "كسَيِد للعود (وهو السلف الحيّ للّوت الغربي)، يضخ مرسيل خليفة حياة جديدة في تراثه بترجمات ريادية للكلاسيك العربي. وبعمله مع الشاعر الفلسطيني المعاصر الكبير محمود درويش، فهو يجدد طابع الأغنية العربية ويخلق أعمالاً مكثفة المشاعر تُعطّر مزيج الذاكرة والأمل".

 

سيغادر مرسيل خليفة أستراليا قريباً، إلى محطة جديدة زارعاً الحقوق العربيّة في منطقة أخرى من الضمير العالمي المغيّب، من خلال عوده وشعر لبنان وفلسطين، بعدما عجزت كل الخطابات العربية الأخرى عن ولوج عتباته.

تقرير: حبيب فارس
الأثنين 28/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع