«اليونيفيل» لا تنفي ولا تؤكّد اعتراض «حزب الله» لها ... وتشدد على شراكتها مع الجيش



* جنبلاط يطلق دينامية نقاش إيجابي ضمن الموالاة ... «والرد سيكون قريباً» * بري ينتظر حتى السبت: جلسة في نهاية أيار وإطلاق اللجان *

لم يقفل ملف جريمة زحلة، لكنه بات في غرفة العناية السياسية، تماما كما هو كل واقع الأمن، الذي واجه، أمس، مطبا مفاجئا ولافتا للانتباه في سجن روميه، فيما كان واقع الفراغ السياسي يتحرك بهدوء على إيقاع المبادرة الحوارية التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري وسارع الى ملاقاتها رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي بدأ يدفع باتجاه مشاركة فريق الموالاة في الحوار المجلسي، وأجرى مشاورات أكثر من مرة مع النائب سعد الحريري، ناصحا إياه بعدم تفويت الفرصة طالما أن هناك وقتا ضائعا وحتى لا يتم تحميل الموالاة مسؤولية عرقلة المبادرات المطروحة.
وفيما انتزع رئيس المجلس موافقة المعارضة على مبادرته الحوارية، بدا أنه حدد سقفا زمنيا للحصول على جواب الموالاة، لا يتجاوز حدود يوم غد السبت، لكي يبني على الشيء مقتضاه، حيث تكون قد مرّت المهلة التي تحدث عنها (ثلاثة أيام) وعند ذلك سيبادر الى تحديد موعد جديد لجلسة انتخابية في خلال مهلة شهر (نهاية أيار)، على أن يتم تزخيم ورشة عمل اللجان النيابية التي ستعقد اجتماعات مكثفة تدعى اليها الحكومة على مستوى المدراء العامين.
وفي أول مسعى لعقد بعض اللجان، اصطدمت أكثر من لجنة بواقع اعتذار عدد كبير من نواب الأكثرية عن المشاركة لأسباب أمنية، الأمر الذي دفع رئيس المجلس الى الإلحاح على حضورهم ورفض أية صيغة مثل الحضور عبر «الهاتف التلفزيوني»، خاصة أن اجتماعات اللجان ومناقشاتها سرية. كما رد رئيس المجلس على القائلين من نواب الموالاة بعدم جدوى التئام اللجان طالما أنه لن يصار الى عقد جلسة عامة بالقول لـ«السفير» «من قال لهم إنني لن أدعو الى جلسات عامة»؟ وأشار بري الى ان المجلس النيابي سيشهد اعتبارا من الأسبوع المقبل، وبعد العطلة الرسمية، نشاطا مكثفا للجان النيابية، وثمة احتمال كبير جدا للدعوة الى عقد جلسة للجان النيابية المشتركة لمناقشة بعض المشاريع.
وأمل بري ان تنجح المساعي الجارية، في حمل فريق الموالاة على السير قدما في اتجاه الحوار، مشيدا في هذا السياق، بالجهود التي يبذلها النائب جنبلاط مع حلفائه في الموالاة، انطلاقا من قناعته بأن لا سبيل لحل الأزمة إلا بالحوار. آخذا، أي بري، في الاعتبار بعض المواقف الايجابية التي صدرت في هذا السياق من جانب هذا الفريق.
وكرر بري التأكيد أن لا مجال على الإطلاق، للبحث عن حلول خارج اطار الحوار، والوصول الى اعلان النوايا حول حصص الأطراف في اي حكومة نتفق عليها، وحول اي دائرة انتخابية نريد. وهذا ما ابلغته حرفيا للجميع، وعلى وجه الخصوص للنائب جنبلاط.
ولم يستبعد بري، كما نقل عنه زواره، أن يتقدم خيار الحكومة الانتقالية التي تتولى مهمة التحضير للانتخابات ثم اجرائها في موعدها الدستوري.

 

الموالاة تجتمع قريبا لتحديد موقفها

في المقابل، بدأت المداولات في فريق الموالاة، تتحدث عن شروط المشاركة بدلا من قرار عدم الموافقة، وهو الأمر الذي أوحى بنتائج أولية ساعد النائب جنبلاط في التوصل اليها، وهو قال لـ«السفير»، أمس، إنه لا بديل عن الحوار وإن هناك صفحة من التواصل والتعاون مفتوحة مع الرئيس نبيه بري وإنه يعمل على تكريسها، استنادا الى العلاقة التاريخية التي تجمعه به.. إلا انه وردا على سؤال حول مدى استعداده لفتح صفحة جديدة مع حزب الله، قال لـ«السفير» «ان حزب الله موضوع آخر.. وله جدول أعمال مختلف».
وردا على سؤال وجهته إليه إذاعة «بي بي سي» قال جنبلاط إن لا أحد يستطيع ان يلغي الآخر وهنالك مكتسبات نظرية أخذناها قبل الحرب (تموز) ولكن اتفقنا عليها بالإجماع. اليوم المطلوب من اجل الرأي العام التنازل والقبول بالحوار. لا نستطيع ان نرفض الحوار بالمبدأ. وجدد دعوته لمعالجة ملف سلاح «حزب الله» بهدوء ولكنه استدرك بالقول «الحزب لا يستطيع ان ينفرد بقرار الحرب والسلم علينا ان ننتظر تكون رأي عام داخلي من الطائفة الشيعية في الداخل وأن تأتي كلمة السر كي يسلم الحزب سلاحه للدولة».
من جهته، قال مصدر قيادي في «تيار المستقبل» لـ«السفير» ان قوى الموالاة ستحدد موقفها من دعوة بري خلال وقت قريب جدا، وقد تأتي صيغة الرد باجتماع تعقده لجنة المتابعة أو القيادات الأساسية وليس بصيغة اجتماع موسع بالضرورة. أضاف أن السقف الذي تتحرك تحته قوى الموالاة، يقول بأنها مع أي حوار شرط أن يؤدي لانتخاب الرئيس أولا، فإذا كان الحوار الذي يدعو إليه الرئيس بري يصب في هذا الاتجاه فسنكون معه وإذا كان الهدف تضييع الوقت فسنرفضه.
يذكر أن النائب السابق غطاس خوري زار أمس بكركي بتكليف من النائب الحريري وناقش مع البطريرك نصر الله صفير الموقف من الدعوة للحوار، وقال بعد اللقاء «الآن هنالك بعض المبادرات المطروحة ننظر اليها جميعا بإيجابية إذا كانت سوف تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية كمفتاح لحل الأزمة».
أضاف «سيكون لقوى 14 آذار موقف موحد لجهة مبادرة الرئيس بري عند الاجتماع الأول لقيادات 14 آذار الذي نأمل ان يكون قريبا، ومن ثم إذا كان هنالك من انتخاب للرئيس فإن قوى 14 آذار منفتحة على كل الحلول»، وشدد على أن «الرئيس قبل كل شيء».

 

«اليونيفيل»: نتعامل بمسافة واحدة مع الجميع

من جهة ثانية، ردّت قوات «اليونيفيل» بشكل غير مباشر على ما نشرته «السفير»، امس، فأكدت انها تعمل وفق قواعد القرار 1701 وتتعامل مع كافة الاطراف بمسافة واحدة مع التركيز على ضمان منع الخروقات. وتزامن البيان الشامل الصادر عن مكتب الشؤون السياسية والمدنية في «اليونيفيل» في الناقورة، مع اعلان نائبة المتحدثة باسم الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، ماري اوكابي، في نيويورك امس، أنها لا تستطيع تأكيد أو نفي ما إذا كانت عناصر تابعة لـ«حزب الله» هي التي اعترضت قوة من «اليونيفيل» في القطاع الغربي (جبال البطم) مساء 30 ـ 31 آذار المنصرم ومنعتها من تفتيش شاحنة تنقل أسلحة في منطقة عملها في الجنوب.
وشدد بيان «اليونيفيل» من الناقورة على أن جنودها يعملون «بطريقة موضوعية وحيادية ويتعاملون مع كافة الاطراف بمسافة واحدة مع التركيز على ضمان احترام القرار 1701 ومنع الخروقات لبنوده بغض النظر عن الجهة التي تقوم بالخرق». وشدد البيان على الشراكة الاستراتيجية مع الجيش اللبناني، كما شدد على أن تاريخ «اليونيفيل» متشابك ومتواصل مع السلطات المحلية والمجتمع المدني اللبناني».

 

زحلة تهدأ ولكنها تنتظر تثبيت الموقف

الى ذلك، لخّص مراسل «السفير» في زحلة سامر الحسيني صورة الوضع في المدينة في التقرير الآتي:
«لم تنم زحلة أمس الأول. امتدت الوساطات السياسية والدينية حتى ساعات الفجر، وتولى قسما كبيرا منها بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام ومطارنة المدينة وبعض الفعاليات والشخصيات الزحلية المستقلة وبالتنسيق الدائم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان ومدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد جورج خوري.
وأفاقت زحلة صباح أمس على أخبار تفاهم سياسي تم التوصل اليه، وسهل حصوله اتصالات جرت مع الرئيس امين الجميل والنائب الياس سكاف حيث اتفق الاثنان على خطورة الاحتقان السياسي السائد في زحلة وخصوصا اذا استمر طرفا النزاع على مواقفهما التصعيدية.
إزاء هذا الواقع، حصل نوع من التفاهم بوشر بتطبيقه مع ساعات الصباح الاولى حيث كان الجيش اللبناني قد اكمل انتشاره في كافة احياء زحلة (بدت أشبه بثكنة عسكرية)، وسيّر دوريات جابت بولفار زحلة في اشارة واضحة حول وجود قرار بعدم التهاون مع أي مخل بالأمن.
ودخل التفاهم حيز التطبيق عند الساعة السابعة والنصف صباحا حين اطل الرئيس امين الجميل عبر اذاعة «صوت لبنان» ليعلن حرصه على وحدة المسيحيين، آملا من النائب سكاف صرف النظر عن المؤتمر الصحفي. ولم تمض دقائق قليلة حتى أعلن سكاف تجاوبه مع هذا النداء وقرر إلغاء مؤتمره.
بعد ذلك، ردّ حزبا الكتائب و«القوات اللبنانية» على بيان سكاف بالايجابية نفسها واستبدلا الاعتصام امام مكاتب الكــتلة الشعبية في زحلة بتجمع رمزي امام مدافن الشهداء.
وفي المحصلة، أصر سكاف على الحضور بهدوء الى مكتبه في سيدة النجاة قادما من اليرزة، ليؤكد استمرار وجوده السياسي وعدم خضوعه لأي معادلات سياسية جديدة تمنعه من حرية التحرك في المدينة، علما ان تراجعه عن المؤتمر الصحفي شكل للمرة الأولى مهادنة مع قوى الرابع عشر من آذار واعترافا بوجودهم الملموس في المدينة ولو تحت عنوان الالتزام بميثاق الشرف المتبادل بين الجانبين»

الجمعة 25/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع