عدو إسرائيل الجديد: جيمي كارتر



فيما التزم المستوى السياسي الإسرائيلي، مرغمًا بطيعة الحال، حدودَ اللياقة واللباقة الدبلوماسيتين حيال اللقاءات والمباحثات التي أجراها الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر في دمشق مع قادة "حماس"، فقد قدحت وسائل الإعلام الإسرائيلية صانع كامب ديفيد الأول ابن الـ(83) عامًا بأقبح الأوصاف وأغرب الاتهامات.
فكارتر، حسب هؤلاء، مسؤول تاريخيًا عن الثورة الخُمينية في إيران، ويسبّب كارثة تاريخية في الشرق الأوسط. لا بل إنّ أحد الصحافيين الإسرائيليين المعروفين بغيرتهم الزائدة على القضية الفلسطينية ذهب إلى أنّ جولة كارتر الأخيرة تضرّ بالشعب الفلسطيني وبمن باتوا يُلقّبون بـ"المعتدلين الفلسطينيين"!
ومن خلال اعتباره "غير ذي أهمية"، تحاول إسرائيل التهرّب من التعاطي مع ما يطرحه كارتر، مع أنّ (وبالأساس: لأنّ) ما يقوله أهم وأسلم منطقيًا من كل كلام السلام الفارغ الذي خرج من أفواه رسميي واشنطن وتل أبيب منذ سيطرة "حماس" على القطاع ومنذ مسرحية أنابوليس.
هذه الحملة - التي وصفها الصحافي التقدّمي جدعون ليفي بـ"المكارتريّة"، على غرار المكارثيّة التي لوحق فيها "المشتبهون" بالشيوعية واليسارية في بلاد الحريّة قبل أربعين عامًا – شُنّت لسبب واحد بسيط، هو أنّ كارتر شذّ عن الاستراتيجية الأمريكية-الإسرائيلية في المنطقة.
فحين تفرض الإدارة الأمريكية على إسرائيل تجميد "المسار السوري" بسبب أطماع الأولى في لبنان وأزمتها في العراق، وحين تقوم سياسة الاثنتين على عزل "حماس" بدلا من إشراكها في العملية السياسية؛ عندها، يصبح أي صوت يغرّد خارج هذا النشاز السياسي عدوًا لإسرائيل، حتى لو كان رئيسًا أمريكيًا أسبق.

رجا زعاترة
الجمعة 25/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع