ثرى قرية الشرايع "المهجرة" يحتضن جسد المناضل "الزير"



*سلطات الامن لم تسمح لنجليه المعتقلين إلقاء عليه نظرة الوداع الأخيرة، المرحوم المحامي حنا نقارة من اشد المدافعين عن "الشرايع" في أروقة المحاكم*

أم الفحم- من جاد الله اغبارية- شيعت جماهير غفيرة من مدينة ام الفحم وقرى وادي عارة جثمان الراحل الحاج محمود محمد أسعد ياسين (72عاما) والذي عرف بكنيته "الزير"، بعد صراع مع المرض لم يمهله طويلا.
هذا ولم تسمح السلطات الاسرائيلية لنجلي الراحل المعتقلين الأمنيين ناصر ويوسف من إلقاء نظرة الوداع على والدهما أو المشاركة في تقبل العزاء.
وترك الحاج محمود ياسين "الزير" بوفاته إرثا كبيرا وسيرة عريضة من النضال، وسجّل صفحات مشرقة في الصمود، بوجه المخططات الاسرائيلية لمصادرة أرضه وأرض آبائه وأجداده في منطقة "الشرايع" التابعة لأراضي ام الفحم.

 

وينحدر المرحوم من أسرة أصلها من بلدة عانين من عائلة ياسين، حيث سكن والده المرحوم محمد ياسين منطقة "الشرايع" وكانت تابعة لبلدة عانين التي امتدت أراضيها على آلاف الدونمات، وبعد قيام الدولة بقيت منطقة الشرايع ضمن حدود الخط الأخضر، وقامت المؤسسة الحاكمة بمصادرة آلاف الدونمات التابعة لعانين وعلى بعد منها أقيمت مستوطنة "ميعامي"، وتعرضت منطقة الشرايع كغيرها من الأراضي، للمصادرة والتضييق، فرحل من رحل من عائلاتها، تحت وطأة التهديد أو بيع الأرض أو تبديلها، إلا أن الحاج محمد ياسين والد المرحوم "الزير" بقي هو وأبناؤه محمود "الزير" وأسعد صامدين على أرضهم.

 

وبدأت حكاية "الزير محمود" الفحماوي العانيني مع الصمود، منذ عشرات السنين، فقامت السلطات باستخدام كافة الوسائل مع "الزير" وأخيه الحاج أسعد لاقتلاعهم من أرضهم في الشرايع، بعد أن قضم غول المصادرة معظم أراضيهم، لكنهم رغم الإغراءات المالية الخيالية والتهديد المتواصل، صمدوا في أرضهم، ففلحوها وزرعوها بأنواع الأشجار المختلفة، إلا أن مخططات المصادرة والتضييق على "الزير" لم تتوقف، فكافح المرحوم حتى آخر أيامه واعتقل مرات عديدة خلال تصديه للمؤامرات التي سعت إلى النيل من عزيمته وإصراره على البقاء، ورفع المرحوم عشرات الدعاوى على المتربصين بأرضه مثل مديرية أراضي اسرائيل ومستوطنة مي عامي ولجنة التخطيط والبناء اللوائية في حيفا، ولم يتوان في سبيل ذلك عن دفع مئات آلاف الشواقل وكان المرحوم محامي الأرض والشعب حنا نقارة من أشد  المدافعين عن أرض "الشرايع" في أروقة المحاكم.
هذه كانت حال راحلنا "الزير"، وهكذا كانت حكايته ورحلته مع النضال والمعاناة، هذه الرحلة كما يؤكد أحد أقاربه لم نتنه ولن تنتهي وستبقى رغم هدم ما تبقى من بيوت في "الشرايع" عام 1995 إثر قرار المحكمة العليا الظالم، والانتقال للسكن في مدينة ام الفحم، إلا أن صلة "الزير" وأخيه بأرض الشرايع بقيت على عهدها، والزائر لتلك الأرض يستطيع أن يقف على حجم الالتصاق بها من حيث فلاحتها والعناية بها".

 

وأبى المرحوم محمود محمد "الزير" إلا أن يدفن على أرض الشرايع، وقد شيع الموكب الجنائزي جثمانه ليعانق ثراها جسده الطاهر، وكأنه يقول: "أنا الزير لم انحن وأنا حي، أموت وأنا واقف كشجر الزيتون الصامد هنا في الشرايع، ولن تنتهي حكايتي فهنا أنا هنا في "الشرايع" باق.

 

رحل "الزير" تاركا خلفه 15 ابنا وبنتا وعشرات الأحفاد، لسان حالهم يؤكد إنّ "الزير" محمود لم يمت فحكايته صارت نهجهم وطريقة حياتهم.

الخميس 17/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع