الرفيق المجهول



لا أستسيغ تعبير الجندي المجهول في هذا السياق، وهذا لا يقلل ابدا من دور الجندي المجهول في الحروب العادلة التحررية، والقصد ايضا ألا يستثني دور الرفيقة، وألا نتنكر لدور القائدة.
الغالبية الساحقة جدا من رفيقات ورفاق الحزب الشيوعي هم من ينطبق عليهم هذا التعبير "المجهول" مقارنة مع غيرهم من القلة. هذا المجهول هو الاساس، هو القاعدة المتينة للبناء، هو حامل العبء الرائع والمشرّف، هو المنفذ لما يسمى ظلما العمل الاسود، العمل اليومي المتواصل، الذي يظل يدبّ الحياة الدافقة في هذا الخط، تراه عادة يتضايق من الاطالة في الكلام داخل الاجتماع، او النقاش حول امر بديهي ومفهوم وطبيعي جدا بالنسبة له، ويبدي دهشته من سرد التفاصيل المسهبة على حساب العمل، يتضايق من الوقت الضائع المهدور، له قدرة وسليقة عجيبة في الاهتداء الى الصواب والحق بعفوية محصنة ذات مناعة مذهلة من الشوائب، والانحراف، يدلي برأيه باختصار مكثف هو بحد ذاته علم رفيع المستوى، يستدل على كبد الحقيقة وجوهرها بكلمات قليلة، خالية من المواربة والمعابر الالتفافية، يجاهر على "القدومة" وليس على "الدورة" الطويلة، طرحه نقي من الحقد، بل مفعم بالصراحة الصادقة المضمخة بالاحترام حتى في كلماته الانتقادية الخلوقة ولكن الصارمة دون تنميق، يتميز بنكران الذات بكرامة شامخة، يسعده ان يكون ويظل جزءا حيا من كل قوي سليم ويريد له السلامة، لا يصبو الى مركز، طموحه اكثر شمولية من المركز، يأخذ على عاتقه هذا المسمى العمل الاسود المشرّف، قد لا تجده متعلما كفاية، ويعيش في ظروف قاسية، يقوم بواجبه بعد يوم عمل شاق مرهق، يتعب جدا على تثقيف نفسه فقط بهدف نجاعة عطائه وخدمة ما يؤمن به من قيم وأفكار بشكل افضل، تراه رافضا رفضا قاطعا لكل اساليب الترهيب والترغيب من قبل اجهزة ظلمه واضطهاده كواحد من شعب، كواحد من الحزب، لكل واحد من هذه الجموع قصة ورواية وسيرة حية مفعمة بالاصالة مدججة بالمبدأ الذي لا يهتز ولا ينخلع في العواصف العاتية، لا يفقد الامل في النكسات القريبة والبعيدة، يواجهها بزيادة النشاط وكأنه يبدأ من جديد بقوة وعنفوان، محصن من اليأس والاحباط بالرغم من مرارة هزيمة المسيرة لهذا الشعب او ذاك.

 

تضحكه المزاودات على انتمائه الفكري والسياسي حتى وان انفلتت منه بعض الردود القاسية الاصيلة على هذا الافتراء والتزييف وهو على أتم ثقة بأن حبل الكذب قصير، وياما كان من هالحبق شتلات. قلما تفوته مظاهرة ومسيرة، يشعر بانه صاحبها وهو كذلك، وبأي شموخ متواضع، وتواضع شهم غير متصنع ابدا يمشي ويصغي ويهتف ويُسلم ويسأل ويتعرف ويتذكر ويعاتب ويلاحظ، هذه هي الاكثرية الساحقة، هكذا كانت عبر عشرات العقود وهي كذلك اليوم وستبقى من مختلف الاجيال، الاممية بالنسبة له جزء منه، جزء من كيانه ومن عطائه، ومن فكره، امر طبيعي جدا مفروغ منه، هذا هو الاساس.

محمد نفاع *
الأثنين 14/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع