سعادة السفير الفلسطيني..



تحية وبعد،
     آمل أن تكون أنت وأفراد عائلتك بخير، سواء كانوا معك في بلاد الغربة أو في الوطن. اعرف انك غارق في أمور الدولة وحفلات الكوكتيل. وأعرف أيضا انك لا تشرب المنكر صحّيا ودينيا، كما واعرف أن الدولة بعيدة جدا ولن يراك احد وأنت تشرب أو حتى وأنت تأكل لحم الخنزير إلا إذا اغتصب كأسك و شف منه شفة أو سرق منك قطعة لحم. فأنت تحضر الحفلات مرغما بسبب البروتوكول. تأكل و تشرب الحلال مجاملة حتى لو امتلأ بطنك من سوائل العصائر الطبيعية. وحتى لو كنت مريضا بمرض الأغنياء الذي تجلجق- السكري- في هذه الأيام فأصاب الفقراء، أمثال صاحبنا اللص، من شويكة.
     سعادة السفير اعذرني لأنني اعرف انك سفيرا لدولة غير القائمة، أرضها محتلة منذ عام 67 و شعبها الواقع تحت الاحتلال ينهش بعضه بعضا. فلا وجود للقانون سواء كان ذلك على المثوى السياسي و الاجتماعي أو الاقتصادي. فالدولة حارة "كل من إيدو إلو". فتحت ظروف الاحتلال لا وجود للدمقراطية ولا حتى للقانون الأخلاقي غير المكتوب وغير المنصوص عليه بالدستور غير القائم إلا على الورق أو الدستور الحاضر الغائب.. كقانون الحنتش بنتش عندنا هنا في ال48.
     أخي السفير أنا اعرف و أنت تعرف أن في ظل الاحتلال لا وجود للقانون ولا وجود للأخلاق. وإنني اعرف وأنت تعرف أن هنالك بعض الوزراء وبعض المدراء العامّين لصوص. و إن سياسة تعيينهم كانت وما زالت على أساس  -   فليبقوا في أماكنهم لأنه سوف يأتي يوم ويشبعون. أما إذا جيء بجدد فسوف يبدؤون بالسرقة من جديد، و الجشع الجديد أقسى و أدهى من القديم. حالة غير مسبوقة في هذا العالم.
     عزيزي السفير -من شان الله- لا تقل لي أن هنالك فروقا  بين اللصوص. اللص لص مهما كان وأينما كان. ولا فرق بين لص المال و لص السياسة. لا تقل لي أن لصوص السيارات في شويكة أو رمال غزة عندما يكتشفون أن صاحب السيارة المسروقة عربي لا يخدشونها ويرجعونها فورا.وان لهم أخلاق وطنية عالية في لصوصيتهم. تعرفت على احدهم كما تعلم وكان يفتخر انه "يلحّم" السيارة في ربع ساعة.. ربع ساعة وتصبح هيكلا عظميا أو بالأحرى حديدا. وانه حتى الحديد يختفي فيقص و يباع بالكيلو للإسرائيليين.
لا تقل لي أن صاحبنا تاب. فذهب إلى بيت الله الحرام و غسل ذنوبه. ثم عاد وحمل لقب حاج لكن للأسف أصبح الحاج لص! و الله غفور رحيم كما يقول، ففي كل مرة يحج ويغسل ذنوبه و يعود يقول دائما : سرقة اليهود حلال. فاليهود سرقوا بلادنا و لماذا لا نسرق سياراتهم؟
أنت تعلم وأنا اعلم أن ضباطا في السلطة يركبون سيارات مسروقة بنصف السعر و بعشر السعر الحقيقي بحسب الدرجة وان تزييف رقم الماتور و رقم الشاصة ليس بمشكلة.
     أخي! كلانا يعلم أن قانون و احتلال لا يتفقان و أخلاق و احتلال لا يتفقان أيضا. وان الاحتلال يفسد الطرفين. الفاعل و المفعول به. فلا تفكّر أن الوضع عندنا أفضل! أرجوك لا تقل لي أن صواريخ "هيفاء وهبي" عبثية دائما. أرجوك لا تقل لي أن المحتل يستدعيها دائما. وأنها دائما تأتي بالفرج للمحتمل. صحيح أن الاّ سامية لو لم تكن موجودة لخلقتها الحركة الصهيونية، لكن دعني أقول أن الاحتلال هو سبب كل الموبقات وان الاحتلال أي الاحتلال يستدعي مقاومة أي مقاومة! بحد السيف أو باللسان أو بالقلب.. و لا دين ولا وطنية ولا قومية للمافيا و لا دين و لا وطنية ولا قومية ولا أخلاق للصوص و السكارى و البلطجيين و الحشاشين و النصابين سوى أخلاقهم و أخلاقياتهم الخاصة بهم. إن المتاجرة بالأدوية الفاسدة في العراق موجودة أيضا في المناطق المحتلة 67. ولا فرق بين هنا وهناك.
أخي و صديقي سعادة السفير. بربِّك لا تقل لي انك سفير دولة، إصحَ قليلا ! لا تتعصّب ! و لا تغرق بالوهم.. و ألف معذرة إذا خدشت كرامتك الوطنية فصديقك من صدقك وليس من صدّقك. واسلم لي أنت وعائلتك.

وليد الفاهوم
الأثنين 14/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع