مطلب الساعة، تجفيف مستنقع العنصرية!



بعد الاستماع الى نشرات الاخبار المختلفة، والاطلاع على محتويات بعض الصحف، يجلس الجسد ويسرح الجيال في ارجاء الكرة الارضية دافعا العقل للتساؤل: لماذا هذا الواقع المتميز ببؤسه والامه وشقاء الملايين في كل مكان؟ لماذا هذا الواقع خاصة انه يحلو للماسكين بزمام الامور اطلاق مصطلح: "دولة الخير العميم"، على الرأسمالية المعاصرة،فالثروات كثيرة في الارض ولا احد ينكر ذلك، ورغم ذلك فالجوع والفقر والبؤس وشظف العيش في كل مكان، فهل من العدالة ان يكون المقعد في مرحاض الملك من ذهب والمرايا من فضة وحذاء الرئيس بعشرات آلاف الشواقل فيما يفتش حشد من الفقراء في كل مكان عن بقايا طعام في براميل القمامة؟ وهل من العدالة ان ينام الملوك والرؤساء والامراء والاثرياء على أسرة من ذهب وفضة، وهناك من ينام في العراء وعلى ارصفة الشوارع؟
ان الثروات كثيرة في الارض، ويجري الصراع عليها بين الدول،وتتبوأ الولايات المتحدة الامريكية، المرتبة الاولى في تنكرها للقيم الانسانية الجميلة وفي دوسها على كرامة الانسان الذي هو اهم من كل الثروات، ولا تتورع عن استخدام اية وسيلة لنهب خيرات الشعوب، غير آبهة لاحوال تلك الشعوب ومعاناتها والدلائل قائمة في العديد من الدول، وبالذات في هذا الوقت الذي يزداد فيه عدد البؤساء والفقراء في كل مكان، ويتعمق جشع وظلم واستغلال ارباب رؤوس الاموال والعلق البشري ومثيري الحروب، تبرز مدى اهمية الافكار والمبادئ والقيم الشيوعية، لانها الوحيدة القادرة والكفيلة بالقضاء على بؤس الانسانية وتعاستها والاخطار المحدقة بها. فالفرق بين الاشتراكية والرأسمالية هو ان الاشتراكية وهي المرحلة الاولى في الطريق الى الشيوعية، تريد ان يكون الانسان للانسان شقيقا لا ذئبا وصديقا حميما لا عدوا. ومن الفروق ايضا انه في الرأسمالية يتسلط حفارو القبور متباهين بدفن القيم الجميلة والمحبة ودوس الكرامة الانسانية وحقوق المواطنين واولها العيش باحترام وكرامة واطمئنان في ظل السلام والطمأنينة وراحة البال.
نعم، ان الاشتراكية تنهض بالجماهير الى حياة جديدة وفي ظلها فقط يبدأ السير الى امام في جميع ميادين الحياة، فيكفي انها تحرر البشرية والى الابد من الحروب والاستغلال وتكسبها بالمقابل، السعادة التامة والفرحة الابدية، لان المجتمع القائم على الاستغلال والتمييز العنصري وهدف الرأسماليين فيه جني الارباح وبغض النظر عن الاساليب وادوات ضمان جني الارباح، يعجز والواقع الملموس يؤكد ذلك، عن تأمين الحرية والمساواة والاخوة بين الناس، يعجز عن ضمان السعادة والطمأنينة وراحة البال لكل الناس، بالمقابل فان عالم الاشتراكية هو ظاهرة اجتماعية تتطور بزخم واستمرار الى الامام، والهدف النهائي للاشتراكية، السعادة الحقيقية لكل الناس كأسرة واحدة، يكون قانون حياة افرادها، عناية الجميع بخير كل فرد وكل فرد بخير الجميع، فالانسان هو الاساس ولخيره يجب العمل.
نعم، ان الاشتراكية، المرحلة الاولى في الطريق الى الشيوعية، تضع في خدمة الانسان كنوز البشرية المادية والروحية، واولها تعميق انسانيته وجماليتها وتعميق جمالية انتمائه الانساني، وعندما كانت الانظمة الاشتراكية قائمة، كانت تعمل كل ما بوسعها من اجل سعادة الانسان، وكانت، وخاصة الاتحاد السوفييتي تقدم الدعم والمساندة والمساعدة متنوعة النواحي لنضال الشعوب في الدول الرأسمالية، لتنال استقلالها، وكم من طالب من عشرات الدول، تعلم في الدول الاشتراكية بينما قتلت وطمست مواهب وقدرات كثيرة في الدول الرأسمالية خاصة من ابناء الاقليات لعدم توفر الامكانيات والقدرات المالية لدى اصحابها لصقلها وتنميتها وتطويرها وقطف ثمارها الطيبة، ولقد اثبتت الدول الاشتراكية على مدى عشرات السنين واستنادا الى الواقع الملموس، انها اسمى نظام حكم، فلقد وضعت في خدمة الانسان كنوز البشرية المادية والروحية، وأولها تعميق جمالية انسانية الانسان، وجمالية انتمائه الانساني وضرورة عمل كل ما من شأنه تعميق تلك الجمالية، والاعتزاز بالانتماء الانساني، فهناك اعمال تنتج ما يبهج الانسان وتضمن له الفرح والطمأنينة، وهناك اعمال وممارسات تنتج ما يهدد وجوده، فما هو الافضل؟ ما هو الافضل، الانهماك في البحث عن وسائل جديدة للقتل والتدمير وابادة البشر بالجملة وتشويه الطبيعة اكثر، ام الانهماك في ما من شأنه خدمة الانسانية وجعلها سعيدة وحرة ومطمئنة على مستقبلها وجماليته؟
ان يد القاتل تشحذ السكين دائما بينما يد الشاعر المحب للجمال وللحياة وللبشر، تعزف اللحن الجميل المحب للحياة وجماليتها، والنظام الرأسمالي اشبه ما يكون بيد القاتل التي تجد متعة ولذة في شحذها الدائم للسكين، لضمان استمرار تدفق الملايين والملياردات لجيوب الماسكين بزمام الامور غير آبهين لاوضاع الجماهير، خاصة من ابناء الاقليات، بينما النظام الاشتراكي اشبه ما يكون بيد الشاعر المحب للجمال وللحياة وللبشر، والتي تعزف دائما اللحن الجميل لابهاج البشر، وواضح ان صفات الانسان لا تنشأ من تلقاء نفسها بل يجري تكوينها وبلورتها من خلال التربية ونوعيتها واهدافها وواضح ان ما تزرعه تحصده، فالصفات الرفيعة والجميلة والمفيدة للبشرية وللطبيعة ولجماليتها لا تنشأ في مستنقع العنصرية والفاشية، وانا شخصيا لم اتفاجأ بنتائج الاستطلاع التي اكدت ان (%75) من اليهود في الدولة لا يعارضون ترحيل المواطنين العرب من اسرائيل، وذلك لان التربة خصبة في الدولة ومشبعة بأسمدة العنصرية والفاشية والتحريض على المواطنين العرب في اسرائيل وشرعنة استخدام اية وسيلة قمع احتلالية ضد المواطنين الفلسطينيين في المناطق المحتلة، ومن هنا اهمية تقوية الصوت الجبهوي الشيوعي اليهودي العربي الاممي الجريء لتجفيف مستنقع العنصرية النتن والقضاء على اوبئته الخطيرة ولضمان تغريد البلبل المحب للانسان الانسان بغض النظر عن انتمائه القومي وسحق نعيق الغربان الملوث بالسموم والاوساخ.

سهيل قبلان
السبت 12/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع