اكرهُ أن ينادى عليّ في الليل امرأة
وان أموت في صراع الاسّرة
وأن اضمحل...
بين أنياب الذئبة وبراثن الثعالبَ
اكره أن أموت
من أجل حبٍ كتب بماء
من أجل صفحة غرامٍ
وجهها السماء ...
أكرهُ أن أعيش بكرامة
غيّها بعيدٌ عن الضياء
أو أن اسميها كرامة
ككرامةِ السجناء
اكرهُ أن انتحل اسماً
وانسب لي الأسماء
وأن اسرق أقلام الشعراء
اكرهُ أن أصبح غولاً
اسحق الفقراء
وأدوس على كسرة خبزٍ
تلوكها الأفواه في الأوهام
وان انسب نفسي للشرفاء
اكرهُ أن أكون علماً مضرجاً
 بدم الشهداء
وأتلقى بحراً من الشتائمِ
وأتلقى غضبَ الأنبياء
اكرهُ أن أعيش عيشة الملوك
وجحرُ الفئران
اكبُر مأوى الفقراء
اكرهُ أن أموت موتَ الكلاب
فلا احد يمشي في جنازتي
سوى ... صراصير الليل المدوية
ونماذج بشرية من ورائي
وأقذارُ حياتي تسابقني الضريح
اكرهُ أن اضحكَ
ضحكةً صفراء
تكوي الأفئدة وتنزف الدماء
لأتساوى مع الأوغاد الأذكياء
اكرهُ أن أعيش مستخفةً
بكرامةِ الأبرياء...
وامشي تيهاً
فاهتزاز الأرض للعظماء
اكرهُ أن اخلّد في التاريخ
اسماً أو علماً أو أسطورة
تكرهُ البشرية أن أسوحَ في ذاكرتها
فيشرفني... أن أكون
للتاريخ.. كالسماء
وللبشرية.. بلسماً ودواء
فانا لم أخلق لأكون ضعيفة
بل لأكون  طيفاً
كشعاع القمر في عتمة السماء
فانا نموذج إنسان...
بروحٍ وجسدٍ وقلبٍ ودماء
وسيمفونية الطبيعة الغنّاء
وأوتار أنغام الإله
أنا اراجوز في يد القضاء
تحركني أصابع الدهر
كالدمية  الصماء
ويسوقني القدر بعصا الأكفاء
لبحرٍ ....
تحن شفتيه الى الماء
وأزقةٍ
تتوق إلى عبق الهواء
فانا نموذج إنسان
انفع لكل مكان وزمان
صباحي تفّتح الأيام
ومسائي ولادة الأحلام
وسريري مصرع الأوهام
ومرآتي قصيدة الأيام
وضميري أغنية الأنام
فانا بشرية في حجم إنسان
أنام على ترنيمة السواقي
وانطلق
إلى العالم الغضبان
بثوب إنسان
أنا لا املكُ
مالاً... ولا جاهاً
ولكن املك فكري والأقلام
واملك عمري
لأرثي المدافع بزنادِ السلام
فاسمعوا ندائي
إنني إنسان

(باقة الغربية)