احمد فوزي أبو بكر:شاعر فذ.. يتقن صهر الكلمات بالأحاسيس



احمد فوزي أبو بكر – شاعر شاب,رضع موهبة الشهر من والده المرحوم الشاعر فوزي ابو بكر الذي ظهر بسنوات الخمسينات والستينات بأشعاره تحت لقب (أبو حاتم) ومن نسائم القرية الوادعة والجميلة "سالم" المتربعة على سهول تله تطل على مرج ابن عامر..درس أحمد فوزي السيناريو والإخراج والتصوير واختار العمل الوطني كطريق حياه والشعر كمشروع حياه. تظل العلاقة بين الشاعر والقصيدة ،مسالة لها جوانب كثيرة وخاضعة للنقاش. ويمكن ان يعبر عنها بطرح سؤال :لماذا تتلبس شخصا ما حالة من الشعر ؟ سؤال يبدو شديد البساطة لكن الجواب ليس سهلا. فهل الشعر شيطانا كما يرى الجاهليون ، ام انه إلهاما ينمو على التخييليه العالية التي يمتلكه الشخص -الشاعر ،لتتجلى في قدرته على صهر الكلمات مع المشاعر والأحاسيس والرؤية الكونية . ..من يعرف الشاعر احمد فوزي جيدا يميل الى ان الجواب للسؤال المطروح هو الإلهام الذي ينمو على التخيليه العالية وعلى ألقدره على صهر الأحاسيس مع الكلمات وسكب رؤية كونيه....
كتب الشعر بمراحل شبابه الأولى واخرج للنور ديوانه الاول "رغبه متوحشه" مع كم من القصائد المتمرده والوصفية فبرز كشاعر ملتزم بقضية شعبه ومتأثرا بواقع حياته.فكتب للشهداء وكتب لوجبات الأكل السريع واصفا حاله الشعب. نشر أشعاره بالصحف المحليه والمواقع الادبيه فنالت اهتماما كبيرا من القراء حيث تفاعل القراء وكتبوا من التعليقات الكثير,تميزت في ابراز جماليه أشعاره وإبراز خصوصيته كشاعر "صاروخي الانطلاق".....
فكتب قصدته الشهيره "آخر لحظات روبرتو" واصفا مصير المحتل الأمريكي للعراق" ....
ومن معالم تجربة الشاعر الفلسطيني " احمد فوزي ابوبكر " البحث في طبيعة العلاقة المتوترة بين النص والمبدع ، واعني بالمتوترة : تأمل الشاعر وتفكيره وتخيله للحدث او ألصوره، بحث قلق . إلا ان احمد فوزي لا يقف عند وصف هذا التوتر الشعري ،بل يدور في فلكه ، بل يتخطاه بتحليله ودخوله التفاصيل لتصبح الصوره الشعرية ظاهرة إبداعية ، ليقدمها قراءة إنسانية البعد ، شاملة الطرح ، تستلهم التاريخ والحدث وعناصر الحياة ، وفضاء الشعر
ديوانه الأول "رغبه متوحشة" صدر في ال 2002 في ظروف صعبه للشاعر والشعب...فكانت القصائد كأنها دواء للروح والعقل..تنقلت مواضيع من الأرض والثورة والحبيبة والشهداء والكوميديا الشعرية.
تابع احمد الكتابة..فتفاعل مع قضايا ألامه...وكانت القمة في قصيده " آخر لحظات روبرتو " حين وصف احتراق مركبه أمريكية في شوارع بغداد وموت الجندي المحتل...ثم انتقل للعمال واصفا ظروفهم لثناء العمل في ساحات حيفا...معرجا على هضاب مجيدو عائدا للتاريخ والفري الجبلية...داخلا تفاصيل حياه المواطن الفلسطيني ...من المسبحة الى وعاء الأعمى...إلى عيون الشين بيت المخابراتيه.. الشاعر احمد فوزي نجح في ربط حبه لشعبه بالأرض والمكان والزمان ..ومن ثم ربط الحبيبة بموضوع المصير المرتبط بالله وبالوطن..مكونا سلسله متكاملة من التواصل الروحاني برومانسيه مميزه...ودون مساومه عن عشق مقدس لا نهائي للتراب والشعب والحرية. قمة احمد فوزي الهجومية على أعداء قضيه شعبه برزت في آخر أعماله "ثور كنعاني"..حين نجح بجمع التاريخ والتحدي بحروف ناريه لا تساوم..وزودها بأظافر فولاذيه تحرث الأرض ..وبقرون حديديه جاهزة أن تتصدى لمن يمس شرف وطهارة الأرض...هنا احمد يحسم موضوع الانتماء..الانتماء للجذور الكنعانية الاصيله والأرض الطيبة المقدسة وما عليها...اذ يقول:

" واكتب للقاصي والدّاني
في حُلمُك في دمك القاني
في فلكي هذي الأرض تدور
كلّل بالزعترِ
أقصاها
وبصخرتِِها
وقيامتِِها
وبشارتِِها
واحملْ رايتَها راية مجدْ
وارفع للعالي شارتها
واوشم بالمجد حضارتها
وارسمها صّباراً.. واكتبْ
في واديها وبواديها
في ملقى البحرينِ
وحطّينْ
في عرّابةِ.. في سخنينْ
في الجرمقِ
في سهلِ الشاغورْ
من عكّا من يافا جئنا
من غزّةِ هاشمِ من لُدٍّ
من أمّ الفحمِ ومن سالمْ
نابلسَ.. الرّملةِ.. ناصرةٍ
من حيفا.. والبحر المسحورْ
في فلكي هذي الأرض تدورْ
وأنا في عشق ثراها أدورْ
في قلبي ينفجر التنّورْ
إمّا الطوفان وإمّا أنتْ
يا أرضاً من نارٍ..
من نورْ..
فأنا ثورٌ كنعانيٌّ
حرّاثُ الأرض وزارعُها
ومبايعُها ومدافعُها
والسّاكنُ رحم حجارتِها
وأنا المصلوبُ بشارعِها
وأنا في خدمتِها منذورْ....


لغة الشاعر احمد فوزي الغزيرة..تتميز ببساطتها وسلاستها..فهي غير معقده.. سهله الفهم ..يختار الكلام المنسجم مع الإيقاعات والموسيقى الشعرية..وينجح احمد في إخضاع الكلمات للمعاني الشعرية..ونجاحه هذا جعل مهمتي في نسج عناوين لبعض قصائد الشاعر احمد في نص شعري نثري سهلا...ليكون هويه لاحمد قدمتها له في الذكرى السابعة لرحيل والده الشاعر فوزي ابي بكر "ابو حاتم" رحمه الله"..اقدمها للقاري علني انجح في تشخيص ابداعات الشاعر الشاب احمد فوزي ابو بكر:

فلتسمع كل الدنيا.. ولتسجل كل المؤتمرات..والبرلمانات..
ولتكتب كل الصحف..والمجلات..
ولتحكي كل الفضائيات والإذاعات..
ولتعلم كل الأحزاب والحركات..
مني ومن ولدي...
هي.."رسالة قصيرة جدا..."
تحكي عن "مفتاح الليل"..
ينام "في صومعة المحبين"
يحرسه" شاعر ومجنون"
يعشق الله والوطن وحبيبته..
تنفس نسيم ابن عامر..
هو في "ضفاف الأربعين"
لكنه لا يزال..
"صالح للاستعمال"
يسكن في "غرفه معقمه"

يراقب من شباكها "حبل غسيل..."
وفي ساحته " حمار مغرور"
لكن تستفزه "كلاب الملايات..."
فيرفس ويركل حتى "إناء الأعمى".. يرن الإناء...وكأنها "مواويل حنين..."
في شتاء من قبل..
ويرغبه متوحشة..
كالتي في قلب "معتوه قابع خلف الجدار"..
ويحلم بالولوج إلى حديقة شولا الخلفية...
صديقه روبرتو الملتهب..
وفي يده "سبحه عاشق"..
لا يخشى رجل الشباك...
بذكاء يسلك "سبيل الافعى.."
فالجو شارعي جدا...
ولا يخاف ان "يأمروه" افتح الباكاج"..
فقد خباء في جمجمته "خطبه حضاريه جدا"..
وان سالوه لما يتمرد على القانون..
سيحيب "انا لست بقاريء"..وقانونكم ملعون
من أين أنت؟؟وما هو أصلك...
يجيب..بهدوء..وعلى مهله..
وكانه "في "استراحة طعام":
انا من هار مجيدون"..
أنت صعلوك...بل صعلوك المرايا..
فيجيب "هكذا أردت أن أكون"..
كفاكم...غرورا كالحمير..
ألا تعلمون انه"
"آن وقت الراجفة"
آن وقت الراجفة...
وسنحمل زهر التلال
وسنزرع زهر على رمل
لكي نعود ..نعم نعود
الم تدركون بعد...
أن السؤال هو أن "نكون أو لا نكون"...

أتمنى للشاعر احمد فوزي مزيدا من العطاء..ومزيدا من الشعر الجميل يزين به كتبنا ومواقعنا وصحفنا.

بقلم: د زياد محاميد
الخميس 10/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع