نص الكلمة الافتتاحية في حفل تكريم الاديب فتحي فوراني

ايها الاخوات العزيزات ,
ايها الاخوة المحترمون ,
اسعد الله مساءكم.....

 ان حضوركم المهيب في هذا المساء الشاعري ما هو الا وفاء لرجل ساهم بجهده وابداعه وقدم لوطنه انجازات وابداعات تظل شاهدا على تقدم وازدهار وحضارة شعبه.
قال فولتير :  " خير لي ان اقرأ كلمة طيبة عني في صفحة داخليه من ان تخصص لي الصفحة الاخيرة بعد مماتي " .
فمن واجبنا جميعا ان نبادر دائما الى تكريم مبدعينا عرفانا بما قدموه من عطاءات , والحق ان تكريم المبدع حيا هو افضل من تكريمه بعد مماته حتى يجد ثمرات عطائه امام عينيه , ويجد حلاوة هذا التكريم بين احبته واهله ومحبيه .

ما ارقى وما اجمل حين نتودع من بعضنا بعضا في حياتنا اليومية بصدق وحميميه ودفء دون مجاملات زائفة ونفاق ظاهر! 
وما ارقى وما اجمل ان نتودع بالمحبة الصادقه والاخلاص والوفاء متمثلين بقول الشاعر :

تودع من حبيبك كل يوم       فلا تدري الوداعُ متى يكون

وها انذا اقف امامكم تستفزني نشوة الطرب والسعادة , وفوضى حواسي تتناثر امامي حبًا واخلاصًا ووفاءً لصديقٍ عزيزٍ حميم هو الاستاذ ُ الاديب فتحي فوراني ... هو فارسُ هذا المساء, نفتخرُ بهِ باعتزازٍ وعَظَمَة, نامل له دوام الصحة والعافية وان يمد الله في عمره . 

نتودع به رجلاً متواضعًا , عاقلاً حكيمًا وفيه يصدقُ قول الشاعر :

ملأ ى السنابل تنحني بتواضعٍ         والفارغات رؤوسهنَ شوامخ

فنعم الرجل الصديق الوفي فتحي وهو يتسلح بالفضائل ويوطن نفسه على التواضع , ويترك كل حب للادعاء والظهور, ويقتل كل رغبة في المباهاة
والغرور , فطوبى له, فافعاله وكتاباته تشع وتتحدث عنه .

انه الهادئ في سلوكه وطباعه وكلامه  وقد جعل اسمه يسير امامه بكرامة وعزة , اذا طلب اجاب واذا تحدث اصاب , فهو محدث لبق يعرف كيف يستميل محدثه , انه في ذلك كالمطر الهادئ يتغلغل في اعماق الارض فيرويها .
هو الداعي الى التسامح والمحبة وفي قلبه تتعانق الاجراس والماذن , يكره العنصرية ويدعو الى التاخي والتكاتف .

عهدته انسانا انسانا يعرف كيف يقطف الزهر من بين الشوك دون ان يدمي اصابعه .
عهدته صيادا ماهرا يعرف كيف يصطاد العصافير بلا بندقية .
عهدته انسانا انسانا حكيما حذرا اذا نظر في بقعة ماء فانه يعرف ما وراء الطين .
انه المحب للناس , انه المحب لشعبه ووطنه, وكرامته من كرامة لغته ووطنه , انه المتمسك بالعراقة والاصالة حفاظا على المبادئ والمثل والاخلاق .
انه المحب للغته , فهي تسري في عروقه وشرايينه كما يسري النسغ في اعماق الشجر .

هو الرجل المثقف حقا .... انه صاحب القلب الواسع الكبير طيبة وعطاء وانسانية , وكانني بأخي فتحي بقلبه الكبير يردد قول ميخائيل نعيمة في "شركة الانسانية": "الا افتحوا ابواب ارواحكم وقلوبكم كي لا يبقى احد خارجا ... احملوا معي سلام الله للناس وسلام الناس للناس " .

ان حياتنا- ايتها الاخوات وايها الاخوة – كالنبيذ اذا لم يبق منه الا قطرات يتحول خلا , وابى الصديق الاخ فتحي الا تتحول قطرات نبيذه الى خل, فهي دائمامعتقة حلوة المذاق طيبة, يبتسم دوما للحياة بتفاؤل مستمر , سعيد مع افراد اسرته واهله ومجتمعه , نرجو له العمر المديد الطويل , وان يبقى مبدعا يصب لنا من دنان نبيذه ما لذ وطاب من مدام الادب الراقي الجميل .
فنعم المكرم ونعم التكريم .

رياض نبيه مخول- البقيعة
20.3.2008