السنيورة يرفض مبادرة بري



* الأسد لبري: لا شروط سورية ... ونلتزم بمقررات الحوار *

ما إن أطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري، اشارات، اعتبرها «أكثر من ايجابية جدا»، بعد اجتماعه بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، أمس، حتى تعرضت مبادرته الحوارية لإطلاق نار سياسي من جانب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من القاهرة، وتحديداً من مقر جامعة الدول العربية وعلى مرأى ومسمع من الأمين العام للجامعة عمرو موسى، الأمر الذي أثار علامات استفهام حول ما اذا كان يحمل في طياته رسالة مصرية ضد الدعوة للحوار، وكذلك ضد زيارة دمشق بوصفها رئيسة القمة العربية حالياً.
وبينما كان الرئيس بري يسعى لتحصين مبادرته الحوارية بدعم عربي من خلال جولته العربية التي ستقوده الى الرياض والقاهرة بعد دمشق، استكمالا للدعم الأوروبي الذي حصل عليه، فان موقف السنيورة ترك التباسا حول ما اذا كان يعكس موقف واشنطن التي طلبت بلسان القائم بالأعمال ميشال سيسون التريث قبل تحديد موقف من دعوة بري.
كما رسم موقف السنيورة علامات استفهام حول ما اذا كان يحظى بقبول مصري وسعودي، وذلك عشية القمة السعودية المصرية التي ستعقد في شرم الشيخ غداً، والتي سيكون الملف اللبناني أحد أبرز عناوينها.
وفيما أعلنت معظم القيادات المسيحية الوازنة في الرابع عشر من آذار موقفا ايجابيا من دعوة بري للحوار، بالاضافة الى «التكتل الطرابلسي»، لم يعرف أيضا ما اذا كان موقف رئيس الحكومة هو أول اشارة سلبية من جانب رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري الذي واصل زيارته «الخاصة» للرياض منذ أكثر من أربعين يوما، علما أن قائد «القوات» سمير جعجع سارع الى رفض دعوة بري منذ اليوم الأول، على عكس موقف رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي رحب بدعوة بري مجدداً، وقال لـ«السفير» إنه يتمنى أن يشمل الحوار أولا تنفيذ بنود الإجماع الوطني وفي طليعتها بند العلاقات اللبنانية السورية وخاصة ترسيم الحدود والتبادل الدبلوماسي والسلاح خارج المخيمات، «وبذلك نعمد الى تقوية موقع الرئيس المنتخب».
في هذه الأثناء، أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد الرئيس نبيه بري أن لا شروط سورية على توافق اللبنانيين، وأكد دعم سوريا للحوار اللبناني «وللتوافق الوطني سبيلاً وحيداً لحل الأزمة اللبنانية»، وأعرب عن استعداد سوريا التي تترأس القمة العربية «لتقديم كل مساعدة ممكنة يطلبها اللبنانيون من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في لبنان»، كما جاء في المعلومات الرسمية التي أوردتها وكالة «سانا» الرسمية السورية.
وأعلن الرئيس السوري، كما نقل عنه الرئيس بري، التزام سوريا بمقررات مؤتمر الحوار الوطني كافة الذي انعقد في آذار 2006 بما فيها ترسيم الحدود واقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا. وأبدى الأسد استعداد سوريا للمساعدة على كل ما من شأنه التوصل الى حل بتوافق اللبنانيين وبعيداً عن اية املاءات خارجية من اية جهة أتت. وقال الأسد إن سوريا مستعدة لدعم اية صيغة للحل لا تستفز أحداً من اللبنانيين.
ونقل زوار بري عنه قوله إن زيارته لدمشق وهي الأولى من نوعها منذ حوالى السنتين، كانت أكثر من ناجحة وقد تكون من أفضل الزيارات وأكثرها ايجابية، وقال «لمست أقصى درجات التسهيل للتوافق اللبناني والرئيس الأسد أكد التزام سوريا بالمبادرة العربية ببنودها كافة، وفي مقدمها انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية». أضاف «دمشق تتعاطى مع المبادرة العربية بوصفها مسؤولية عربية وسورية، خاصة أنها أصبحت تتحمل حالياً مسؤولية رئاسة القمة العربية وهي معنية أكثر من أي وقت مضى بإنجاح المبادرة».
وعلم أن الرئيس بري بدأ يعد العدة للمرحلة الثانية من جولته العربية التي ستشمل الرياض والقاهرة، على أن يتوجه في الثاني عشر من الحالي الى قطر للمشاركة في منتدى الدوحة السنوي.
وحظي الرئيس بري بتكريم واضح من الجانب السوري، حيث بادر الرئيس الأسد الى استقباله شخصياً ومن ثم أجلسه على يمينه كما يفعل في حالة تكريم ضيوفه من اللبنانيين والعرب والأجانب.
وشارك في اللقاء الذي دام ساعتين نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم وعضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي حسن خليل.
ووصف الرئيس بري الزيارة بأنها «ناجحة وأعطتني زخما جديدا ودفعا في سبيل الحوار بين اللبنانيين من اجل انتخاب رئيس توافقي، وهذا ما تم الاتفاق عليه، وتبقى نقطتان من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية وقانون الانتخابات».
ورداً على سؤال قال بري «لسوريا تأثير على حلفاء بلبنان وللسعودية تأثير على حلفاء أيضاً وعولت على هذا الأمر قبل القمة، وكنت أتأمل أن يصدر حل من القمة العربية، لكن مع الأسف حصل الغياب اللبناني عن القمة وبالتالي لم يجر التطرق إلى الموضوع اللبناني ولم يجر حل لهذه النقطة، لذلك أردت عبر الحوار إكمال المبادرة العربية التي انطلقت أصلاً من الحوار اللبناني اللبناني بمعنى التشعبات الثلاثة أي انتخاب رئيس الجمهورية وحكومة وحدة وقانون انتخاب».
وذكرت وكالة «سانا» أن نائب الرئيس السوري استكمل المحادثات مع الرئيس بري في حضور الوزير المعلم ومحمد ناصيف معاون نائب الرئيس السوري والنائب علي حسن خليل.



وقالت أوساط الرئيس بري بعد عودته الى بيروت، مساء أمس، إنه جرى خلال اللقاء استعراض عام لكل المرحلة الممتدة منذ الزيارة الأخيرة للرئيس بري في آذار 2006 الى دمشق عندما رتّب موعدا لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى دمشق وبادر الأخير الى طلب تأجيل الزيارة. وأن الموضوع اللبناني استحوذ أكثر من نصف اللقاء، وخاصة مقررات الحوار التي دقق الجانب السوري فيها وأعلن موافقته عليها، فيما تم التطرق في الجزء الباقي للملفين العراقي والفلسطيني والوضع العربي.
ووصفت أوساط بري نتائج الزيارة بأنها ايجابية جداً، وقالت لـ«السفير» إن بري عاد مرتاحا جدا، وبالتالي يمكن البناء على نتائج الزيارة التي يمكن أن توفر مدخلاً حقيقياً لإحداث ثغرة ايجابية واسعة في جدار الأزمة السياسية، ولكن تبقى العبرة في تجاوب باقي الأفرقاء، وخاصة فريق الأكثرية مع الدعوة للحوار.
من جهته، بدأ الرئيس فؤاد السنيورة، مساء أمس، زيارة رسمية إلى دولة الإمارات ينتقل بعدها اليوم الى المملكة العربية السعودية ومن ثم قطر، بعدما كان قد دشن جولته الحالية بزيارة مصر حيث التقى، أمس، في ختام زيارته أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى وعدداً من المسؤولين المصريين.
وركز السنيورة على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، ولاقاه في موقفه وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط الذي قال لـ«إخبارية المستقبل»، مساء أمس، إن أزمة لبنان ستطول إذا لم ينتخب رئيس جديد للجمهورية، معتبراً أن المدخل لتنقية العلاقات العربية العربية منطلقه انتخاب رئيس للبنان «وهذا أمر سهل طالما هناك اتفاق على قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية».
ورداً على سؤال قال أبو الغيط إنه على رئاسة القمة العربية (سوريا) أن تتحمّل مسؤولياتها «وإذا قاطعت اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب فسيكون ذلك أمراً غريباً».
وقالت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة إن الدعوة التي يقترحها لبنان لاجتماع وزراء الخارجية يجب أن تمر عبر قناة الجامعة العربية ورئاسة القمة العربية ومن الصعب خارج هاتين القناتين تنظيم الاجتماع.
وبينما أعلن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أننا نسير في الاتجاه الموصل لعقد اجتماع وزراء الخارجية العرب لبحث قضية العلاقات اللبنانية السورية «بكل صراحة ووضوح توصلاً إلى حل أخوي بين البلدين وبما يخدم المصالح العربية»، فإن عمرو موسى ترك الأمر معلقاً بقوله ان المشاورات مستمرة «ولا طلب رسميا حتى الآن لعقد الاجتماع الوزاري العربي».
ورفض رئيس الحكومة دعوة الرئيس بري للحوار وقال «الحوار الحقيقي يكون في مجلس النواب والذي هو مقفل منذ 17 شهراً، فانتقل المتحاورون إلى الشارع وأصبح بعضهم يتكلم لغة الشارع. أعتقد أن من يجري الحوار في هذا الشأن يجب أن يكون رئيس الجمهورية الذي هو رئيس إجماعي بين اللبنانيين وهو الذي يترأس هذا الحوار، فلا يمكن أن يكون هناك طرف يترأس جلسة الحوار».
وقال أحد الوزراء المستقيلين من الحكومة تعليقاً على دعوة حكومة السنيورة للاجتماع الوزاري العربي «لقد سنحت الفرصة الذهبية لرئيس الحكومة للمشاركة شخصياً في القمة العربية من أجل طرح ملف العلاقة اللبنانية السورية، وقد اختار أن يفوّتها فهل قرر إحالة ملف العلاقات اللبنانية السورية الى وزير الخارجية بالوكالة لكي يتولى تصحيحه؟ وهل من الممكن أن يعقد اجتماع وزاري عربي سيترأسه الجانب السوري من دون التوافق المسبق معه على جدول أعماله وهل يمكن عقد اجتماع وزاري بغياب الجانب السوري. الأكيد أن ذلك سيكون سابقة في العلاقات العربية العربية».
بدورها ردّت أوساط الرئيس بري على السنيورة وسألت «لماذا شارك رئيس الحكومة في الحوار في آذار 2006 وفي جلسات التشاور، وكان الرئيس بري يقول خلالها وبالفم الملآن إنني طرف، فهل المقصود من كلامه إطلاق النار على المبادرة وعلى زيارة دمشق؟ وما هو موقف باقي قوى الأكثرية منها؟».


الثلاثاء 8/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع