أنسنَة الوطن "حلول" مقدّس فيه!!



تفشى الجوع بكل "سنواته العجاف" وعمّ القحط بكل "انحباسات المطر"، فهنيئا لك يا "مسامير الجلجلة" تابعي، مرتاحة البال طريقك في جسد معذبي هذا الوطن الجريح، الذي يعيش زمنه القاتم، زمنا قلّ فيه ما يفرح، وبعد ان "تكسّرت النصال على النصال" لم يعد فيه متسع للمزيد من "المسامير" التي لا تصيب الا سويداء القلب!!
في مثل هذا من بوح التعرية، شقيقاتي، اشقائي، انا لا اقفز في الفراغ، ولا انا بالملقي الكلم على عواهنه!! ألسنا جميعا، نعيش واقعا عربيا يتميز بحالته المستمرة من النكوص المرير؟! الذي يتجلى في غياب وانحسار واضمحلال المبادئ والقيم والمثل الانسانية، وفي انعدام اسس الحياة الكريمة المشروعة!! لتكون النتيجة الطبيعية، ان اُلقي "بالعبد الفقير" منا تحت نير معاناة جحيمية بامتياز، تجعله يكابد "السنة نيرانها" ساعة تلو ساعة، على مختلف مستويات الحياة، دون شعور او رحمة او رأفة من الآخرين، ايّا كانوا!! حقا ايها الاخوة والاخوات، لقد غاب الانسان عن اخيه الانسان وقت الضرورة الملحة؟!!
ويبقى السؤال، كيف يهبّ الواحد منا ليواجه ويجابه، بكل ما اعدّ من قوة، هذا الغياب القاسي، الذي هو بمثابة "الرصاصة في القلب" و"الطعنة في الفؤاد" من "بروتس" كل واحد منا؟!!
صدقوني، قارئاتي قرائي هذا الصباح البديل، انه بالعودة الى "خارطة" وطننا الحبيب، الذي حافظ دائما ولما يزل، على خيط الرحم، ولا يكنّ لنا كأهله، الا الوفاء والتعاطف ليجنبنا كل حالات العجز والاستسلام للمرابين والسماسرة كيف؟! بأنسنة امكنته، وحيواناته، ونباتاته وطيوره وكل ظواهره الطبيعية واشيائه لأننا بذلك نضفي عليها، كالفنانين، صفات انسانية، تجعلها تتشكل تشكيلا انسانيا، فتصبح بالنسبة للواحد منا "الصديق الوفي"، الذي يتحرك ويحس ويعبّر ويتعاطف ويتفاعل تفاعلا حميميا، يجعله يرتبط معنا ربطا رحميا. فيشاركنا القهر ومعاناة الحياة، تعويضا منه عن كل "طعنة" او "غياب" هجين؟!! حتى ولو كان مؤقتا؟!
فصباح الخير لكل مَن فتح نافذة وعيه، واستوعب حتى النخاع، كنْه الاحداث الخطيرة والمصيرية واختار الاسلوب الناجع الناجح لتجاوزها بمرافقته الزمان بسيرورته والوطن المكان بتحوّلاته، وخلى حلوله في ارضه التي لا ارض له سواها، حلولا صوفيا مقدسا لا تعرف "عروته" فِكاكا!!
رشدي الماضي
الأثنين 7/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع