الهجمة الاستيطانية الجديدة وامكانية تحقيق السلام



قبل ان  تحزم السيدة كوندا ليزا رايس حقائبها وتقفل عائدة الى الولايات المتحدة الامريكية،  بعد ان ظفرت  بعقد سلسلة مع اللقاءات مع العديد من القادة العرب كان  ابرزها اللقاء مع الرئيس ابو مازن، الذي اعرب بعد  لقائه معها في عمان عن تفاؤله بعقد اتفاق سلام نهائي مع الحكومة الاسرائيلية مع نهاية العام  الجاري ، وقد بعث هذا التفاؤل بعضا من الامل بقرب انهاء الاحتلال واقامة وتحقيق اماني شعبنا في الحرية واقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على جميع اراضي المحتلة عام 1967 ، ولكنه بالقدر  ذاته اثار ايضا موجة من الحذر والاستغراب مبعثها معرفة شعبنا بالنوايا الاسرائيلية الحقيقية تجاه مجمل عملية السلام، ويبدو ان خبرة شعبنا ومعرفته بكنه الاحتلال ونواياه العدوانية كانت الادق ، فقد  صادقت وزارة الاسكان الاسرائيلية على البدء  الفوري بتنفيذ اوسع خطة نهب استيطاني منذ اكثرمن عقدين من الزمن،  تتضمن اقامة 1900 وحدة استيطانية  موزعة على كامل الاراضي في الضفة الفلسطينية  المحتلة، وقد جاءت هذه الخطوة لتؤكد ما سبق واعلنه رئيس الوزراء الاسرائيلي اولمرت اكثرمن مرة، لناحية اصراره على مواصلة الاستيطان وافصاحه عن ان حكومته لم تقدم اي تعهد بوقف ذلك سواء في انا بولس اوغيره.  كما تأتي  هذه الخطوة العدوانية الواسعة استمرارا للسياسية العدوانية الاسرائيلية  في فرض الوقائع المتسارعة على الارض، بما يحول دون تطبيق قرارات الشرعية الدولية وانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ، ومن خلال اطلالة على هذه خطة  الهجوم الاستيطاني الشاملة  التي وافق  عليها  رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت ذاته،  وتقضي  ببناء 158 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة افرات جنوبي بيت لحم و 682 وحدة في مستوطنة بيتار عيليت غربي بيت لحم و 160 وحدة في مستوطنة جبع " بنيامين " 510 وحدة في غفعات زئيف جنوب غربي رام الله و 302 وحدة في مستوطنة معاليه ادوميم شرقي بيت لحم و48 في كريات اربع بالقرب من الخليل  بالاضافة الى 48 وحدة في مستوطنة ارئيل بالقرب من سلفيت ، يتضح دون ادنى شك انها  تمثل الاخطرمن حيث حجمها واتساعها لتشمل اكثر المناطق  استراتيجية وحساسية في الضفة الفلسطينية، ومع الانتهاء منها تكون حلقة بناء الجدار قد اكتملت وتكون القدس قد عزلت تماما عن اراضي الضفة، علاوة على اتمام تجزئة ما تبقى من اراض لم يبتلعها الاستيطان  بفعل سيطرة المستوطنات على محاور الطرق الرئيسة فيها، مما  يكشف المسعى  الحقيقي  للحكومة الاسرائيلية  الذي يحظى في الوقت نفسه بتواطؤ امريكي يتمثل باستمرار عملية المفاوضات ودورانها في حلقة مفرغة على حالها، بينما تستغل حكومة اولمرت ذلك لتنفيذ هجومها الاستيطاني الكاسح على الاراضي الفلسطينية بما لا يبقي منها ما يمكن التفاوض بشأنه بعد وقت قصير ، ولذلك فان لعبة الخداع هذه لا بد وان تتوقف وهذا يتطلب بكل تأكيد وقف المفاوضات والتوجه للعالم اجمع لوضعه امام مسؤولياته تجاه ما يجري من عدوان على الارض، يتنافى  مع ما تسعى الترويج له الادارة الامريكية حول  عملية السلام بينما الوقائع على الارض هي  غير ذلك تماما  ، و في هذا الاطار  يبرزالتساؤل المشروع عن اي اتفاق سلام يجري الحديث في ظل هذا العدوان وخطط وبرامج الاستيطان المتواصل الذي ينهب الاراضي الفلسطينية ، ويعزلها عن بعضها البعض ويحول دون اقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على الاراضي المحتلة عام1967 ،هل هو اتفاق اطار كما يحلو للبعض تسميته يتم  القبول بموجبه بما فرضته سياسة الاستيطان من وقائع على الارض، ويطلق عليها دولة فلسطينية وفقا لماجاء في رؤية الرئيس الامريكي جورج بوش ، خاصة وانه تحدث في رؤيته تلك عن مثل هكذا دولة وتجنب الحديث عن ماهيتها وحدودها، وهل ستقوم على الاراضي المحتلة عام 1967 أم ستقوم على جزء من هذه الاراضي التي لم يصلها الاستيطان الاسرائيلي بعد   ، إن هذا الوضع الخطير  يتطلب كما اشرت اعلاه مواجهة سياسة الخداع  الاسرائيلي المدعومة امريكيا ووقف المفاوضات، بما  فيها تجميد اللقاءات بين الرئيس ابومازن و رئيس الحكومة  الاسرائيلية  ايهود اولمرت وربط استئنافها بايقاف الاستيطان الزاحف على ارضنا، والتوجه  كما سبق واسلفت للمجتمع الدولي  لمطالبته بالتدخل وممارسة الضغط على الحكومة الاسرائيلية، واجبارها على تلبية استحقاقات عملية السلام وفقا لما اقرته قرارات الشرعية الدولية  ، كما ان هذه التحديات الكبيرة  تتطلب الاسراع في  استعادة  الوحدة الوطنية الفلسطينية و انهاء حالة الانقسام لمواجهة  التحديات والمخاطر التي يتعرض لها مشروعنا الوطني الفلسطيني برمته، وفي هذا السياق  فإن  ما شهدته  حوارات اليمن  من تقدم تمثل في التوقيع على اعلان صنعاء  تبين  انه بالامكان التقدم للامام  بوتائر اكثر ايجابية، تفضي الى تطبيق المبادرة اليمينة والوصول الى انهاء حالة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.

(عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني)

وليد العوض *
الأثنين 7/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع