كلمة <<الاتحاد>>
لقاء شارون: الانجاز والخطاب البائس

لا يمكن التقليل من أهمية لقاء رئيس الحكومة اريئيل شارون باللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية في مدينة الناصرة، امس الثلاثاء، فأول انجاز لهذا اللقاء هو الاعتراف ضمنا بهذه اللجنة بقيادتها الوطنية، فطوال عشرات السنوات تعمدت مؤسسات الدولة تجاهل الهيئات الوطنية للجماهير العربية في اسرائيل، وعلى رأسها لجنة الرؤساء ولجنة المتابعة لقضايا الجماهير العربية، وباقي اللجان المتخصصة من تعليم وصحة وغيرها، إلا أن هذه اللجان الهامة لم تقف مكتوفة الايدي بل ناضلت وعملت الكثير لخدمة قضايا جماهيرنا، وبفضل هذا النضال فرضت هذه الهيئات نفسها على مؤسسات الدولة التي لم يعد بامكانها ان تتجاهلها.
والأمر الآخر هو انه بوجود قيادة وطنية مؤهلة لهذه اللجنة فإننا على يقين بأن شارون لن يحظى بخطاب بلاط، بل سيتم وضعه امام الصورة القاتمة لوضعية الجماهير العربية وسلطاتها المحلية، وهذه هي النتيجة الحتمية لسياسة التمييز العنصري التي تنتهجها حكومته أسوة بباقي الحكومات السابقة، وهذا ما ظهر جيدا في كلمة رئيس اللجنة، المهندس شوقي خطيب، وايضا في لقاء العمل الذي سبق اللقاء بين شارون ورئيس بلدية الناصرة المهندس رامز جرايسي.

وامام هذا، فإن شارون، في هذا اللقاء، بقي شارون الذي نعرفه، شارون بعقلية الحكم العسكري في التعامل مع العرب، لقد بدأ شارون خطابه وانهاه بالتركيز على ما اسماه "الواجبات" الملقاة على العرب وقادة الجماهير العربية، دون ان يقدم أي شيء سوى وعود فضفاضة، خاصة انه يعرف ان خزينة حكومته ليست خاوية، وانما مصروفها الاساسي يتم تحويله لتمويل آلة الحرب والدمار والاستيطان والجدران وتوطيد احتلال الاراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية.

حقا انه لا يمكن انهاء سياسة التمييز من دون انهاء سياسة الحرب، وهذا ليس فقط لان الميزانيات يتم تحويلها للحرب، وانما بالاساس لأن العقلية التي تغذي نار الحرب، هي ذاتها التي تكرّس التمييز العنصري ضد العرب، ولهذا فإن المطلوب هو تغيير العقلية التي تقود اسرائيل منذ عشرات السنوات، وبشكل خاص في السنوات الاخيرة.

لقد تذّوق المجتمع الاسرائيلي لبضع سنوات قليلة طعم العيش في ظل انفراج، ورأى كيف انعكس هذا على حياته وشعر برخاء اقتصادي نسبي مع آفاق رخاء أكبر، ولكن عقلية الحرب عادت لتسيطر فعاد كل شيء الى سابق عهده.إن الشعبين في هذه البلاد من حقهما العيش بشكل طبيعي أسوة بباقي الشعوب، ولكن قيادة اسرائيلية كهذه لا يمكنها ان تقود الى انفراج، وتغييرها هو وصفة هامة للعودة الى الانفراج والدفع نحو السلام والتخلص من سياسة التمييز العنصري.

(الاتحاد)
الأربعاء 24/12/2003


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع