بصمات الـCIA في التيبت



*واشنطن هي المستفيد الأكبر من اندلاع العنف وانتشار الفوضى، والدالاي لاما يتعاون مع الاستخبارات الأمريكية منذ خمسة عقود*

التظاهرات الأخيرة في التيبت أخذت الصين على حين غرّة. فالتخطيط لهذه التظاهرات حصل خارج حدود التيبت، ووجهت جهات معادية للصين، تقيم بأمان في النيبال وشمال الهند، متظاهري التيبت. وأشرف زعيم التيبت الروحي، الدالاي لاما، على تمويل المتظاهرين، وتوجيههم بالتعاون مع الاستخبارات المركزية الأميركية. وفي العقود الخمسة الماضية، تعاون الدالاي لاما مع هذه الاستخبارات.
والحق أن علاقات الاستخبارات الأميركية وثيقة بحركة تحرير التيبت. وهذه الاستخبارات تموّل الإذاعة المشبوهة المعروفة بـ"راديو آسيا الحرة". وعليه، يصعب تصديق أن دائرة العمليات في الاستخبارات المركزية الأميركية لم تسهم في الإعداد للتمرّد. فالمستفيد الأكبر من اندلاع العنف في التيبت وانتشار الفوضى، هو واشنطن. ففي 1956، شنت الاستخبارات المركزية الأميركية حملة واسعة ضد الشيوعيين الصينيين في التيبت. وأفضت هذه الحملة إلى تمرّد دموي أوقع عشرات آلاف الضحايا، وأجبر الدالاي لاما، وأكثر من مئة ألف تيبتي، على الفرار عبر جبال الهمالايا إلى الهند ونيبال في 1959.
وأنشأت الاستخبارات المركزية معسكر تدريب لأنصار الدالاي لاما على حرب العصابات وعمليات خطف ضد الشيوعيين الصينيين، في ولاية كولورادو الأميركية. وبقيت أبواب المعسكر مفتوحة حتى 1966. وواصلت الوحدة الخاصة بالتيبت في الاستخبارات الأميركية المركزية، والتعاون مع المتمردين التيبت، العمل إلى حين إعلان وقف العمليات رسميًا، في 1974.
وبعد حرب 1962 بين الهند والصين، وطدت الاستخبارات المركزية الأميركية علاقاتها بالاستخبارات الهندية، وتعاونت معها، ودربت مقاتلي التيبت في السبعينات. وانضمت بعض وحدات مقاتلي التيبت إلى قوة حرس الحدود الهندية. وتوقفت عمليات الاستخبارات الأميركية، إثر تعكر العلاقات بالهند وتحسن العلاقة بالصين. وعلى رغم عدم توفير الادارة الاميركية دعمًا رسميًا لناشطي التيبت، يُجمع خبراء كثر على أن الاستخبارات الأميركية متورطة في حوادث التيبت، مثلما فعلت في 1987. ولا ريب في أن الاستخبارات الأميركية تحض خفية على زعزعة استقرار الصين. فهي تريد إبقاء خياراتها مفتوحة. وتواجه الصين مشكلات لا يستهان بها مع المسلمين الإيغور بمقاطعة سينكيانغ، ومع جمعية «فالون جونغ» الدينية، والجماعات المتمردة الأخرى، الى تحديات ضبط الأمن في الألعاب الأولمبية ببكين.
وترى واشنطن أن الصين تتهددها اقتصاديًا وعسكريًا، بآسيا وإفريقيا ودول أميركا اللاتينية. وتشجب الاستخبارات المركزية إحجام الصين عن التعاون في الحرب على الإرهاب. فالأسلحة من المناطق ذات الأكثرية المسلمة، بغرب الصين، ولا تزال تنقل إلى أفغانستان ودول آسيا الوسطى. وفي واشنطن، قد تبدو الحوادث الأخيرة فرصة سانحة لإفقاد حكومة بكين توازنها بواسطة افتعال الاضطرابات بالتيبت. ولن توفر الاستخبارات المركزية جهدًا لإخفاء بصماتها عما يجري في التيبت.

* كاتب مختص في الشؤون الاستخبارية (عن "آسيا تايمز" الهونكونغية)

ريتشارد بينيت
السبت 5/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع