لوقف تسخين الجبهة الشمالية



تدلّ سرعة تسخين الحدود الاسرائيلية-السورية على شدة التوتّر السائد. وإن كانت دمشق وتل أبيب تطلقان التصريحات المهدّئة، فإن هذا لا يزيل تمامًا خطر اشتعال تطوّر قاتم لا تُحمد عقباه.
كالمعهود، سارع الجهاز الاسرائيلي بسياسيّيه وإعلامه الى اتهام سوريا بالاستعدادات التصعيدية، على الرغم من أن اسرائيل هي من يُجري المناورات العسكرية المتتالية في المنطقة الشمالية، وعلى أرض الجولان السوري المحتل خصوصًا. ومن هنا، تكتسب الردود السورية مصداقية في تأكيدها أن دمشق تجري تحركات وقائية-دفاعية، خشية من عدوان اسرائيلي.
مطلع الأسبوع خرج وزير الحرب الاسرائيلي ايهود براك بتصريحات حربجية متباهيًا بأن اسرائيل هي القوة الأولى، بلهجة قوامها التهديد والوعيد. وهي تصريحات قد يتحوّل مفعولها الى شرارة خطيرة في واقع جفاف العلاقات المتبادلة بين الدولتين. اللافت هنا، أن بعض الجنرالات المتقاعدين المحسوبين على اليمين وجهوا انتقادات لاذعة الى "العمّالي" (!) براك متهمين اياه بخطيئة الغرور، ومحذّرين من العواقب. وهو ما يوفّر مؤشرًا على موقع هذا السياسي على الخارطة الاسرائيلية- فهو في عُمق يمينها وإن كان يحتلّ رئاسة حزب "العمل"!
قبل هذا وذاكن كانت الاعتداءات الاسرائيلية السافرة على السيادة السورية، الواضح منها والمخفي، وكذلك ما يُعترف به "بنصف لسان" – نقصد ضرب منشأة في الشمال السوري وارتكاب جريمة اغتيال مشبوهة في عاصمتها. فمن الواضح لكل ذي بصر وبصية أن هناك طرفًا استفزازيًا لا يزال يتمادى في المقامرات الدموية.
هذا التصعيد الاسرائيلي، بالممارسة والتصريح، يتزامن مع دعوة القمة العربية التي احتضنتها دمشق الى اعادة تفعيل المبادرة العربية للسلام، والتي تعاطت حكومة اسرائيل معها بعدوانية واستخفاف. فهذه الحكومة لم تُفطم بعد عن السموم الحربجية الخطيرة، وهي في الوقت نفسه تتباكى على ألسنة قباطنتها وكأنها الحمَل الضحية.
ويزداد الخطر في ضوء تراكم الشكوك المقلقة في أن عصابة البيت الأبيض "الليبرالية الجديدة" لم تتخلَّ بعد، رغم قرب أفولها، عن مشروعها العدواني في المنطقة، والذي يضع إيران عنوانا له لكنه قد يمرّ من دول ومواقع أخرى.
إن السياسة الاسرائيلية المدعومة أمركيًا، لا تزال تشكل الخطر الأكبر على شعوب المنطقة، وعلى الاسرائيليين أيضًا. وطالما لم تترك اسرائيل أوهام فرض السياسات بالقوّة، ستظلّ بؤر التوتّر قائمة تهدد بالاشتعال. من هنا، وجبَ الحذر في التعاطي مع المآرب المختلفة، ومواصلة شنّ "هجمة سلام" عربية وأممية، كي يتم حشر السياسة الاسرائيلية المنافقة في الزاوية وإجبارها على الوقوف أمام الاستحقاقات المتوجّبة عليها. أما دعوات الحرب، ناهيك عن إشعالها، فلن تخدم سوى أعداء هذه المنطقة وشعوبها، مما يستدعي درأها بشتى الطرق.

"الاتحاد"

الجمعة 4/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع