عام الاستيطان وأضغاث الأوهام



شؤون السياسة معقّدة ومركّبة دائمًا. ولكن، مع هذا، يصعب فهم ذلك الشيء الذي يحمل بعض القيادات الفلسطينية على التفاؤل بـ"تحقيق السلام قبل نهاية العام الحالي"، وفق النبوءة الأنابوليسية.
كلُّ المعطيات تؤكد أنّه منذ لقاء أنابوليس المزركش تم تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية بشكل جنوني، وأنّ العام 2008 سيشهد أكبر زحف استيطاني منذ عشر سنوات، والتي تضاعف فيها الاستيطان أصلا بمستويات قياسية مقارنةً بالسنوات التي سبقت اتفاقية أوسلو. .
أولمرت يصرّح بأنّ إسرائيل ستواصل البناء في مستوطنات القدس الشرقية؛ باراك يعطي الضوء الأخضر لتوسيع مستوطنات الضفة؛ وزارة الإسكان تقرّ مخططات لبناء آلاف المساكن الجديدة؛ والحزبان الأصوليّان "شاس" و"يهدوت هتوراه" يتنافسان على لقب أكبر محفّز على الاستيطان. والمحصّلة هي أنّ إسرائيل تستغل المفاوضات الحالية لفرض الأمر الواقع على الأرض المغتصبة، أي: لمنع أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران. وكلُّ هذا يجري تحت أنف الراعي الأمريكي الذي لا تشكّل تصريحاته الخجولة ضد الاستيطان أكثر من إسقاط واجب يحتّمه البروتوكول.
المفاوضات هي حاجة فلسطينية حيوية لتعرية ذرائع "اللا-شريك" الإسرائيلية نهائيًا. ولكنها أيضًا حاجة ملحّة للإدارة الأمريكية صاحبة المشاريع الـمُتعثِّرة، وحاجة ماسّة لحكومة إسرائيل المنهمكة في تأمين مقاعد أقطابها الوزارية.
لا ضير في التفاؤل أبدًا، لكن التفاؤل غير الواعي للواقع، أو الذي يتجاهله، قد يكون في هذه الحالة ضربًا من أضغاث الأوهام.
رجا زعاترة
الجمعة 4/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع