يوم الارض



إعتادت جماهيرنا العربية منذ الـ 30 من آذار 1976 ان تحتفل بيوم الارض، يوم توحدنا ونفضنا غبار الخوف بدون تخطيط مبرمج، وليس رغبة بالمواجهة وانما كان الامر اضطراريا فرض علينا، ولم يكن لنا خيار الا التصدي له والتجذر في ارض الاجداد والآباء والوطن الذي لا يوجد لنا وطن سواه، ولن نفرط فيه فهو شرفنا الحقيقي.
في سنة 1976 خططت الدولة لمصادرة عشرين الف دونم من اراضي عرابة ودير حنا وسخنين لتهويد الجليل في عهد حكومة حزب العمل الذي يروج دائما بأنه يساري ويرغب بالسلام، برئاسة اسحاق رابين ووزير امنه شمعون بيرس رئيس الدولة الحالي والحائز على جائزة نوبل للسلام.
واحتجاجا على ذلك، اعلن الاضراب الشامل في ذلك التاريخ. فقامت قوات الجيش والشرطة بدخول البلدات العربية واعتقلت الكثير من القادة والابناء واندلعت المواجهات وسقط ستة شهداء من ابناء المواطنين العرب، بالاضافة الى العديد من الجرحى. وفور سماع الخبر اندلعت المظاهرات في معظم القرى العربية واغلقت المدارس والمحلات التجارية، واقيمت لجنة للدفاع عن الارض. واذا عدنا الى الوراء فنرى ان كل مصائب الاقلية العربية كانت على يد حزب العمل، ابتداء من نكبة 48 ثم مجزرة كفر قاسم ثم شهداء يوم الارض الستة ومجزرة اكتوبر 2000 حيث سقط 13 شهيدا من ابناء المواطنين العرب. وما زال الشهداء يسقطون حتى يومنا هذا. وكان الشاعر الوطني ابن قرية مصمص راشد حسين قد تنبأ بانتفاضة الحجارة قبل يوم الارض بأكثر من عشرين سنة حيث انشد:

"مهما صنعتم من النيران نخمدها    ألم تروا اننا من لفحها سمر
ولو قضيتم على الثوار كلهــم     تمرد الشيخ والعكاز والحجر
سنفهم الصخر ان لم يفهم البشر    ان الشعوب اذا هبّت ستنتصر"


ولا شك ان يوم الارض اسقط قناع الخوف وسقط عدد من رؤساء المجالس العربية المتعاونين مع السلطة، وبدأ عهد جديد، حيث قامت جبهة السلام والمساواة سنة 1978 ونجحت في رئاسة بلدية الناصرة بقيادة المناضل الشيوعي الوطني المرحوم توفيق زياد كما ترأست الجبهة رئاسة مجلس ام الفحم لمدة عشرين سنة وكذلك في رئاسة مجالس محلية اخرى حتى يومنا هذا.
كما قامت لجنة المتابعة العربية أي بدأ عهد تنظيم ومأسسة جماهيرنا العربية، كما انبثق عن لجنة المتابعة لجان فرعية اخرى عالجت امور التعليم والبناء والمسكن. وللتذكير ففي فترة يوم الارض الاول اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية بزعامة فتح برئاسة المناضل المرحوم ياسر عرفات كمنظمة ممثلة لجميع الفلسطينيين.
وكان وراء احداث يوم الارض في الصمود والتصدي ضد مصادرة الارض الحزب الشيوعي وحركة ابناء البلد التي كنت من مؤسسيها في سنة 1969. ومع انه في اواخر الخمسينيات واوائل الستينيات من القرن الماضي كانت مجموعة من الشباب الوطنيين اقامت "حركة الارض" الوطنية الا انه لم يسمح لها بالاستمرار وشتت زعماؤها، مثل المحامي صبري جريس والاستاذ حبيب قهوجي حيث تركا الى لبنان، وصالح برانسي الذي وضع في السجن لمدة طويلة و كان قد توفي بعد خروجه من السجن بمدة قليلة. لقد ذكر تقرير لجنة اور الحكومية سنة 2003 ان الحكومة صادرت اراضي عربية وذلك لاقامة مدن وقرى يهودية، ولم تصادق لجان التنظيم على خرائط هيكلية لمدن وقرى عربية حيث احيطت هذه القرى بمناطق عسكرية. كما اقرت لجنة اور بوجود تمييز واهمال تجاه الوسط العربي وقد اوصت هذه اللجنة بتعديل الوضع ولكن لم تطبق توصياتها حتى الآن.
ومع ان يوم الارض اجبر الحكومة على ارجاع آلاف الدونمات خاصة في ارض المل الا ان خطط المصادرة ما زالت مستمرة واقامة المستوطنات اليهودية من اراضي عربية ما زالت كذلك مثل اقامة بلدة "ناحل عيرون" بجانب قرية ام القطف في وادي عارة حيث تم تزويدها بالماء والكهرباء وبطريق واسعة مع ان هنالك كثيرا من البيوت العربية لم توصل بشبكة الكهرباء ولا المياه وان الطرق المؤدية الى الوسط العربي غير صالحة للسير وتسبب العديد من حوادث الطرق. كما ان هذه المستوطنة الجديدة فيها المساكن الجاهزة ولا يوجد فيها أي انسان، وقد زارها مؤخرا وزير الداخلية مئير شطريت وقد خططوا لاقامتها لتحل محل قرية دار الحنون غير المعترف بها والمهددة بيوتها بالهدم.
زد على ذلك مخطط تمام 6 الذي جعل اكثرية الاراضي العربية المتبقية اراضي خضراء وقسما آخر غابات لا يسمح البناء فيها. كما هنالك تهديد بالترانسفير والمبادلة السكانية وذلك بحجة الخطر الدمغرافي.
ومع ان العرب يشكلون 20% من سكان الدولة فان الاراضي التي بحوزتهم لا تتعدى الـ 2,5% وهذا الوضع خطير جدا، كذلك قامت لجان شعبية بشكل فوري وتطوعي للمحافظة على الارض وضد هدم البيوت، ففي ام الفحم قامت اللجنة الشعبية بابطال مصادرة قسم من اراضي الروحة، كما ساهمت الجمعية الاهلية "عدالة" بارجاع بعض الاراضي لقرى الكرمل. وفي وادي عارة ويافا قامت لجان شعبية للدفاع ولمنع هدم بعض البيوت المهددة بالهدم، وتروج اشاعات ان بعض السعوديين يعملون على شراء اراضي يافا بملايين الدولارات، والسؤال هو كيف يمكن ذلك وجميع الاراضي مسجلة على اسم مديرية اراضي اسرائيل وهذه لا تبيع الاراضي للعرب. كما هنالك تضييق على العرب في اللد والرملة وعكا وغيرها.
وامام كل هذا فمعاركنا الآن والقادمة ما زالت مستمرة على الارض وعلى جميع احزابنا وحركاتنا السياسية تكثيف النضال الجماهيري والوعي ازاء الخطر الداهم وتجديد اقامة لجان الدفاع عن الارض المحلية والقطرية، وهذا منوط بلجنة المتابعة العربية العليا، كما يجب التشمير عن السواعد لاحقاق الحق وازهاق الباطل لأن الباطل كان دائما وابدا زهوقا.

(ام الفحم)

رفيق جبارين *
الخميس 3/4/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع