دمشق تستعد لاستقبال القادة وواشنطن تحاول محاصرة قمتها



فيلتمان يفاخر «بإنجازاته اللبنانية » ويهاجم عون ... و14 آذار «للحرب» على بري

عاش اللبنانيون، جميعاً، أمس مناخات «الجمعة العظيمة» في ظل استمرار الأزمة السياسية الخانقة التي تتهددهم بالشر المستطير..
وقد فرضت «قمة دمشق» نفسها كموضوع أول على اهتمامات العواصم العربية عموماً، وبيروت بالذات التي يتردد أهل السلطة فيها في تحديد موقف نهائي منها، ويواصلون التشاور مع من يعرفون رأيهم مسبقاً مرجئين القرار حتى... إشعار آخر.
وفي حين يواصل نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني جولته التحريضية في المنطقة، حيث لم يجد من يذكره بالعراق تحت الاحتلال، ولا بالمحنة المتفاقمة التي يعيشها شعب فلسطين تحت الحصار الإسرائيلي، فإن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعاد تكرار موقف بلاده المطالب برفع الحصار الإسرائيلي ووقف الاستيطان مع التركيز على ضرورة ايجاد مخرج للأزمة السياسية في لبنان.
في ظل هذه المناخات، اندفعت قوى 14 آذار إلى سجال ناري جديد مع رئاسة المجلس النيابي بذريعة الاستمرار في إغلاق المجلس.. فأعلنت أمانتها العامة انها «لن تتسامح مع اختزال صلاحيات المجلس بشخص رئيسه». وقد ردت رئاسة المجلس بما يفيد ان «أبواب المجلس كانت وستبقى مفتوحة لعمل النواب، بما لا يؤدي إلى نسف آخر المؤسسات الدستورية الشرعية».
ولقد حمّلت أوساط بارزة في «تيار المستقبل» الرئيس نبيه بري شخصياً المسؤولية عن السجال المتجدد، عندما خرق الاتفاق على اشاعة «انطباع ايجابي» عن لقائه والنائبين أيمن شقير وسيرج طورسركيسيان، وسرّب أجواء مفادها انه «لن يستقبل في المجلس حكومة بتراء، غير شرعية وغير دستورية».
على الضفة الأخرى، شدد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم على ان «لا حل في لبنان إلا بالمشاركة وأن الذين يسيرون في الركب الأميركي والإسرائيلي عن قصد أو غير قصد سيكتشفون عاجلا أو آجلا انهم مخطئون في حساباتهم». وكشف قاسم ان لدى حزب الله «أدلّة مؤكدة مئة في المئة بتورط إسرائيل في جريمة اغتيال الشهيد عماد مغنية».
يذكر ان الحزب سيقيم مهرجانا بعد ظهر الاثنين المقبل في مجمع سيد الشهداء في ذكرى أربعين مغنية، ينتظر ان يتحدث فيه الأمين العام السيد حسن نصر الله، فيما رفعت اسرائيل من وتيرة تحذيراتها لمواطنيها في الداخل والخارج تحسبا لقيام الحزب بعملية خطف في هذه الذكرى.

 

فيلتمان مجدداً..

ومن واشنطن استبعد نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان (السفير السابق في لبنان) ان تتغير سياسة بلاده تجاه لبنان مع مجيء ادارة جديدة، معتبرا ان أحد أهم انجازات الادارة الحالية هو قيام سياسة مستقلة تجاه لبنان بمعزل عن القضايا الاقليمية الأخرى، «ربما للمرة الأولى في تاريخنا».
وأشار فيلتمان الى انه لا يعرف «ان كان النائب ميشال عون يدرك انه ينفذ الأجندة السورية في لبنان او ان طموحه الى السلطة يعميه». وقال انه يأخذ تهديدات الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله لإسرائيل على محمل الجد. وتحدث عن استحالة دخول «حزب الله» في العملية السياسية اللبنانية. وقال ان الحزب لا يحتاج الى سلاحه في الداخل فهو «مجموعة منضبطة ومنظّمة ولديها موالون، انما يحتفظ بسلاحه وفقا للأجندة الإقليمية السورية والإيرانية».
ورأى انه «لا توجد خطوة واحدة يمكن معها ان ترفع سوريا يديها عن لبنان». وقال «انها عملية متواصلة سنستمر فيها».

 

القمة: التحضيرات تتكامل ..

من دمشق كتب مراسل «السفير» زياد حيدر: تبدأ يوم الثلاثاء المقبل عمليا فعاليات القمة العربية في دمشق، مع استمرار التكهنات حول مستوى الحضور العربي، وفعالية هذا الحضور، مرهونة بتطورات الساعة، خصوصا ان الجانب السوري يتجنب على المستوى الرسمي الخوض فيها.
ويبدأ في 25 الحالي اجتماع المندوبين الدائمين لجامعة الدول العربية وكبار الخبراء العرب، أما يوم 26 فينعقد اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على مستوى وزراء الاقتصاد، يليه في 27 اجتماع وزراء خارجية الدول العربية للاتفاق نهائيا على جدول أعمال القمة.
وبالرغم من ان السلطات الرسمية تميل الى عدم الحديث عن مستوى الحضور، سواء ما تأكد أم لم يتأكد، فإن التحضيرات اللوجستية توحي بمجيء عدد كبير من القادة العرب، هم في غالبيتهم ممن أكدوا حضورهم صراحة عبر الاعلام، ومن بين هؤلاء رؤساء الجزائر والسودان واليمن وفلسطين وليبيا وموريتانيا وجيبوتي ورئيس دولة الامارات وأمير الكويت وأمير قطر، وفيما رجح ان يكون التمثيل التونسي أدنى من مستوى الرئيس، تشير التحضيرات اللوجستية حتى اللحظة الأخيرة الى حضور ملك المغرب محمد السادس، وإن كانت أوساط الوسط الدبلوماسي في دمشق ترجح نقلا عن سفراء عرب امكانية قدوم شقيقه الأمير رشيد.
وتفضل السلطات الرسمية عدم الحديث في هذا الموضوع، تاركة مستوى الحضور والتمثيل ليتقرر في يوم وصول الزعماء العرب في 28 الحالي، وذلك لأسباب كثيرة، من بينها ان زعماء عربا كملك الأردن كانوا أعلموا سابقا وفقا لمصادر دبلوماسية عربية الجانب السوري بحضورهم، ومن ثم تراجعوا بعد ذلك، فيما كانت المؤشرات منذ أسابيع تذهب الى حضور خليجي بمستوى أدنى من المستوى المعلن عنه في الوقت الراهن، نظرا للموقف السعودي من القمة.
وتلاحظ مصادر دبلوماسية ان ثمة «جهدا» واضحا من قبل الولايات المتحدة للضغط على بعض الزعماء العرب لعدم حضور القمة، او تخفيض مستوى الحضور، وأن هذا الأمر ينطبق أيضا على بعض الضيوف الأجانب، وهو ما يشكل عاملا إضافيا لدى دمشق لعدم الخوض في الأسماء التي أكدت حضورها الى القمة.
وتعتبر أوساط دبلوماسية موثوقة ان نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني قد أضاف «جهوده» الى جهود بعض المتضررين من قمة دمشق فحرض بعض من يستمع الى نصائحه بضرورة خفض المستوى إذا كان لا مناص من الحضور..
وكان لافتا ما قاله وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في دمشق أمس الأول، ردا على سؤال بأن «واشنطن غير مرتاحة لعقد القمة في دمشق، وليست مرتاحة لعنوان هذه القمة، الذي هو تفعيل التضامن العربي وتعزيز العمل العربي المشترك». وأضاف «الموقف ليس مستغربا على السياسة الأميركية التي تريد ان توسع نفوذها في المنطقة من خلال الخلافات العربية». واعتبر ان «أول نجاح للقمة العربية، قبل انعقادها، هو انها ستعقد في دمشق وفي موعدها رغم كل محاولات الضغط والابتزاز» في إشارة الى الجهود التي بذلت عربيا أوائل الشهر الحالي بهدف تعليق القمة، و«دمشق ستكون مستعدة لاستقبال القادة العرب الذين سيبذلون كل جهد لتحقيق التضامن العربي وتفعيل العمل العربي المشترك».
وأبدى لافروف، من جهته، دعمه لانعقاد القمة في دمشق. وقال «هناك الكثير من المشاكل في المنطقة، والطريق الأوحد لحلها هو وحدة الموقف العربي، مع التمني ان تعمل القمة العربية المقبلة في هذا الاتجاه»، داعيا الدول العربية الى «عدم تفويت فرصة الاجتماع لبحث كل المواضيع والتوصل الى حلول للمشاكل».

 

حول لبنان في القمة ..

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك، لراديو «سوا» الأميركي أمس، إن محادثات دارت بين لافروف ونظيرته الأميركية كوندليسا رايس بشأن امكانية ممارسة الضغط على دمشق لحل الأزمة اللبنانية. وأوضح «أعتقد ان رايس طالبت لافروف، أثناء زيارتها الى موسكو هذا الأسبوع، بالضغط على سوريا من أجل حل الأزمة اللبنانية». وأضاف ان واشنطن تحث كافة الدول التي لديها اهتمام بتعزيز الديموقراطية في لبنان بالعمل من أجل إزالة التعثر الذي يعرقل اختيار رئيس جديد له.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير حسام زكي، لقناة «العربية» أمس، إن حل الأزمة اللبنانية يفتح الطريق أمام نجاح القمة. وأشار الى ان الأمل ما يزال قائما للتوصل الى حل للأزمة اللبنانية، معربا عن تفاؤله بإمكان اختيار رئيس للبنان في جلسة البرلمان المقرر عقدها في 25 الحالي.
ويرى مراقبون ان هذا الموقف نابع من الرغبة في «العمل على تهيئة الأجواء لنجاح هذه القمة»، بالإضافة الى ان قضايا الساعة لا زالت في طور التشاور والنقاش، حيث تجري محاولات حثيثة لتحقيق تقارب فلسطيني تجهد بها اليمن، وقد دخلت على خطه روسيا عبر لافروف. كما يبقى الموضوع اللبناني معلقا حتى الخامس والعشرين من الحالي، حيث ستختلف وفق نتائجه المعطيات.

السبت 22/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع