شدوا الهمة.. وارفعوا راية الوطن والحزب



وأخيرا انعقد وانتهى المؤتمر العام الرابع لحزب الشعب الفلسطيني في السادس والسابع من آذار 2008 في الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا ومواقع الشتات المختلفة، بعد مخاض طويل وعسير تعطل انعقاده، لأسباب ذاتية محضة، وأخرى موضوعية، تتحمل قيادة الحزب الأولى مسؤوليتها الكاملة عن عدم انعقاده في موعده، وهذا ما اعترفت به أمام المؤتمر العام في وثائقها المقدمة، ولكن لم تتعطل مسيرته. هذا الحزب ذو التاريخ النضالي الطويل كأول حزب سياسي فلسطيني في فلسطين التاريخية، جاءت نتائجه لتؤكد وحدة الحزب السياسية والفكرية والطبقية، وتمسكه بالأرض والهوية برغم الانقسام المؤقت، وشكل تظاهرة سياسية، شاركت فيها وفود من كافة القيادات الفلسطينية، والعشرات من الأحزاب التقدمية والدمقراطية واليسارية والشيوعية العربية والعالمية سواء بالحضور أو برسائل التحية، وفى مقدمتهم الحزب الشيوعي الاسرائيلي الشقيق ممثلا بأمينه العام الرفيق محمد نفاع.

 

انعقد المؤتمر العام الرابع لحزبنا ذو التقاليد المجيدة، والرؤية الصائبة بعد غياب طال انتظاره، والتأم الشمل أخيرا، عشر سنوات مرت منذ انعقاد مؤتمره العام الثالث، كانت حبلى بالمتغيرات والتطورات على الساحة الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية، وأبرز التحديات التي واجهت الشعب الفلسطيني خلال هذه الفترة كانت استمرار الاحتلال الاسرائيلي، وتصاعد العدوان، والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ورفض إسرائيل تطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، وفرض وقائع على الأرض في الضفة الغربية كجدار الفصل العنصري، وتهويد القدس، ومصادرة الاراضي، وتعزيز الاستيطان، والحصار، واعتبار غزة كيانا معاديا، ومحاولة فصل غزة عن الوطن نتيجة انقلاب حماس على النظام السياسي الفلسطيني الذي أنجبها، معارك وحروب.. انتصارات وهزائم.. انقلاب دموي، وتعديات على المواطنين، وانتهاك لحقوق المرأة، وتضييق على حرية الرأي والتعبير والصحافة.. الخ، وارتداد على المكتسبات التي تحققت سابقا.

 

وعلى الساحة الحزبية فقد الحزب قيادات تاريخية ورائدة في مقدمتهم الرفيقان بشير البرغوثي وسليمان النجاب، وانكفأ البعض لأسباب ذاتية أو موضوعية دون أن يتخلى عن هويته السياسية وانتمائه الحزبي، ولم تكن للبعض قدرة على التواصل والاستمرار بسبب السن أو المرض، ونهض البعض بعد أن أدرك أن الحزب هو البيت الوحيد والحضن الدافئ، يجد فيه الرفيق  قيمته الإنسانية، ويحس بوجوده مع رفاق الدرب والكفاح، وحاول البعض أن يركب ظهر الحزب، ويسخره لنزعاته وطموحاته الذاتية، والخاصة، ولما لم يجد ضالته طار وحلق في مدار خارج السرب وابتعد عن المدار الحقيقي.. خسرناه وخسرنا.. لكنه لم يأت بجديد.. وبعض القيادات انغمست في المنظمات غير الحكومية، وخانت حزبها الذي مهد الطريق لتطورها وتأهيلها، وتنكرت له، وتحول بعضها إلى بوق دعاية ضد الحزب الذي لم يحسن تربيتها.. قيادات شاخت عمرا وفكرا... وقيادات أمد الله في عمرها حافظت على نهجها الثوري حتى اللحظة، لم تتردد للحظة، ولم تتراجع برغم المرض والشيخوخة، واهتمت بالكتابة وبتقييم التجربة الذاتية التي تحمل في ثناياها تاريخ الحزب ورفاقه عبر عشرات من السنين، أبدعت وشكلت بهذا تراثا خالدا نعتز به، وتعامل معهم الرفاق كحكماء له يملكون من التجربة والمعرفة ما لم يستغنى عنها كل الرفاق. والتحقت بالحزب دماء جديدة وقيادات شابة عكست تواصل الأجيال، وبرغم هذه التقلبات والاتجاهات المتصارعة أحيانا فان المسيرة تواصلت، فهذا الحزب يحمل بين ضلوعه سره، ومقومات استمراره، وبذور التطور والتطوير، ويحمل ثمرة الكفاح الفكري والطبقي والسياسي.
لقد صدّق المؤتمر على وثائقه المختلفة من البرنامج السياسي، والنظام الداخلي بعد نقاش موضوعي، وإجراء التعديلات عليهما بما يتلاءم مع المتغيرات والتجربة، وتمت مناقشة تقرير عمل الحزب بين مؤتمرين مقدم من اللجنة المركزية، وكذلك، التقرير الذي يتضمن التطورات السياسية بين مؤتمرين وخطة الحزب السياسة، وكذلك الوضع المالي، وتم إقرارهما مع التعديلات والإضافات التي أغنتها، عكست الفهم الحقيقي للدمقراطية السياسية شعارا وسلوكا.

 

وجاءت نتائج المؤتمر العام الرابع أكثر جرأة وقوة وتماسكًا، ويعتبر بحق محطة هامة في تاريخ الحزب، وفي تاريخ النضال الوطني، والتوجه نحو وحدة اليسار الفلسطيني، وجاء برنامج الحزب السياسي ليجيب على العديد من الأسئلة المعقدة، وليبحث الحزب مع قوى اليسار الدمقراطي والثوري سبل تغيير هذا الواقع المأساوي الذي لا يهدد فقط المشروع الوطني الفلسطيني، بل والوجود الفلسطيني على أرضه الذي باتت تهدده قوى خارجية وداخلية.
فهل يشمر الرفاق عن وعيهم وسواعدهم لانجاز المهمات التي توافقوا عليها في مؤتمرهم الذي شكل عقدا اجتماعيا جديدا، ويتمسكوا قولا وعملا بأبعاده الثلاثة السياسية والفكرية والطبقية التي تشكل السمات الجوهرية له؟؟ إن المهمات تنتظر الرفاق في كل المواقع والساحات، إنهم المناضلون الحقيقيون، صناع المستقبل، عليهم أن يلتحموا أكثر مع جماهيرهم وناسهم، وأن يتفاعلوا كفريق عمل مع بعضهم، ويجسدوا دور المؤسسة والحياة الحزبية الحقيقية تضع أمام عينيها الدفاع عن الوطن والشعب والقضية.
تحية لكل الرفاق والأنصار والأصدقاء الذين أسهموا بإنجاح المؤتمر العام الرابع لحزب الشعب الفلسطيني، وليتحول هذا العرس الوطني إلى نقطة انطلاق جديدة على طريق النهوض الثوري، والدفاع عن المسحوقين والشغيلة وفى مقدمتهم العمال والمزارعين والفلاحين والمرأة والشبيبة والمثقفين الثوريين والأكاديميين والكتاب والصحافيين، وكل الجماهير الشعبية صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير، وفي تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإنهاء الظلم القومي والطبقي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم طبقا للقرار 194.

 
(غزة- فلسطين)
 talat_alsafadi@hotmail.com

طلعت الصفدي
السبت 22/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع