حزبنا الشيوعي يُحيي 90 عامًا من النضال:
ذكريات خِتيار لم تمُتْ أجياله (7)



*هذا الامر كان قد اوضحه احد الضباط الذين اسهموا في هذه العملية الاجرامية التي ارتكبوها في كفرقاسم. الضابط "كول" خلال شهادته في الدفاع عن المتهم الثاني في قضية مجزرة كفرقاسم قال: "ان امر منع التجول في قرى المثلث الذي صدر الى ضابط "وحدة شرطة حرس الحدود" في 29 اكتوبر سنة 1956 عشية حملة سيناء كان خطيرا جدا ولا يحتمل التأويل، فبموجبه كان علينا ان نقتل كل حي من رجال ونساء واطفال اذا كان خارج بيته في ساعات منع التجول، وكان شعوري ان الحرب ستقع على حدود الاردن وان هدف الامر هو ان يهرب ابناء الاقليات هربا جماعيا الى ما وراء الحدود"*

خلال هذا العدوان ايضا والاجراءات التعسفية التي قامت السلطات الاسرائيلية قام هؤلاء الحكام بارتكاب مجزرة مريبة بحق ابناء كفرقاسم الابرياء، راح ضحيتها تسعة واربعون انسانا من ابناء كفرقاسم الابرياء وحاولت السلطات اخفاء هذه الجريمة البشعة عن الرأي العام المحلي والعالمي، ولكن القائدين الشيوعيين ماير فلنر وتوفيق طوبي وبمساعدة رفاق من الطيبة، بينهم طيب الذكر الرفيق شاكر عازم، تمكنوا من اختراق هذا التعتيم والدخول الى كفرقاسم والاجتماع مع عدد من سكانها، وبذلك فضحوا هذه الجريمة البشعة ووضعت من قبلهم على بساط البحث في الكنيست الاسرائيلي وامام الرأي العام المحلي والعالمي.
وخلال هذا العدوان كان هناك دور خاص لاعضاء الشبيبة الشيوعية في جميع مدننا وقرانا، وكان دور الشبيبة الشيوعية في عرابة، كتابة الشعارات الاحتجاجية على جدران القرية وتوزيع المنشورات ضد العدوان والمطالبة باطلاق سراح المعتقلين جميعا، وكان هدف السلطات من وراء هذه الاعتقالات والاجراءات الاجرامية هو بث روح الخوف والارهاب بين الجماهير العربية في هذه البلاد، وبهدف محاولة طرد سكان بعض القرى في المثلث الجنوبي من قراهم. ان هذا الامر كان قد اوضحه احد الضباط الذين اسهموا في هذه العملية الاجرامية التي ارتكبوها في كفرقاسم. الضابط "كول" خلال شهادته في الدفاع عن المتهم الثاني في قضية مجزرة كفرقاسم قال: "ان امر منع التجول في قرى المثلث الذي صدر الى ضابط "وحدة شرطة حرس الحدود" في 29 اكتوبر سنة 1956 عشية حملة سيناء كان خطيرا جدا ولا يحتمل التأويل، فبموجبه كان علينا ان نقتل كل حي من رجال ونساء واطفال اذا كان خارج بيته في ساعات منع التجول، وكان شعوري ان الحرب ستقع على حدود الاردن وان هدف الامر هو ان يهرب ابناء الاقليات هربا جماعيا الى ما وراء الحدود". وقد قال الشاهد "كول" ايضا "انه وفقا للأوامر كان عليه ان يطلق النار حتى على الرضع والحبالى اذا كانوا يهددون تنفيذ الأوامر" وبعد هذا القول وفي ذلك الوقت قال له محامي يدعى "لوتسكي": "لم اكن اعتقد ان هناك جزارا يهوديا مثلك" فرد عليه الشاهد "هكذا كان الامر بصراحة".

 

هذا الواقع هو الذي فرض الدور المميز للحزب الشيوعي في ذلك الوقت من اجل التصدي لكل المؤامرات التي تحيكها السلطة وافشالها وافشال جميع مخططات السلطة التي حاولت وما زالت تحيك هذه المؤامرات ضد شعبنا بمختلف الاساليب الدنيئة، من اجل تيئيسه واخافته وبالتالي ترحيله من وطنه الذي لا وطن له سواه. وواضح ان المجابهة الجريئة من قبل الحزب الشيوعي والقوى الوطنية الاخرى استطاعت ان تصد وتفشل مثل هذه المؤامرات وفي الوقت نفسه اعطت دفعة قوية لجماهيرنا العربية من اجل كسر حاجز الخوف الذي يفرضه الحكم العسكري وتوجُّه حكام اسرائيل العنصري. ولذلك ازداد تمسك هذه الجماهير بطريقها النضالي وثباتها على ارض وطنها، وهذا ادى فيما بعد الى ان تعيد السلطة حساباتها والاساليب الجديدة التي تبتكرها من اجل الاستمرار في مجابهة هذه الجماهير الصامدة. ولكن حقيقة صعود المد الثوري في ذلك الوقت بين الشعوب العربية وكذلك بين جماهيرنا العربية في داخل اسرائيل، الذي جاء بعد الانتصار التاريخي للشعب المصري في قراره بتأميم قناة السويس وفي صده للعدوان الثلاثي، والذي جاء ايضا بدعم كامل وقوي من الاتحاد السوفياتي الذي انذر انذاره التاريخي للمعتدين ووقوفه بوضوح وصراحة الى جانب الشعب المصري وقيادته الوطنية الشجاعة بقيادة القائد الوطني الخالد جمال عبد الناصر، والذي ادى فيما بعد الى تعميق علاقات الصداقة بين البلدين وكذلك الوصول الى اتفاق من اجل تمويل بناء السد العالي في اسوان والذي اصبح فيما بعد رمزا للصداقة المصرية والعربية السوفياتية، خاصة بعد انهاء بناء هذا السد وتحقيق حلم طالما حلم به الشعب المصري، ونتيجة لتحقيق هذا الحلم ازدادت مساحات الاراضي المصرية المروية وكذلك الزيادة الهائلة في انتاج الطاقة الكهربائية التي تكفي مصر وتزيد كثيرا، بالرغم من انها تعطي السودان من هذه الطاقة الكهربائية التي ينتجها سد اسوان العالي.
ان الحزب الشيوعي وقف منذ اللحظة الاولى لبدأ العدوان على مصر، ضد هذه الحرب العدوانية والتي رأى فيها خدمة للاستعمار البريطاني والفرنسي مؤكدا انه لا توجد اية مصلحة للشعب الاسرائيلي في مثل هذا العمل العدواني. وبالفعل، فنتيجة لهذا الموقف الجريء للحزب ضد هذه الحرب، زادت السلطة من مضايقاتها ومؤامراتها وهجومها الشرس على الحزب الشيوعي بشكل عام وعلى قيادة الحزب بين الجماهير العربية بشكل خاص، حيث حاولوا منذ ذلك الوقت ضرب وحدة الحزب الاممية اليهودية العربية. ووصلت بهم النذالة الى التفكير بوضع خطة لاغتيال توفيق طوبي واختلاق فضيحة لاميل حبيبي او تنظيم عملية لا اخلاقية ضدهم، ظانّين أنه عن طريق مثل هذه الاساليب الجهنمية يمكنهم التخلص من مثل هؤلاء القادة.

 

إن كل هذا جرى في دهاليز حزب "مباي" الحاكم في ذلك الوقت، ولكن كل هذه المؤامرات والتخطيطات باءت بالفشل نتيجة لوحدة الحزب وصحوته لمثل هذه الاساليب الدنيئة، وذلك بتصديه لكل المؤامرات التي حيكت ضده. لقد جاءت هذه الهجمة الشرسة على الحزب في عز التحضيرات لعقد المؤتمر الثالث عشر للحزب الشيوعي الذي عقد بتاريخ 29\5 حتى 01\06\1957. هذا المؤتمر الذي جرى فيه التأكيد على وحدة الحزب الاممية، والعمل على افشال مخططات السلطة ضد الجماهير الشعبية بشكل عام وعلى الجماهير العربية بشكل خاص وكان قد افتتح المؤتمر في ذلك الوقت الرفيق ماير فلنر والذي قال في كلمة الافتتاح: "لقد خضنا معارك كثيرة في هذه الفترة في الدفاع عن السلام والدمقراطية ومصالح العاملين، ومن اجل الغاء الحكم العسكري وابطال سياسة الاضطهاد القومي ومن اجل المساواة للجماهير العربية"، وقال ايضا: "حينما قذف المستعمرون من الخارج والاوساط العسكرية البنغريونية بشعبنا الى الحرب العدوانية ضد الشعب المصري، رفع حزبنا عاليا علم مقاومة الحرب، علم السلام"، وفي احد قراراته الهامة جاء في القرار الرابع الذي صدر عن المؤتمر تحت عنوان "من اجل تسوية سلمية بين اسرائيل والدول العربية"، أنه "على دولة اسرائيل ان تعترف بحق تقرير المصير حتى الانفصال للشعب العربي الفلسطيني، فهو الاساس لحل القضية الاقليمية، وبحق اللاجئين بالعودة الى وطنهم واعادة بناء حياتهم فيه". هكذا كان رد الحزب على السياسة العدوانية لحكام اسرائيل ومؤامراتهم على وحدة الحزب. وكان المؤتمر بأبحاثه وقراراته ايضا ردا جريئا وحاسما على مواقف حكام اسرائيل العدوانية ضد الشعوب العربية.

(عرابة البطوف)
(يتبع)

توفيق كناعنة*
السبت 22/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع