ألحزب الشيوعي اللبناني قوة صدامية رائدة
في مواجهة المشروع الامريكي الاسرائيلي



الحزب الشيوعي اللبناني من الاحزاب الشيوعية الناشطة فكريا وسياسيا وجماهيريا في المنطقة، ورغم الزلزال الهائل الذي دمر وفكك الاتحاد السوفييتي والانظمة الاشتراكية في اوروبا الشرقية، الا انه لم يستطع ان يهد حيل الحزب الشيوعي اللبناني، تأثر بالزلزال ولكنه نهض وبروح انتقادية واستنادا الى المنهج المادي الجدلي الماركسي كيّف نفسه مع واقعه اللبناني والعربي والعالمي المحيط ومسلحا بفكره الماركسي – اللينيني. وفي ظل الازمة التي يمر بها لبنان، ازمة الفراغ الرئاسي ومؤامرة التدجين الامريكية للبنان يبرز الموقف المتميز للحزب الشيوعي اللبناني سياسيا واقتصاديا - اجتماعيا. ينشط هذا الحزب لعقد المؤتمر العاشر للحزب. وعلى شرف هذا المؤتمر قام الحزب الشيوعي اللبناني بمبادرة مباركة فبدعوة منه عقد يومي السبت والاحد الماضيين في الخامس عشر والسادس عشر من شهر آذار الجاري "المؤتمر لقوى اليسار اللبناني" في قصر الاونسكو، حيث وجهت الدعوة لأكثر من مئتي شخصية سياسية وفكرية وثقافية واقتصادية واجتماعية. ووضع المؤتمر نصب اعينه هدف الوصول الى صياغة موحدة لقوى اليسار اللبناني، وبحث اشكال العمل المشترك فيما بينها. فمن ضمن الاهداف المركزية للمؤتمر، اولا، تفعيل وتثبيت اللقاء اليساري الموحد وتكامله مع باقي القوى الوطنية والدمقراطية والعلمانية. وثانيا – العمل لكسر احتكار القوى الطائفية والمذهبية للمسرح السياسي اللبناني وثالثا – العمل لتغيير النظام اللبناني باتجاه علماني وعصري ودمقراطي.
يؤكد الحزب الشيوعي اللبناني ان القضية المحورية التي تواجه حركة التحرر وقوى اليسار في لبنان والمنطقة هي مواجهة ومقاومة وافشال المشروع الاستراتيجي الامريكي – الاسرائيلي للهيمنة في المنطقة. وفي محاضرة القاها الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكتور خالد حدادة في دمشق يوم 18/3/08 تحت عنوان "اشكال المقاومة للمشروع الامريكي وامكانية التكامل بينها"، جاء في سياقها: "ان موضوع حركة التحرر واساليب مقاومة المشروع الامريكي على منطقتنا من المواضيع الاساسية في مشروعنا البديل المواجه والمقاوم للمشروع الامريكي – الاسرائيلي". وبرأي الرفيق حدادة "ان المشروع الامريكي لم يفشل حيث استطاع في ظل النظام النيولبرالي المتوحش والنظام العالمي الجديد ونظام القطب الواحد.. تعميم الفوضى والمذابح والدمار والموت في العديد من دول العالم افغانستان والعراق.. واستطاعت ان تعيد، بشكل خاص، افاعي الصراع المذهبي لتضعها في المواجهة، فبعد "وحش الشيوعية" الذي حاربت طويلا اخترعت وحوشا، شياطين جديدة تحت ذريعة محاربتها واعادتها الى قمقمها الامريكي العملاق، اخترعت الارهاب بكل معانيه".
ويفضح الحزب الشيوعي اللبناني دور المشروع الامريكي وخدامه من اللبنانيين في تأجيج حدة التوتر بين سوريا ولبنان وخلط اوراق الصراع بالتحذير ليس من الخطر الامريكي والاسرائيلي، بل بالترويج لوهم خلقته الادارة الامريكية، الهلال الشيعي والمساعدة في حرب مذهبية بين هلال شيعي وقمر سنّي ينسي العالم العربي قضاياه الرئيسية وقضيته المركزية فلسطين.
وبرأي الحزب الشيوعي اللبناني ان المشروع الامريكي يتعثر ولا يحقق كل اهدافه في المنطقة، ففي العراق فشل المحتل في القضاء على المقاومة رغم تأجيج بعض الصراعات والحروب المذهبية، وفشل في تقسيم العراق الى دويلات. كما فشل المحتل في اظهار الصراع وكأنه صراع قومي او مذهبي وتسويق ذلك عالميا. ونقطة الضعف، البطن الرخوة في نشاط المقاومة العراقية ان التنوع السياسي والايديولوجي لهوية العديد من قوى المقاومة لم يؤد حتى اليوم الى التنسيق فيما بينها لمواجهة العدو المشترك – المحتل وخدامه من الدواجن العراقية.

 

في الموقف من القضية الفلسطينية يرى الحزب الشيوعي اللبناني اهمية استعادة الدور المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية ويدين المؤامرات والبرامج الامريكية – الاسرائيلية للانتقاص من ثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية ويدعو الفلسطينيين الى وحدة الصف الكفاحية المتمسكة بالثوابت الوطنية.

 

اما على الصعيد اللبناني "فأهل مكة ادرى بشعابها" كما يقول المثل، فبرأي الحزب الشيوعي اللبناني الذي لا يختلف عن رأي الحزب الشيوعي الاسرائيلي ان الولايات المتحدة الامريكية فشلت في حرب حزيران الفين وستة التي شنتها حليفتها خادمة استراتيجيتها العدوانية، فشلت في تحقيق ما اعلنته كوندوليزا رايس في بيروت ابان الحرب بتأكيدها على ولادة مشروع "الشرق الاوسط الجديد". فقد بنت حسابات "السرايا" في "البيت الابيض" ان يخرج انتصار اسرائيلي في الحرب على المقاومة اللبنانية، يخرج امريكا من ازمتها في العراق عبر فتح باب جديد لمشروعها في لبنان – نسف العلاقات اللبنانية – السورية، عزل سوريا، تغيير ميزان القوى في الداخل اللبناني من خلال نزع سلاح المقاومة ومحاصرة سوريا وايران.

 

ان الحزب الشيوعي اللبناني الذي الف احد فصائل المقاومة اللبنانية في مواجهة الحرب الاستراتيجية، العدوانية الاسرائيلية – الامريكية وقدم عددا من الشهداء من بين رفاق هذا الحزب يتبنى سياسة حكيمة في الموقف من المقاومة الوطنية، من وحدة صف المقاومين، ويؤكد امين عام الحزب الرفيق د. خالد حدادة في محاضرته المذكورة في دمشق ما يلي "اننا كحزب شيوعي لبناني لا يحرجنا القول ان المقاومة اللبنانية نجحت بقيادة المقاومة الاسلامية، بتحقيق الانتصار وانها استكملت ما قامت به المقاومة اللبنانية بقيادة الشيوعيين اللبنانيين في عام 1982. ما اقوله ليس طريقة للتعبير انها دعوة لقول نعم نحن الشيوعيين اللبنانيين استنتجنا من معركة تموز ما نطرحه للنقاش ولسنا مصرين على كل تفاصيله لأن خيار الصدام بين اتجاهات المقاومة هو خيار العدو، اما خيار الحوار والتفاعل بين مشاريع المواجهة سواء كانت يسارية او اسلامية او قومية يجب ان يكون خيار من سيواجه هذا العدو ومشاريعه، ان الفشل في عدوان تموز كان له، حكم، مفاعيل ثانوية ايجابية حيث زادت هذه العملية وفشلها من مأزق الحكومة اللبنانية، دون التحدث كثيرا في المسؤوليات الداخلية لهذه الحكومة من دمشق، ما يكفي ريف دمشق كثير علينا، ولكن سأقول ان هذه الحكومة يزداد مأزقها واحساسها بالفشل بعد اعتداءات تموز، هذا الفشل الذي كنا نحن على الاقل كحزب شيوعي قد لمسناه واعلنا عنه قبل اعتداءات تموز، هذه الحكومة التي يتغنى بوش بصدقيتها يوميا قبل الصلاة وبعدها بأنها صديقته وصديقة العالم المتحضر وصديقة المجتمع الدولي!!

 

* العلاقة الجدلية بين التحرير والتحرر:

يرى الحزب الشيوعي اللبناني بعين الصواب وبحق ان مواجهة المشروع العدواني الامريكي – الاسرائيلي في المنطقة وفي لبنان لم يرافقه مواجهة لاجراء تغييرات جذرية في المجتمعات العربية واللبنانية. يقول حدادة في محاضرته "ان قوى المواجهة لم تستطيع ايضاح العلاقة بين مسألتي التحرير والتحرر، بمعنى آخر لم تستطع بطولات المقاومة بكل اشكالها في مواجهة العدو، ان تحقق الترابط العضوي بين عمليتي التحرير والتغيير في مجتمعاتنا العربية، وبالتالي اصبح التلازم بينهما تلازما اهميته ترتبط بأهمية هزيمة المشروع الامريكي بحد ذاته.. لقد انتصر الشعب اللبناني ومقاومته على العدو الاسرائيلي سنة 1982، وسنة الفين وستة الا ان الفصل بين قضية التحرير وقضية التغيير الدمقراطي في الداخل حول النظام اللبناني وبنيته السياسية – الطائفية العفنة، وفي كل مرة من المرات، ادى الى قيام وحش يأكل الانتصارات ويهدد المنتصرين. سنة 1982 و2000 و2006 انتصرت المقاومة ولكن النظام السياسي ببنيته الطائفية، يحلو للبعض ان يسميها بالدمقراطية التوافقية التي هي اسوأ انواع الدكتاتوريات وليست الدمقراطية، استطاع ان يأكل الانتصارات وسمح باطلاق اصوات تدعو الى معاقبة المنتصرين المتصدين، والامر نفسه في العالم الغربي، غياب هم التغيير الدمقراطي عن هم التحرير ومحاولة الايماء بان هاتين القضيتين منفصلتان، وفي بعض الاحيان متناقضتان، ما مكن مشاريع التصدي للمشروع الامريكي من اعاقة ولكن لم تجعلها قادرة على ايجاد البديل وهزيمة المشروع الآخر". ويدعو حدادة جميع القوى الممانعة والمناهضة للمشروع الامريكي، لقوى اليسار والقوى الاسلامية والقومية لاجراء نقد ذاتي واستخلاص العبر الصحيحة.
ومن الاستحقاقات الهامة المطروحة على اجندة الحزب الشيوعي اللبناني يمكن الاشارة الى ما يلي:
* اولا: النضال من اجل مشروع للتنمية الاجتماعية الشاملة والعدالة الاجتماعية اذ لا معنى لأي اصلاح سياسي في ظل تعميم سياسة الفقر والتخلف والبطالة وفي ظل سياسة النهب والفساد التي تسود معظم الانظمة العربية ولبنان.
* ثانيا: حوار جدي بين مشاريع مقاومة المشروع الامريكي، أي جميع المشاريع المقاومة مهما اختلفت منطلقاتها الفكرية والايديولوجية سواء كانت يسارية ماركسية او اسلامية او قومية.
* ثالثا: يطرح الحزب الشيوعي اللبناني مبادرة قوامها ان الحكومة اللبنانية فشلت لا بل تواطأت، ومن جهة ثانية ما زالت المعارضات اللبنانية في قسم اساسي منها عالقة باشواك النظام السياسي – الطائفي ذاته. ومن موقع الحزب الشيوعي الوطني الدمقراطي المعارض لهذه الحكومة وللنظام السياسي – الطائفي دعا الى حل يفسح المجال لتشكيل دولة وطنية دمقراطية في لبنان على اساس: (أ) اقامة حكومة انتقالية تنفذ البنود الاصلاحية في اتفاقية الطائف وتسعى بشكل جدي لالغاء الطائفية السياسية وتثبيت الحياة الدمقراطية في لبنان، (ب) حكومة مهمتها الاساسية مواجهة العدو الاسرائيلي ودعم المقاومة وصياغة سياسة مشتركة في لبنان تقودها الدولة وتشارك فيها المقاومة، (ج) مواجهة النتائج الخطيرة لمؤتمر باريس التي سوف تزيد الاعباء الاقتصادية – الاجتماعية على الشعب اللبناني. (د) تسعى لاقرار المحكمة الدولية (ذات الطابع الدولي) لكشف الحقيقة على اساس ان تكون هذه المحكمة فعلا لكشف الحقيقة وليس لتعميتها ولاستعمالها اداة في المعارك السياسية داخل لبنان او خارجه. (هـ) في الموقف من الفراغ الرئاسي يرى الحزب الشيوعي اللبناني ان الاولوية الآن، لوقف مسلسل الانزلاق نحو الفوضى والحرب الاهلية. وهذا الامر يتطلب التحرك نحو موقف وسطي حيال الاستحقاق الرئاسي، وبما ينسجم مع النصوص الدستورية ذات الصلة.

د. احمد سعد
السبت 22/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع