هبة أكتوبر على خلفية يوم الأرض



مرت ثماني سنوات على هبة أكتوبر ولم يحاسب المجرمون. أحقا...هذا هو هدفنا من أحداث أكتوبر؟ محاسبة القتلة المباشرين؟ أبهذا نكون قد أتممنا وصية الشهداء الـ 13؟ أبإلقاء القبض على ضاغطي الازندة نكون قد أخذنا بثأر الشهداء وأتممنا واجبنا تجاههم؟
أم أن سقوطهم كشهداء كان أسمى وأعظم من سقوط أية ضحية قتل أخرى على خلفية جنائية؟
هل هم شهداء أم ضحية عمل جنائي؟
لو اعتبرنا أن الثلاث عشرة زهرة الذين سقطوا في أحداث أكتوبر 2000 لا يتعدى قتلهم الجريمة الجنائية البحتة فهنا في رحلة البحث عن الجناة نصطدم بنوعين من الجناة، الظاهر والمخفي.
في النوع الظاهر هناك الرجال الذين قاموا بالضغط على الزناد، وفي المخفي مَن أعطوا الأوامر و/أو الذين قاموا بإرسال القناصة (تسميتهم تدل عن قصد مرسليهم وهو القتل).
من المهم ذكر محكمة أيخمان بهذا السياق بالذات. خط الدفاع الأساسي لايخمان عند محاكمته أمام المحكمة الإسرائيلية هو أن كل ما فعله لم يتعد تنفيذ الأوامر التي أمليت عليه من قبل مسؤوليه. احد ادعاءاته كان انه كان دائما يحاول مطالبة مرؤوسيه بنقله لوحدة أخرى لكن طلباته كلها قوبلت بالرفض.
المحكمة الإسرائيلية اهتمت بهذا الادعاء وطالبته بالإتيان بالبينة لكنه بالمقابل ادعى أن جميع تلك الطلبات تمت شفهيا.
المحكمة الاسرائيلية دحضت ادعاء ايخمان الأول بصدد الأوامر، إذ أن الجندي بتلقيه أمرا يخالف القانون الدولي عليه عصيانه. اما بصدد إمكانية تخفيف الحكم بسبب محاولاته نقله فقد دحضتها لانعدام الأدلة على طلباته تلك.
فعلا، المحكمة الإسرائيلية حاولت "تفهم" ايخمان لكنها أدانته في النهاية.
أنا أوافق على الإدانة تلك لكنني لم أكن لأوافق عليها لولا أن مصدري الأوامر قد لاقوا شر عواقب أعمالهم قبل ايخمان بكثير.
من المناقض للمنطق وللعدل أن تحاكَم البندقية قبل حاملها.
البندقية "مجردة" من المسبب النفسي للجريمة لان السبق والإصرار على جريمة القتل موجودان في عقل مطلقي الأوامر ومرسلي القناصة والشرطة ومزوديهم بأسلحة فتاكة.
رئيس الحكومة ووزير الشرطة وقائد الشرطة العام، السابقون، هم مدبرو القتل مع سبق الإصرار والترصد.
مناف للعقل والمنطق والعدل، محاكمة أو محاسبة أحد أيا كان قبل محاسبتهم، فحتى المحكمة الإسرائيلية مع ايخمان لم تقترف ذلك الخطأ.

 

لو شئنا النظر لثلاثة عشر ربيعا كشهدائنا, شهداء لقضية أسمى وأعظم من عمرهم المادي أو أعمارنا جميعا فنحن بالتأكيد بمحاولاتنا الجادة لمحاسبة ضاغطي الزناد برأيي قد أخطأنا الهدف.
في يوم الأرض استشهد ستة شبان من أجل وقف مصادرة أراضي دير حنا سخنين عرابة, ومن أجل عدم تحويلنا لحطابين وسقاة ماء ولأجل توحيد الصف في جبهة تضم كل الغيورين على الوطن.
وفعلا، أهدافهم السامية والخالدة تلك تحققت لذا لا نجد بدا من ملاحقة ضاغطي الزناد.
مجزرة كفرقاسم كان هدفها ترحيل أهالي المثلث أو على الأقل أهل كفر قاسم وما حولها من قرى, لكن الدماء الزكية حدت من ذلك المخطط.
مثيرا للإحباط أن أهداف سقوط المئات من أهلنا بالضفة والقطاع وسقوط الثلاثة عشر شابا عندنا في سنة 2000, لم تتحقق بعد لا بل يزداد الوضع سوءا.
اذا، علينا بالعمل الدؤوب على تحقيق أهداف ومطامح الجماهير، كل الجماهير ومن ضمنها كاتبة هذه السطور الذين خرجوا إلى الشوارع سنة 2000 ولاقوا الأمرّين من الشرطة وحرس الحدود تعبيرا عن:
 1. تضامنهم مع أخوتهم في الإنسانية ومن ثم في القومية من أهالي الضفة وقطاع غزة. 2. تعبيرا عن استيائهم من سياسات الدولة تجاههم.
كخطوة أولى لتحقيق تلك الأهداف، محاسبة القاتلين عن سبق الإصرار والترصد: رئيس الحكومة ووزير الشرطة وقائد الشرطة العام السابقين.
والخطوتان التاليتان هما العمل على تحقيق المطالب الشرعية للشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع ومن ثم تغير سياسة الدولة العنصرية تجاه المواطنين الفلسطينيين الإسرائيليين.

صفاء عبدو *
الجمعة 21/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع