عن الإفراط في التعويل على التدويل



أحد أهم أهداف الحملة العنصرية المدروسة على الجماهير العربية منذ مطلع التسعينيات - والتي بلغت ذروة عنفها ودمويتها في العدوان السلطوي بأدوات بوليسية على جماهيرنا في أكتوبر 2000 الأسود - هو عزل هذه الجماهير وتصفية وزنها السياسي وثنيها عن التأثير على القرار السياسي في الساحة الإسرائيلية.
ويتوجّب علينا الاعتراف بالنجاح، وإن كان جزئيًا، الذي حققته المؤسسة: فثمة أكثر من مؤشر على زيادة في انطواء الجماهير العربية على ذاتها. وبالمقابل، على تحوّل خطاب الترانسفير السياسي إلى تيّار مركزي في قلب المؤسسة الحاكمة.
والملحوظ في الآونة الأخيرة هو لجوء جهات كثيرة إلى آلية التدويل في قضايا الجماهير العربية المختلفة، بحق في كثير من الأحيان، لكن بدون منطق في أحايين أخرى. فنحن في أوج حقبة تاريخية لا يخرج فيها المجتمع الدولي وهيئاته عن طوع واشنطن وخادمتها تل أبيب. وحتى لو خرجوا، فالكل يتذكر مصير لجنة التحقيق التي بُعث بها إلى جنين عام 2002.
ولكن الأهم والأخطر، هو أنّ التعويل على "الفرَج الدولي" (على غرار "الفرَج العربي" إيّاه) قد يشكّل، في بعض الحالات على الأقل، بديلا للمعركة على تغيير المجتمع الذي نعيش فيه، والساحة السياسية التي نلعب فيها. وهي، شئنا أم أبينا، الساحة السياسية الإسرائيلية.
ليست هذه دعوة إلى إسقاط التدويل من جعبة خياراتنا، ولكنها تحذير من مغبّة الإفراط في التوقّعات الوردية وإهمال مواجهة المخاطر المحدقة بنا هنا، وليس في جنيف أو نيويورك.

رجا زعاترة
الجمعة 21/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع