بمناسبة اليوم العالمي للمستهلك



- الاتحاد الدولي لحقوق المستهلك يُطلق حملة علمية ضد الـ (Junk Food) –وجبات الأكل السريع.


- السبب : ضررها البالغ على صحة الأطفال.
- 22 مليون طفل تحت سن الخامسة يعانون من السمنة الزائدة بسبب هذا الأكل.
- الشركات الكبرى للأكل السريع والمشروبات الغازية والحلويات تصرف حوالي 13 مليار دولار على الترويج
 لمنتوجاتها.
 - ضمن الحملة الدولية تنظيم ندوات وورش عمل مع ربات البيوت وفي المدارس والمعاهد لتعميق الوعي على الأخطار الكامنة جراء تناول هذه الأطعمة.
 

22 مليون طفل يعانون من السمنة الزائدة وخطر الإصابة بأمراض خبيثة

بمناسبة اليوم العالمي للمستهلك وحماية حقوقه الذي يصادف في الخامس عشر من شهر آذار الحالي في كل عام، قرر الإتحاد الدولي للمستهلك وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية اخرى. إطلاق حملة دولية تستمر على مدار العام الحالي، تحت عنوان "من اجل تغذية صحية للأطفال"، تشمل هذه الحملة كافة دول العالم.

 

يدعو الإتحاد ضمن هذه الحملة الجمهور الى التوقف عن استهلاك الكل السريع المعروف باسمه العولمي الـ  (Junk Food) الذي يعتبر وفق جميع المقاييس العلمية التي اجريت عليه من الأطعمة الضارة وبشكل خاص للأطفال. تجري عملية إغراء هؤلاء المستهلكين من الأطفال وغيرهم بوساطة حملات الدعاية والترويج التي تقوم بها كبرى الشركات العالمية المتخصصة بهذا النوع من الأطعمة. وبذلك تكون نتائج هذا الترويج الإغرائي الذي تستعمل في إنتاجه احدث التقنيات،إصطياد المزيد من الملايين ممن يستهلكون وجبات الأكل السريع والمحافظة على من تم الإيقاع بهم حاليا، خاصة من حديثي السن.

 

معروف ان وجبات الأكل السريع هذه مُشبعة بالمواد الضارة ومنها الدهون والسكر والملح. ومعنى تناولها بإستمرار هو المزيد من السُمنه والترهل، ومن يُدمن على تناول هذه الطعمة يُعرض صحته للإصابة بالأمراض الخبيثة على حد خبراء منظمة الصحة العالمية. ووفق البحث الذي تم اعداده ويتناول معطيات العام 2006 تبين ان هناك 22 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من السمنة الزائدة والوزن الزائد، يضاف الى ذلك أنهم تحولوا الى "مدمنين" على استهلاك هذه الأطعمة التي ثبت أنها ضارة للجسم بشكل كبير.

 

* 13 مليار دولار للدعاية...

لا يتوانى اصحاب هذه الشركات العولمية عن إنفاق مليارات الدولارات في حملات التسويق والدعاية والترويج التي يقومون بها في مختلف دول العام من أجل "إقناع " المُستهلكين، خاصة صغار السن منهم لأنهم يقومون بابتزاز اهلهم والضغط عليهم الشراء هذا النوع من الأطعمة والحلويات والمشروبات التي يتضح فيما بعد بأنها ضارة للجسم، وغير صالحة للاستهلاك البشري، بسبب مركباتها غير الصحية والتي تؤدي كما ذكرنا سابقا الى السمنة الزائدة ومن ثم الإصابة بامراض خبيثة.

 

تكلفة الحملات الدعائية هذه وفق التقرير الأخير لمنظمة الصحة العالمية تقدر بالمبالغ التالية : 7.8 مليار دولار حملات دعاية وترويج الأطعمة المقدمة بوجبات سريعة، 4 مليار دولار تصرف على حملات الدعاية والتسويق للمشروبات الغازية، 1.1 مليار دولار تصرف على حملات الترويج والدعاية لمنتجات شركات الحلويات الخاصة بالأطفال وبذلك يصل مجموع ما تصرفه الشركات العملاقة لوجبات الأكل السريع والمشروبات الغازية والحلويات على برامجها الدعائية حوالي 13 مليار دولار.

 

الأمر الخطير في حالتنا هذه هو أن الشركات تصرف تلك المبالغ وهي تعي بأنها تقوم بتسويق مأكولات ومشروبات وحلويات تحتوي على نسب عالية من الدهون والسكر والملح وغيرها من المواد الكيماوية الحافظة والصبغات وما شابه ذلك والتي تسبب للمستهلكين خلال فترة الإدمان على تناولها وفي مقدمتهم الأطفال خطر التعرض للإصابة بأمراض خطيرة ومنها السكر والقلب والسرطان وغيرها. لكن الغاية تبرر الوسيلة كما يقول المثل والربح فوق أي اعتبار حتى لو كان يتعلق بصحة وحياة أطفال، والربح هو الهدف الأسمى ويعتبر بالنسبة لتلك الشركات اسمى من اي قضية إنسانية وهذا هو الجشع الرأسمالي بعينه.

 

حقوق المستهلك الثمانية

عندما تمت المصادقة على الميثاق الدولي لحقوق المستهلك في شهر نيسان/ابريل العام 1985 لدى هيئات الأمم المتحدة، بدعم المنظمات الدولية الناشطة في هذا المجال، تم التأكيد على ثمانية بنود تلخص حقوق المستهلك في عالمنا وهي : حق الأمان، حق الاختيار حق المعرفة، حق الاستماع الى آرائه، حق التعويض، حق إشباع الحاجات الاساسية ن حق التثقيف وحق الحياة في بيئة صحية.
لكن اين نحن من هذه الحقوق يا ترى؟ حيث نعيش حالة لا يجري فيها إحترام حقوق المُستهلك، بل حقوقه مهضومة في ظل عصرنا المعولم. ونجد ان المُستهلك – ايا كان – مسلوب الحقوق والإرادة وخاضع لما يجري تسويقه عبر الحملات الدعائية الترويجية التي تعرض البريق ولا نعي ما يختفى خلف تلك اللمعات التي تحملها لنا الدعايات غير المشروطة والتي تخترق حياتنا وخصوصيتنا في البيت والشارع على مدار 24 ساعة وفي كل مناسبة حتى المؤتمرات الرسمية والحكومية لا تخلو من بعض لمعات دعائية لهذه الشركة او تلك، بما في ذلك عرض تذوق منتجاتها على المشاركين.

 

هكذا اصبحنا مسلوبي الإرادة، بل خاضعين الى نوع من التنويم المغناطيسي التسويقي الذي لا نستطيع التخلص منه على ما يبدو في واقعنا القائم،الا اذا نظمنا صفوفنا وواجهنا هذا الهجوم الترويجي الذي يعمل على سلب إرادتنا وتحويلنا الى حالة من فقدان الوعي الدائم لصالح منتجاتها، حيث نقوم بخطفها كلما صادفناها في الأسواق. وبذلك تحول كل منا الى "اسير" دائم فاقد ارادة المقاومة امام اغراءات تلك الشركات، ليس فقط شركات الأطعمة والمشروبات والحلويات بل شركات التقنيات والهواتف الخليوية التي لا ندري حقيقة ومدى ضررها الصحي علينا، هذا عدا عن التكاليف المالية الباهظة التي نتحملها جميعا، فهناك عائلات تصرف شهريا على حديثها بالهواتف النقالة مبالغ باهظة وعندما يطرح السؤال لماذا لا تتوقفون عن استعمال الهاتف او تمتنعون عن شراء منتج ما يكون الجواب "لا نستطيع تعودنا... الأولاد لا يوافقون.."،أي أصبحوا أسرى في الشباك التسويقية التي نصبتها لهم الشركات من خلال برامجها الدعائية "الطاهرة الهدف" والتي "تمنح المُستهلك حرية الاختيار" على حد تعبير المسؤولين في البعض من هذه الشركات... !!

 

* المطلوب تطوير نظام عالمي توضع ضمنه ضوابط لحماية المستهلك

في ظل هذه الحقائق الصادرة عن مختلف الهيئات الدولية الناشطة في مجال حماية المُستهلك،نجد انها تكشف عن حالة من الإنفلات الذي يعني إنتهاكا فظا للميثاق الدولي الذي تمت المصادقة عليه من قبل مختلف الشركات، بدون ضوابط، لذلك علينا تطوير نظام عالمي من خلال الإتحاد الدولي للمستهلك والمنظمات الداعمة له يمنع مواصلة هذا الانفلات الاستغلالي الذي تنفذه شركات عولمية بل محلية ايضا، يجري من خلاله وضع ضوابط لتلك الحملات الترويجية المُنفلتة التي تعمل على خطف بصرنا وبصيرتنا ومن ثم مالنا وصحتنا.

 

 لا بد لنا من ان نعبّر عن تقديرنا للحملة التي ينظمها الإتحاد الدولي للمستهلك والتي تدعمها منظمة الصحة العالمية، وندعو الجميع للساهمة في برامج التوعية التي تهدف الى الكشف عن حقيقة الأخطار الناتجة عن "الإدمان" الخطير على تناول أطعمة الأكل السريع والمشروبات الغازية والحلويات، هيا لنمد يد العون لهذه الحملة بل هيا نساهم فيها ونضبط انفسنا عن الانزلاق الى إغراءات تلك الشركات، صدقوني اننا سنبقى احياء حتى بدون تلك المنتجات والمشروبات والحلويات الضارة، بل ستكون صحتنا – صحة اولادنا افضل بكثير مما هي عليه الآن... فهيا معا وبهمة عالية من اجل الترويج اليومي لمقاومة تلك الإغراءات.

جهاد عقل *
الخميس 20/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع