إلى المعلم ورفيق الدرب نافذ حنا.... وداعا



لقد مر أسبوع على رحيلك يا معلمي ومربي الأجيال الأستاذ نافذ حنا، أبو أشرف، رحل معلم الرياضيات، رحل واحد من أفذاذ تعليم الرياضيات، واحد من ألأذكياء العظماء في هذا المجال.
برحيلك تفقد قريتنا الرامة علما آخر من هذه الثلة والكوكبة العظيمة من "معلمي الرامة"، الذين قدموا الغالي والنفيس، أعطوا حينما قل العطاء، ربوا أجيالا منتصبي القامة، حافظوا على غرس الهوية الوطنية والإنسانية أولا، رسخوا معنى الانتماء الوطني، تبرعوا على حساب راحتهم لدعم طلابهم فعلموا أيام العطل لتعويض الطلاب ما هو غير موجود في مناهج التعليم الإسرائيلية، كي يعطوا طلابهم كل ما يستحقونه من العلم مؤكدين على ان العلم هو السلاح الوطني الأهم، الأقوى والأكثر نجاعة.
كنت سموحا ومتواضعا، سامحت من أساء إليك ولم تسئ لأحد، حتى لم تشك وتلم من أساء إليك، ببساطة كنت دائما كبيرا... ذا صدر رحب، كان الغرور عدوك، وطالما قابلت المغرورين بابتسامتك الساخرة.
كنت واحدا من الذين انصهروا في الخط الوطني والنضالي، كنت رفيق الدرب المتواضع، لم تتحدث كثيرا، طالما جلست على المقاعد الخلفية بهدوء، كنت كالمياه التي تغور إلى الأعماق.
كنت الجندي المجهول، لقد استفاضت كلمات التعزية من طلابك وزملائك في الحديث عن الجوانب المجهولة في حياتك العريضة، أحد طلابك قال انك استبدلت مقولة "من علمني حرفا صرت له عبدا" الى " من علمني حرفا صرت له صديقا"، شهادات وفاء ومحبة واعتزاز وتقدير نفخر فيها بك ويفخر شعبنا كله بأمثالك.
كنت شعلة من الذكاء وبعد عشرات السنين من تخريج الأجيال، فكرت كيف توسع رسالتك، كيف تبني طالبا مع "تفكير رياضي"، كيف تحبب الطلاب في موضوع الرياضيات، فقمت مع عدد من زملائك معلمي الرياضيات، في إنشاء "رابطة نشاطات الرياضيات"، التي تحولت إلى رافعة هامة لآلاف الطلاب من مختلف أنحاء البلاد، في تعلم موضوع الرياضيات.
نشاطك وعطاؤك المتواصلان استمرا حتى بعد أن عرفت أن مرض السرطان غزا جسمك، عملت ونشطت حتى أيامك الأخيرة، كان لقاؤنا الأخير في عرض مسرحية "ركب" وهناك دعوت الأصدقاء إلى التوقيع على عريضة الجماهير العربية لإقامة لجنة تحقيق في مقتل شهدائنا الأبرار، ودعتك وكانت البسمة على محياك.
انه من دواعي افتخاري واعتزازي أني كنت واحدا من تلاميذك، سنفتقدك دائما يا أبا أشرف، لكن ذكراك ستبقى عطرة دائما، وتعزيتنا بعائلتك الكريمة الزوجة، الأخت فاتنة والأبناء أشرف وشادي وعائلته، عزاؤنا بطلابك الذين ينتشرون في جميع أنحاء العالم ولهم، كمعلمهم بصمات واضحة وأياد بيضاء.

(الرامة)

فاتن كمال غطاس *
الخميس 20/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع