إعلام في خدمة الاحتلال والاستيطان



خلال الأشهر الماضية التي مرّت منذ مؤتمر أنابوليس الذي عقد من أجل "دفع عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين" حسب تسمية المنظمين، أي الإدارة الأمريكية، شهدنا ارتفاعًا حادًّا في البناء في المستوطنات القائمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقاحة كبرى في الإعلان عن مناقصات لتوسيع المستوطنات، وخصوصًا في المستوطنات المحيطة بالقدس الشرقية المحتلة، وفي الأحياء الاستيطانية في القدس ذاتها.
وتدل هذه النشاطات الاستيطانية على وقاحة إسرائيلية لا حدود لها، وعنجهية، تجعلها تزعم بأنّ السلام هدفها، إلا أنّ نشاطاتها على الأرض تدل على عكس ذلك.
إلا أنّ ما يمكن إضافته على هذه المعطيات، هو ان الإعلام الإسرائيلي، أثبت للمرة الألف ربما، انّه إعلام مجند، لا يمكن اعتباره "سلطة رابعة"، أو "كلب حراسة للدمقراطية"، كما يحلو للمدارس الإعلامية الرأسمالية تسميته، وذلك لسبب هام، هو أنّ وسائل الإعلام الإسرائيلية متساوقة بشكل لا يمكن استيعابه مع الممارسات الإسرائيلية الجائرة، الكارثية، لا بل داعمة لها بشكل منقطع النظير في العالم.
وقد كشف مركز حماية الدمقراطية في إسرائيل، "كيشف"، في تقرير أعدّه حول التغطية الإعلامية للنشاطات الإسرائيلية الاستيطانية، نُشر يوم أمس، أنّ الإعلام الإسرائيلي لم يمنح هذه النشاطات التغطية الكافية، رغم معرفته بأنّ هذه النشاطات تنافي الالتزامات الإسرائيلية ضمن خارطة الطريق، وتنافي الخطوط العريضة التي توصل إليها مؤتمر أنابوليس.
ويمكننا القول هنا، إنّ الانحياز الإعلامي الإسرائيلي إلى جانب النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية، عن طريق إخفاء هذه النشاطات عن الرأي العام الإسرائيلي، وبالتالي إخفاء الحقيقة عنه، ومنعه من النظر إلى الأمور على حقيقتها، واتخاذ القرار العيني حول موقفه منها، هو خيانة كبرى لكافة أسس مهنة الصحافة، ووضع هذه الأسس في قاع سلم أولويات وسائل الإعلام هذه، ورفع الانحياز غير المهني إلى جانب حكومة إسرائيل، إلى رأس سلم الأولويات، هو ضربة في الصميم لكل داع حقيقي للدمقراطية في هذه البلاد.

(الاتحاد)

الخميس 20/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع