نصائح خارجية لحكومة السنيورة: حوّلوا القمة منبراً للهجوم على سوريا!



بكركي لا تمانع التوافق على «قانون الستين» ... وبري يستعد للتحرّك بعد 30 آذار * الفيصل يريد قمة دمشق للحل اللبناني ... والمعلم للتضامن العربي ... وموسكو تشارك بتمويل «المحكمة» *

الكل في الانتظار... العرب ينتظرون معجزة توافقية لبنانية تجعل الرئيس التوافقي يحتل مقعده في قمة دمشق، واللبنانيون ينتظرون معجزة توافقية عربية تأتيهم برأس لجمهوريتهم ومعه بعض الترياق لباقي مشاكل الجمهورية المزمنة، وفي الأولوية منها قضية التمثيل السياسي «في حكومة الوحدة الوطنية»، كما نصت عليها المبادرة العربية.
وبين هذا الانتظار وذاك، يخسر اللبنانيون من رصيد يومهم وغدهم، ولا يكسبون إلا قلقاً يجعلهم أسرى فرص وأخبار وآمال... ضائعة ليس إلا.
وكلما مضى يوم على عمر الأزمة، كانت تنزلق هي و«صنّاعها» نحو عناوين جديدة، من رئيس لا يأتي وحكومة بتراء تصرّف الأعمال بأكثر مما كانت تعمل عندما كانت الأعمال بتصرفها، الى قانون انتخابي ربما صار هو جوهر القضية باعتراف الجميع سراً أو علناً.
وظلت قضية المشاركة اللبنانية والعربية في القمة العربية في دمشق في التاسع والعشرين والثلاثين من الجاري، محور أخذ ورد، فيما حسم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الموقف بترجيحه مشاركة جميع العرب في قمة دمشق، وقال إن تمثيل الرؤساء قد لا يكون بالإجماع.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة ان مشاركة لبنان في القمة كانت قد حسمت بنسبة عالية على هامش قمة دكار، في ضوء نصائح عربية لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة، خاصة بعد أن أصبح ملف العلاقة اللبنانية السورية جزءاً لا يتجزأ من المبادرة العربية في نسختها الأخيرة.
غير أن «إطلاق النار سياسياً» من بيروت حول هذا التوجه العربي للمشاركة اللبنانية، أدخل القضية في بازار السجال الداخلي، وهو ما عبرت عنه مجريات جلسة مجلس الوزراء التي ناقشت، أمس، على مدار ست ساعات عدداً من القضايا أبرزها مسألة مشاركة لبنان في ظل ميل لدى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ومعظم الوزراء إلى تأجيل اتخاذ القرار الى ما بعد 25 الجاري (جلاء مسألة الانتخاب الرئاسي)، وكذلك في انتظار بلورة نتائج المشاورات الجارية داخلياً وعلى الصعيد العربي والدولي.
وقد قرر مجلس الوزراء عقد جلسة جديدة لاستكمال البحث مساء يوم الثلاثاء المقبل (25 آذار) لاستكمال النقاش واتخاذ القرار المناسب، و»لكي يبنى على الشيء مقتضاه» على حد تعبير أحد الوزراء.
وقال مصدر وزاري لـ«السفير» إن وجهات النظر كانت متفاوتة حول قضية المشاركة أو عدمها، وكذلك حول الرسالة التي ينبغي إيصالها من خلال هذا القرار أو ذاك، ولكن جميع الوزراء اتفقوا على أن موعد 25 آذار «هو موعد مفصلي وحاسم وهام وبالتالي هناك اتصالات عربية ودولية، لأجل ترجمة المبادرة العربية انتخاباً لرئيس الجمهورية، فاذا تجاوزنا هذه المحطة واستمر التعطيل، سنناقش كيفية الرد، في موضوع القمة وكذلك في موضوع التوسيع الحكومي».
وأوضح مصدر وزاري آخر أن بعض العواصم العربية، وكذلك الجامعة العربية، «نصحت الحكومة اللبنانية بالمشاركة تاركة لها الحق باختيار من يمثلها، على أن تشكل القمة مناسبة لكي تعرض الحكومة وجهة نظرها في كل ما يتصل بملف العلاقات اللبنانية السورية الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من المبادرة العربية، بما في ذلك الترسيم الحدودي والعلاقات الدبلوماسية و«تهريب السلاح» وتعطيل «المحكمة» الخ...»!
وأشار المصدر الوزاري الى أن قضية الانتخاب الرئاسي ستتعدى بعد 25 آذار بعديها المحلي والعربي لتصبح قضية دولية بامتياز.
وفي موازاة استمرار تلويح فريق الأكثرية بإدخال تعديلات على وضع حكومة تصريف الأعمال باتجاه الترميم، وربما التوسيع، في المرحلة المقبلة، أكد سمير جعجع من نيويورك أن ناظر القرار الدولي 1559 تيري رود لارسن يسعى إلى تنظيم مؤتمر دولي من أجل لبنان، فيما قال الوزير ميشال فرعون إن التحصين أو الترميم سيتقرر بعد 25 آذار.
وقال مصدر وزاري في الأكثرية لـ«السفير» إن مسألة الترميم أو التوسيع ستخضع بعد 25 آذار «لمناقشة ودرس مع بكركي ومع قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان بوصفه المرشح التوافقي للجميع حتى الآن»، وأشار الى أن البطريرك الماروني نصرالله صفير كان قد ألمح الى أنه يؤيد كل ما من شأنه أن يفعّل عجلة العمل الحكومي ويسيّر أمور الناس.
وفيما رفضت مصادر مقربة من بكركي التعليق على هذه المعلومات اكتفت بالقول ردا على سؤال لـ«السفير» حول ما اذا كانت بكركي متمسكة بموقفها من قانون الستين (الرفض)، أجابت أن البطريرك صفير عندما سئل عن هذا الأمر بالتحديد أجاب مستنداً إلى رأي أعطي له، ولكنه ما زال منفتحاً على أي قانون يعطي للمسيحيين الحق بانتخاب معظم نوابهم بما في ذلك قانون الستين اذا كان الجميع يمكن أن يقبلوا به.

 

بري لـ«السفير»: لا مقايضة للقانون الانتخابي..

وسألت «السفير» الرئيس نبيه بري رأيه في ما يتردد عن إمكان إقدام الرئيس السنيورة على إجراء ترميم للحكومة من خلال تعيين وزراء جدد بدل الوزراء المستقيلين، فقال: أصلاً الحكومة الحالية هي لا شرعية ولا ميثاقية، وكل ما ينبثق عنها لا شرعي، وبالتالي ما يبنى على واقع غير شرعي وغير ميثاقي أكان بالتعيين ام بالترميم هو غير شرعي ونقطة على السطر.
واشار بري الى انه ينتظر ما سينبثق عن القمة العربية حيال لبنان، مع انه في ظل الوضع العربي الراهن لا يتوقع ايجابيات ابداً، على ان يبادر في ضوء ما يصدر الى تحرك في اتجاهات مختلفة لبلورة حل يخرج البلد من النفق.
وجدد بري التأكيد أن مسؤولية العرب كبيرة في هذا المجال، وعلى تصالحهم في ما بينهم يتوقف رفع الخطر عن لبنان. وأشار إلى انه ابلغ وفد البرلمان العربي ضرورة السعي في اتجاه تجسير العلاقات السورية السعودية. وقال إن بلدنا في خطر كبير، وما تزال المبادرة العربية تشكل مفتاحاً للحل، والمطلوب من العرب إنقاذ مبادرتهم، ومجرد أن يتصافحوا في ما بينهم، تهون المشكلة في لبنان ويتصالح اللبنانيون فوراً. مشيراً إلى الدور المهم الذي يمكن ان تلعبه مصر ومن موقعها الريادي في العالم العربي، بما يؤدي إلى فتح صفحة جديدة من العلاقات الطيبة بين دمشق والرياض، الامر الذي يرتد حكماً بالفائدة الكبرى على لبنان.
وردا على سؤال عن مصير جلسة 25 آذار، لم ينف بري إمكان التأجيل، ولكنه قال «دعونا لا نفقد الامل، فكلمة بتحنن وكلمة بتجنن، وحتى ذلك الحين يمكن ان يجتمع العرب على كلمة سواء، وكل ساعة فرج».
وفي موضوع القانون الانتخابي، قال الرئيس بري لـ«السفير» انه باب القصيد، ونحن لن نقبل بمقايضة القانون الانتخابي بموضوع الحكومة، واي طرح دون قانون الستين مرفوض من المعارضة جملة وتفصيلاً.

 

المعلم والفيصل.. وتفسيرهما للقمة!

وفيما نقلت وكالة «سانا» عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم تأكيده، أمس، «حرص سوريا على ان تكون هذه القمة قمة للتضامن العربي وتوحيد الرؤى والمواقف العربية لمواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية»، عبّر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن أمله في أن تكون قمة دمشق «قمة حل القضية اللبنانية».
واستغرب الفيصل في تصريح من الجزائر حيث بدأ زيارة رسمية، عدم حل الأزمة في لبنان، وقال إنه من «غير المفهوم لماذا تبقى مشكلة (لبنان) قائمة الى هذا الوقت، على الرغم من التدخل الذي حصل من كثير من الأطراف، خصوصاً من الجامعة العربية». وتابع «بالرغم من انها حلول عادلة قدمت لهذه المشكلة، الا انها ما زالت ترابط مكانها وتهدد بالتأثير السلبي على وحدة لبنان واستقلاله وسيادته على اراضيه».
وقال الفيصل للصحافيين انه سيسعى خلال لقائه مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من اجل الوصول «الى تصور مشترك حول كيفية الخروج من الازمة بأقل ضرر ممكن للبنان وبما يحفظ وحدة الدول العربية».
وأعلن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن مصر ما زالت تنظر في أمر التمثيل المصري في القمة.

 

كوشنير يستبعد الانتخاب

في باريس («السفير» ـ محمد بلوط) استبعد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في موعده نصف الشهري مع الصحافيين فتح ابواب البرلمان اللبناني في يوم 25 آذار، وبالتالي انتخاب رئيس للجمهورية قبل القمة العربية في دمشق، وقال «آمل ألا أكون مصيباً».
وسأل كوشنير «هل يجب أن نستأنف المبادرة بعد قمة دمشق؟ هل اللبنانيون مهيأون لاستقبال مبادرة جديدة؟ خصوصاً أنها كانت تتوجه إلى الجميع، هذه المبادرة التقطتها الجامعة العربية، لأن مبادرتها استرجعت مبادئ مبادرتنا الثلاثة ذاتها، وكنا قد توصلنا إلى اتفاق بين المعارضة والأكثرية حولها. هل تجب استعادة المبادرة؟ لا أعرف. يقال بصوت خافت إن هناك مبادرة فرنسية، أو فرنسية اوروبية، حيث لا مبادرة. ينبغي أن نقوم بشيء ما، لا أدري، لكني مستعد لذلك في كل الأحوال».

 

لافروف: لا رابط بين الانتخاب الرئاسي والمحكمة

بدوره، قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف عشية وصوله الى دمشق في مستهل جولة تشمل الأراضي الفلسطينية وتل أبيب إنه لا وجود لأي رابط بين قضية انتخاب رئيس لبناني وقضية المحكمة الدولية، وقال ردا على سؤال «إن هاتين المسألتين غير مترابطتين لأن القضية المتعلقة بانتخاب الرئيس اللبناني تعتبر قضية لبنانية داخلية، ومن المهم جدا أن يساعد أولئك الذين لديهم علاقات وثيقة مع هذه القوى أو تلك داخل لبنان على تقارب الأطراف بدلا من أن يحاولوا التأثير على كل من هذه القوى والأحزاب اللبنانية من الاتجاهات المختلفة».
وفي حديث الى محطة «روسيا اليوم» أضاف لافروف «نحن سنصر دائما على ضرورة التأثير الإيجابي على جميع الأطراف ذات الصلة ـ بما في ذلك سوريا طبعا ـ على القوى اللبنانية المختلفة. تحدثنا عن هذا الموضوع مراراً في اللقاءات مع أصدقائنا السوريين سواء على مستوى الرئيسين أم وزيري الخارجية. وتلقوا مقترحاتنا بهذا الخصوص بآذان صاغية. وأريد التأكيد مرة أخرى على أن حل القضية المتعلقة بانتخاب الرئيس يتطلب موقفا متشابها من قبل كل الدول التي تهتم كثيرا بقضايا لبنان».
واعلن لافروف ان روسيا ستساهم في تمويل المحكمة الدولية. 

الأربعاء 19/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع