تعليق (مترجم عن الانجليزية) حول قصيدة "جدّي" للشاعر كمال ابراهيم



إن قصيدتك "جدّي" تذكرني بسونيتا 73 لشكسبير التي يرثي فيها زوجته .

بالمقارنة بين القصيدتين يتضح أنّ كلا ً من شكسبير وكمال ابراهيم يعالجان موضوع الموت. ويبدو من المقارنة بين القصيدتين أن الشاعرين يعبران عن شعورهما وافكارهما حول الموت باستخدامهما طرق وأساليب مختلفة للتصوير والتعبير والى حد بعيد تخيلات واستعارات. هذا في الوقت الذي نجد فيه اساليب متشابهة للشاعرين في التعبير.

    إن كلا الشاعرين يقدمان استعارات قوية ترمز الى نهاية الحياة.

    الموت يبدو من خلال نفس الصورة " للأوراق الصفراء " العالقة على أفنان الأشجار التي تصمد أمام البرد الشديد .

 

    الشاعر يتحدث عن عمره وحياته بمصطلحات طبيعية وخيالية. " الأوراق الصفراء " ترمز الى الخريف وهو الفصل الذي يأتي في نهاية السنة . إن فصل الخريف هو استعارة للموت في جيل مبكر. بالرغم من ذلك بعد انتهاء الخريف يأتي الشتاء ليجلب معه بشائر الحياة الجديدة. أما الخريف فهو رمز للموت الذي يبعث الحياة من جديد .

    إن شكسبير يستخدم الفصول ويجسد من خلال قصيدته خريف حياته عشية الشتاء .

    شكسبير يكشف عن حزنه العميق بعد وفاة زوجته وربما هذه السونيتا تعبر عن نضال شكسبير عبر سني حياته .

    هذا في الوقت الذي يكشف فيه كمال ابراهيم عن حزنه بعد وفاة جده .

 

    بالرغم من التخيلات التي تعبر عن الموت والحزن فان شكسبير يظل متفائلا ً رغم فهمه لمعنى الموت . انه يملك فلسفته الخاصة للحياة والموت وهو لا يؤمن ان الموت نهاية الحياة . وشكسبير يؤمن ان حياة جديدة تبدأ بعد الموت وأن هذه الحياة تكون أطول من سابقتها. إنّ البيتين الأخيرين في السونيتا يلمحان الى ما يؤمن به الشاعر عن الحياة بعد الموت ، والقارئ يشعر بأن من يحب هذين البيتين يحب كذلك الشاعر . وهذا القارئ يدرك أن الشاعر وزوجته لن يبقيا معا ً لأن الموت آت ٍ عاجلا ًَ أم آجلا ً . ولهذا فإن القارئ يرضخ للواقع لأن الموت حق .

    إن شكسبير وكمال ابراهيم يتناولان تقنيات وأساليب متعددة تعبر عن موقفهما تجاه الموت . وللقصيدتين أوجه شبه عديدة واختلاف في المضمون والتفصيل وفي وجهة النظر والمبنى .

     شكسبير يفتتح قصيدته بالموت ويشير له بثلاث صور . الصورة تعبر عن الحزن الذي يشعر به الشاعر ولكنه في نهاية القصيدة ينتقل الى التفاؤل ويتحدث عن الحب بشكل أقوى وأطول ، الأمر الذي يقنع القارئ أن الأشياء الجيدة تأتي لاحقا ً بعد المعاناة والعذاب .

     الشاعر كمال ابراهيم بنى قصيدته بطريقة مختلفة عما فعله شكسبير وخاصة ً  في نهاية القصيدة . وهذا الشاعر يؤمن أن الموت مسيطر ودائم في الوقت الذي يعارض فيه شكسبير هذا الموقف ويرى ان الموت هو بداية لحياة أخرى وهو محطة لولادة جديدة . وهذا يعني أن الحياة لا تنتهي في لحظة الموت وتستمر قدماً.وفي هذه النقطة إن شكسبير وكمال ابراهيم يختلفان في الرأي إذ أن الأخير يبدو من قصيدته أنه لا يؤمن بالقيامة بعد الموت .

      القراء يعتقدون بان الموت هو النهاية ، وشكسبير يؤمن بأن الحياة تبدأ بعد الموت بشكل أفضل ، وكذلك يؤمن بموت الجسد أما الروح فهي باقية وأزلية .

      إن شكسبير يعتقد أن الموت من نصيب كل إنسان ولا يستطيع أحد النجاة منه ولكن على المرء أن يأمل خيرا ً بعد الموت خلافا ً لرأي كمال ابراهيم . وشكسبير يعلمنا ان الحياة ستستمر بعد الموت بشكل أفضل وأعظم في الجنة ،عكس ما هو عليه في الحياة الدنيا ، ويؤمن أنه سيلقى حبيبه في الجنة .

 

      كلا الشاعرين يفتتحان قصيدتيهما بنغمة حزينة ولا يتحديان الموت وكلاهما يعبران عن شعور صادق تجاهه ، وبعكس كمال ابراهيم فإن شكسبير يرشدنا كيف نتعامل مع الموت . ومع هذا كله فإن القصيدتين متشابهتين بشكل كبير وموقف كل من الشاعرين تجاه الموت غير مشجع ويفتقر للأمل ولكنه قابل للفناء والزوال.

زائر مغترب
الثلاثاء 18/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع