عدوان فاشي بغطاء رسمي



قبل أن تشن عصابات اليمين الاستيطاني هجومها الدموي على جبل المكبّر، تحت جُنح ظلام ليلة أمس الأول، كان "الشاباك" والشرطة أعلنا أنه "ليست بحوزتهما" معلومات تفيد عن وجود مخططات انتقامية بعد العملية في المدرسة الدينية، قبل نحو أسبوعين.
قبل ذلك، كانت أيادٍ "غير مجهولة" قد لطّخت مواقع في القدس بمناشير تدعو عناصر اليمين "لتحديد الخطر" والمبادرة الى الاقتصاص بشكل فردي. ثم نقلت القناة الأولى تفاصيل عن اجتماعات عُقدت في تلك المدرسة الدينية، بمشاركة حاخامات بارزين، طغت عليها الدعوة لتنفيذ عمليات انتقامية، من خلال تجاهل تام للقانون وأجهزته.
وقبل ذلك كله، تعرّضت وزيرة في حكومة اسرائيل الى محاولة اعتداء في المدرسة نفسها حيث واجهتها عناصر اليمين بالشتائم والتحريض، وخشيَ رئيس الحكومة نفسه من القدوم الى هذا الموقع.
فكيف لم تقرأ "شرطة القانون" وجهاز "الأمن العام" ما يختبئ خلف كل هذه المعطيات واضحة الدلالات؟
الحقيقة أن المشكلة لا تكمن في فهم المقروء، ولا في استعسار رؤية ما سينجم عن تلك السلسلة من الخطوات التصعيدية، والتي انتهت باقتحام جبل المكبّر رغم كافة "الاحتياطات البوليسية" المُعلنة. بل إن المشكلة هي أن تلك الأجهزة تتحرّك بتثاقلِ السلاحف، هذا إن تحرّكت، حين يكون ضحية التهديد عربيّ. بينما تراها تنفذ اعتقالات "وقائية" وتنشط في جمع المعلومات "الاستخباراتية" في صفوف العرب، حتى إن لم يكن هناك تهديد ولا يحزنون.
لقد ثبت مرارًا أن أجهزة حفظ الأمن وتطبيقه في اسرائيل ملوّثة بالعنصرية، كغيرها من مؤسسات السلطة. وهذا ما خلصت اليه بصيغة ما، أيضًا، لجنة التحقيق الرسمية في أحداث أكتوبر 2000، في تقريرها الواسع المفصّل.
لذلك سيكون ضربًا من الكذب الصفيق أن يدّعي أيّ جهاز رسمي اسرائيلي أن اقتحام أوباش اليمين الاستيطاني لجبل المكبّر قد فاجأه. لأن العنوان الدموي كان صارخًا على الجدران، فعلا واستعارة.
وللقارئ أن يتخيّل كيف سيكون الردّ من تلك الأجهزة التي يفترض بها تطبيق القانون، لو أن المهدِّد كان عربيًا. لا نحتاج لكثير من الخيال حتى نرى بالبصيرة مدى الضجيج والزعيق والتحريض عندها!
إن ما حدث قبل ليلتين في جبل المكبّر هو جريمة يمينية وقعت تحت أعين وأنوف الشرطة والشاباك، وهما يتحملان مسؤوليتها رسميًا، وكل ما يمكن أن يقع لاحقًا.
من هنا فالإدانة ليست موجهة الى اولئك الأوباش الاستيطانيين المعتدين فقط، بل الى من وفّر لهم الغطاء للعدوان، جرّاء تقاعسه الناجم عن تحيّزه العنصري المسبق ضد العرب عمومًا.

الثلاثاء 18/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع