"ولم أرَ في عيوب الناس عيبًا.."



في قريتنا كما في كل القرى والمدن العربية في هذه البلاد، وفي زمننا كما في كل الازمان اشياء لا يرضى عنها المرء، ولا يستريح لها الوجدان، سواء كان المعني بالامر والمراقب انسانا عاديا او انسانا مسؤولا، فنحن بحكم وجودنا وانتمائنا للارض وللناس مطالبون بالكثير من الاشياء لنريح ونستريح. والواحد منا يحتار احيانا بين الصمت والكلام، فلا الصمت يرضي ولا الكلام يرضي. ولكن حين نرى ان ارضاء الناس غاية وهدف فنختار الاصعب ولكن الاجمل ارضاء الناس ولكن على اساس الحق، والصدق والموقف السليم المبني على وقائع ومعطيات صحيحة ونحن بحاجة الى ادراك الحكمة من وراء كل قرار، او تصرف او ظاهرة تجعلها الحياة في الواقع والممارسة الى ان تزول، واحتياطا لكل قصور قد يحدث جراء نقص في المعلومات او عدم ادراك للغايات البعيدة من قرارات قد تكون حكيمة او غير حكيمة علينا ان نستصرخ ونبحث عن حل من خلال ذوي العلاقة والمسؤولية لنضعهم بمواجهة الواقع والمشكلة.
كثيرة جدا هي هموم الناس، وكثيرة اوجه معاناتهم، كالبحث عن العمل ولقمة العيش الكريم، والمسكن، والكثير الكثير من متطلبات الحياة. وجميع هذه القضايا تكاد ترتبط بمستقبل البلد ومستقبل الاجيال القادمة، وجميع هذه القضايا ممنوع اهمالها مهما كلف الثمن، فكل مجموعة اجتماعية ناشئة في جسم مجتمعنا تحتاج الى مقومات الوجود والحياة والتميز، وأسر كثيرة تتطلع ان تولد من رحم هذا المجتمع اين الاول الذي يكبر أمام الخريجين؟؟ اين الاول امام الشبان والشابات الذين يتكاثرون على ابواب المستقبل المغلقة؟! وأين معنى بذل العمر في خدمة البلد والوطن والمجتمع؟؟ وأين الانسان الذي يغير بالارادة والوعي والعلم والاقبال على العمل؟؟ كثيرة جدا هي الانجازات التي حققناها كجماهير عربية في هذا الوطن الذي لا وطن لنا سواه ولن يكون سواه، وكثيرة جدا هي المتغيرات التي واجهناها وكثيرة ايضا الاثمان التي دفعناها لمواقف قومية ونضالية، قدر الكثير منا ان يكون في هذا الموقع وهذا الموقف ونحن فرض لأنفسنا موقفا وموقعا يدفع عنا الشر والشريرين.
ولكن من اجل ان تستمر وتيرة المواجهة في تصاعد والحياة في تقدم لا بد من ان نواجه وقائع الواقع ومعطياته وخاصة على الصعيد الاجتماعي والتعليمي بمراحله المختلفة.
فمستقبلنا ومستقبل ابنائنا ومستقبل كل القضايا التي نتطلع الى حسمها لصالحنا رهن بمستقبل ابنائنا وبما نعدّه لهم وبما نهيئه لهم من ظروف العيش الكريم، والعمل المفيد، والعلم النافع والانتماء العزيز للارض والمجتمع والأمة والوطن، وهذا ليس علينا بصعب ولا بعيد.
ان القرية او المدينة هي الانسان الذي يعيش فيها وبان الوطن هو المواطن، والمواطن اينما حل وسكن يحمل هوية الوطن وهيبته وكرامته، فليكن لقرانا ومدننا من الناس ومن مواطنينا نصيب، وليس ذلك على القادرين بصعب ونحن قادرون، ورحم الله أبا الطيب المتنبي اذ يقول:
"ولم أرَ في عيوب الناس عيبًا
    كنقصِ القادرين على التمام"

(مجد الكروم)

محيي الدين خلايلة *
الأثنين 17/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع